بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 شباط 2024 12:00ص قالت وقال

حجم الخط
قالت: كنت أودّ قول الحقيقة.. وأن أصرخ في وجوههم، ما دمتُ خارج لعبة القبائل السيئة الذكر وما دمتُ مؤمنة بحق الإنسان في الحياة التي يختارها.. لكن الأسوار ارتفعت.. أصبح التنفّس صعبا.. والحل الوحيد أمامي أن أتحوّل الى مجنونة في غابة الجنون.. لأنني أرفض أن تتحكّم بي تقاليد وعادات ومظاهر أكل الدهر عليها وشرب، وأنا أرفض التحجّر، لأن الشمس تشرق من قلبي وتحدثني كل صباح عن الحرية والعدالة.. صدري الصغير ما عاد يتّسع لغير الحب.. أحنُّ الى طفولتي، أتمنّى أن أعود غضة صغيرة تلهو في الغابة وقرب البحيرة، لكنني سئمتكم جميعاً وسئمت مخططاتكم وألاعيبكم وسأعمل أردد: «أكرهكم جميعاً وأرفض الحوار..»، فأنا لست مثلكم، لأنني الأحلام الحلوة والياسمين والورد.. أنا شجر الدفلى والفراشات وزهر اللوز والليمون وأغصان الزيتون.. لكنني مع ذلك الغريبة الوحيدة في هذا الوطن.. قال لي معلمي مرّة: «أرى في عينيكِ فجر المستقبل وفي طيبة قلبك خصب الوجود الدافق والمتجدّد، لكن لن يفهمكِ أحد ولن يُصغي إليكِ أحد, فامضي وحيدة..»، لم أفهم قوله وقتئذ، ولم أجبه بكلمة واحدة، ولكن الأيام أجابت وما يزال الحزن رفيقي الوحيد في هذه البلاد التائهة في صحراء لا حدود لها!!

*****

قال: ما أبشع تناثر الضوء على وجه المدينة البائس، كأنه اللحن الرتيب في سيمفونية جنائزية محبطة للأماني والأمال... لا أدري الى متى سيظل يُمارس علينا هذا الإنهاك النفسي والإحباط المعنوي.. ونحن مثل الطفلة الجميلة «أليس» التي حلمت كثيراً بغابات وعصافير وأرانب وأزهار وفراشات وأكواخ... لكن في ليل لم تنتظره أبداً هاجم حكاياتها الأشرار.. إغتالوا أحلامها الوردية.. هي التي كانت تتمنّى الخروج إلى العالم من حلم جميل الى حلم وقصة أجمل، كأنها الخيط الرفيع الفاصل بين ليل الأماني وشروق شمس النهار... كانت البراءة والموسيقى الهائمة في دنيا لا تشبه دنيانا.. دنيا الحروب المتنقلة والصواريخ العابرة للقارات والطائرات التي تدمّر بيوت الفقراء وتحرق غاباتهم وسهولهم.. حين رأت ما يفعله إنسان هذا الزمن؟ وكيف يُخرّب كل شيء على وجه كرتنا الزرقاء الجميلة.. من يومها بدأت تقصّ علينا حكايات «أليس في بلاد عجائب السادة».