بيروت - لبنان

اخر الأخبار

23 كانون الثاني 2024 12:00ص في الصحافة الأدبية!

حجم الخط
سلخت خمسة وخمسين عاما، وأنا دائب في خدمة الحق والعلم والأدب، بمنتهى الجدّ والصدق والإخلاص، في كل الصحف اللبنانية (Jihad.Naaman.info/articles). عزمت على المضي في الكتابة شبه اليومية مهما جار الزمن وعظمت التضحيات، فالجندي الذي يريد أن ينتصر لا يعرف الهزيمة، بل يقتحم الهول، ويخوض عباب المخاطر وينتزع غار الفوز أو غار الخلود.
ما زلت على اقتناع تام بأن الكتابة رسالة لا مهنة، وان أصحاب الرسالات واصلون إلى بغيتهم طال الزمان أو قصر.
وكثيرا ما تحملني أجنحة الذكريات الى أيام الطفولة والفتوّة وعهد الصبا. فأشعر بنشوة تغمر روحي وترنح أعطافي زهوا ومرحا. وأتمنى من صميم قلبي، لو عاد بي الزمان إلى الوراء لأعيد الكرّة.
أكتب، إلى تدريسي الجامعي، في تواصل، وبعزيمة المؤمن بسمو رسالته، ونبل عقيدته، وقدسية واجبه الوطني والأدبي. الكتابة تحتاج إلى جهد كبير، ودأب وافر، وإيمان واثق بنفعها وفائدتها، وبتأثيرها القوي في ترقية الشعوب، وخلق الحضارات، وبناء صروح العزّة والكرامة، ومدّ الجسور القوية بين شعوب العالم، من خلال تضافر الثقافات والآداب بين تلك الشعوب.
تُقاس نهضة الأمة بمقياس أدبها وفنها وعمرانها ورقيّها. أما الأمة الوكلة الخاملة، فتهمل العلوم والفنون والآداب، وتعرض عن وسائل الثقافة وعوامل التجديد والابتكار حتى عبر التقنيات الإعلامية المستجدّة. الأدب الراقي مهماز المدنية، ومشعل الإبداع الفني. هذا ما نلمسه عند اليونان والرومان والفرس في أوجّ عزّتهم. وحين فقدوا ثروتهم الإعلامية الراقية تضعضعت مكانتهم وما لبث صرحهم هذا أن تداعى وأصبح ركاما فوق ركام.
الإعلام الأدبي يعزز القضايا الوطنية والاجتماعية ويؤدي فريضة إنسانية. والصحافة الأدبية ما زالت وسيلة مجدية في إنارة الأفكار وتفتيح العيون على آفاق الحق والمعرفة، وتوجيه الجماهير إلى وجهة الخير والتعاون المنبثق من صميم الإخوة الإنسانية، والمنبعث من روح المروءة والوطنية.
أنظار النافذين ومن إليهم في مجتمعاتنا خصوصا، تسعى اليوم وراء الأخبار الموالية للسياسة وتقلّباتها والجمعيات وخصوماتها. فاين الحكومات الرشيدة التي تضمن للصحافة الأدبية حقّها وكرامتها، فتسترجع، ولو في حلّة جديدة، عهد الانبعاث في أيام الرشيد والمأمون، ذلك العهد الزاهر الذي أجمع الباحثون والمؤرخون على تسميته عصر العرب الذهبي؟

أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه