بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 تموز 2023 12:00ص في السعادة

حجم الخط
الحياة شروق شمس وغروب. وسر النجاح فيها أن نحياها في تناغم وجود؛ أن نجعل كل موجة منها تغسل سويداء قلوبنا؛ أن نكفّ عن القلق مما يفوق إرادتنا. فالحقيقة لا تتغيّر تبعا لقدرتنا على قبولها قبولا إنفعاليا.
تنبثق السعادة من صميم الإنسان ومن تكيّفه مع الحياة. والقناعة هي نتيجة قبول وتواضع وعدم ابتداع مسرحية هزلية أو مأسوية لأنفسنا.
لكل شيء غرائبه، حتى الظلام والصمت. وحيثما نكون هناك نجد السعادة. أليست الجنة محفوفة بالعقبات والعراقيل؟ لو كانت السعادة هي الحياة بلا قلق لكان المجانين أسعد الناس. فلنقبل الحياة بلا قيد أو شرط لأن السعادة لا حدود لها.
لا نجاح بلا كد يمين وعرق جبين. أما إذا شاء أحدهم أن يخوض غمار السياسة فكرا وممارسة، فعليه أولا أن يقدّر أثمان قراره، ويتقبّل النقد البنّاء على أن يجني ثمار هذا النقد. سر سعادته في إقراره بقسوة عمله وفرح إسعاده الناس، لان السعادة المشتركة ازدياد في السعادة. الصياد يدرك ان البحر كواسر أمواج وعواصف تتفاوت في حجمها وسيرورتها. ولكنه لا يرى هذه المخاطر سببا كافيا للوقوف بمحاذاة الشاطئ شأن المتثائبين الذين يأخذون حمام شمس.
في كل حقبة تاريخية محاولة، من قبل أناس ما، لإقامة نظام عالمي جديد. ليس الأمر بدعة جديدة وإنما هو نزعة أبدية تنتاب هذه الجماعات أو تلك عبر العصور. فهل يدرك أصحاب النفوذ في مجاهلنا هذا الواقع، ويعلم المتناطحون على سلطة ليست سلطتهم، ان المرء الذي لا يرضى بأسباب الحياة وشروطها يبيع نفسه قبل نفوس ناسه في سوق النخاسة؟ فاذا أفلت شمس يومك بعد نهار طويل وحلّ الدجى، لا تغفل عن إشعال شمس قلبك.
ان جمال الروح لا يقوم على تحليق أعتى الطيور الجارحة بقدر ما يقوم على إدراك نوعية التكيّف مع الواقع المعيش والحد من نزوات الذات في سبيل احترام الذات فالآخرين.
شاء الغراب أن يقلّد مشية الحمامة، فانقطع نفسه إعياء وفَقدَ هويته. وهذا مصير كل من ترك معدنه فغشي بصره من شدّة بريق ليس له!!!

أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه