بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 حزيران 2022 12:00ص في سبيل إنصاف المرأة!

حجم الخط
فُطر الإنسان على حبِّ الحياة، وحب الاجتماع ومنذ خلق الله الكون قسم البشر إلى رجل وامرأة، وكان لكليهما نصيب من هذه الحياة الاجتماعية، فالرجل منذ القِدم هو الآمر الناهي، هو المسيطر وهو ربّ الأسرة وراعيها، والمرأة هي الخادم المطيع والزوج الحنون وراعية الأسرة، ومدبرة شؤون البيت.
وصمدت المرأة خلال فترات العبودية، وتحمّلت قسوة الحياة وجبروت الرجل المسيطر، إلى أن جاء الإسلام وحرّرها من أغلال العبودية، وصارت الزوج التي تُستشار والمرأة الفاضلة التي يُعتدّ برأيها في الملمّات.. وثابرت المرأة في نضالها الاجتماعي، الى أن استطاعت دخول المجالس والمنتديات الاجتماعية، ومن ثم دخول المدارس والجامعات التي أهَّلتها لدخول الوظائف الحكومية.
واشتغلت المرأة بكيانها المادي والمعنوي وأثبتت جدارتها في مجالات العمل التي تناسب طبيعتها الفيزيولوجية والنفسية. هذه الطبيعة التي منحتها إياها القدرة الإلهية. فالمرأة اليوم كيان مستقل وشخصية ناضجة، مثقفة تستطيع أن تجادل وتناقش وتعطي رأياً سديداً في مجالات اختصاصها.
كل ذلك هيّأها لكي تدخل المجالس البلدية ومجلس النواب ومجالس الوزارة لتدعم كيانها كأنثى قادرة على مجابهة عاتيات الدهر وقسوة الحياة. فلماذا لا يزال مجتمعنا ينظر الى المرأة كإمرأة غير قادرة على رعاية نفسها؟ أليس في إمكان هذه الإنسانة الموظفة الناجحة في ميدان العمل أن ترعى نفسها وتحافظ على كيانها؟ سؤال يراودني في استمرار عندما تسقط في أذني بعض الكلمات من أناس لا يزالون يعيشون في العصر الحجري بعقولهم وتفكيرهم الذي يقول: يجب أن يكون إلى جانب المرأة رجل يحميها ويرعاها.
هذا لسان حال الإنسان الرجعي، وكلامه باطل، فالحقيقة أثبتت العكس لأن هذ الإنسان الرجعي يترك منزله صباحاً من غير أن يعرف ما يحتاج إليه بيته ويعود ليقول لزوجته: ماذا هيّأتِ لنا من طعام؟ هذا الإنسان الأناني يريد تأمين حاجاته وهو خارج المنزل، ومن غير أن يكلّف نفسه مغبّة السؤال عما يحتاجه أولاده، ويعود ليطلب متعته بإملاء معدته من أشهى المأكولات..
هل تراه يرعى أسرته؟ أم يرعى معدته وراحة باله؟ في بلاد النّاس، لا ينظرون إلى المرأة نظرة تشييئية، فهي بكيانها وشخصيتها وممارستها الجدّية للحياة الاجتماعية، تستطيع أن تملأ وجودها بكل ما هو مثمر هادف، وتحافظ على نفسها وترعى كيانها مستقلة استقلالاً تاماً.
المرأة الفاضلة، تدخل مجالات الحياة الاجتماعية وتتجلّى راقية بأفكارها، ممتعة بأحاديثها، رائعة بأناقتها، جميلة بابتسامتها. وقد أَفردتُ لها فصلاً طويلاً في كتابي الثالث والخمسين الأخير بعنوان «فلسفات الثورة» (المكتبة البولسية/ جونيه).
حقّاً، في غير مجال، ان للمجنون مزيةً على العاقل، هي انه دائماً راضٍ عن نفسه!.. فإلامَ ضلالنا واستكبارنا الأرعن؟ فالمرأة العربية تساهم في خدمة أوطانها مساهمة كبيرة فعّالة، فتراها متطوعة في كل عمل إنساني - وطني، ومندفعة الى كل مشروع جليل، ومنضوية حتى في صفوف العسكر في حماسة وإيمان. فلننصفْها في النفوس قبل النصوص!!
أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه