بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 نيسان 2023 11:39م كونشيرتو لعبور النهر.

قراءة في ديوان "كونشيرتو لعبور النهر" لمعالي الدكتور الأديب والشاعر طراد حمادة.

حجم الخط

الكونشيرتو كلمة إيطالية مصدرها لاتيني "كونسرتار" وتعني عزف موسيقى كلاسيكي لآلة او اكثر وقد بدأت هذه التسمية في عصر الباروك.

وهنا تعني عزف الوجود مقطوعتة او سيمفونيتة المنسجمة والمتناغمة لدى عبور النهر.

والنهر كما هو معروف لدى المتنورين والمتصوفين وغيرهم يرمز الي الحياة في جريانه وانسياب مياهه وتدفقها وتجددها...

وبذلك يجتمع عبور النهر (الحياة) مع موسيقى الحب المنسجمة والمتناغمة ليرسم المؤلف أجمل اللوحات بمفرداته الغنية والسهلة المنسابة ، وأروع تعابير الغزل(أنا المسحور من خال على الخدين، ومن كحل على العينين) والحب(تعلمت من سحر عينيك دروساً في الغرام وتعلمت من شفتيك كيف يشرب الصوفي من ابريق مولاه) والشغف والعشق مع بانوراما لعناصر الطبيعة (السهول، الجبال،القمم والسفوح، النهر، الغابات، الضفاف، الصحاري الورود اغاني الطيور) حيث يمتزج كل هذا مع الحب، الغزل والشغف، الشهوة والإثارة(وعروسه النائمة دون غطاء يظهر جسدها ويفصح الجمال عن نفسه)

- كلما تساقط مطر على قميص الحسناء يثمر شجر الكرز وينضج ثمر الرمان-

الرقص والتأمل ولا يخلو كله من نفس فلسفي وجودي يتحدث من خلاله عن: الوجود و العدم؛ مرور الزمن على الانسان

ويأتي على ذكر سهل البقاع ونهر العاصي( الذي ترك اثره الكبير في نفس الكاتب كونه ترعرع على ضفتيه). وحمص ومقاهيها المترامية على ضفتيه ايضاَ ويرسل رسالة عبر النهر لديك الجن الحمصي(شاعر عباسي من حمص كان يحب النساء والخمر وكتب فيهما الشعر) ، يذكر حلب ودمشق ومصر ونيلها ثم الصحراء والعراق باريس"سان جرمان" ونهر الغانج في الهند......

إضافة إلى ذكر معلمي الحب :عمر بن الفارض وجلال الدين الرومي(الدوران) وشمس الدين التبريزي، روميو وجوليت، انطونيو وكليو باترا أدونيس وعشتار ، قيس وليلى، شيرين وفرهاد،القديس فالنتينو وقيثارة اورفيس الذي لحن لزوجته يوريديس أروع الألحان (هو شخصية أسطورية من الميثولوجيا الإغريقية) .

إضافة إلى الثقافة القرآنية الظاهرة في شعرة حيث وردت عدة كلمات من سور قرآنية استعملت في الصور الشعرية(كسراب يحسبه الظمآن ماء) او (دهاقاً)

وقد لفتني قوله"الصمت حكمة الكلام

والسؤال حكمة الجواب

والحب حكمة القول"

الكاتب لديه ثقافة شاملة وعميقة وغنية إضافة إلى كم هائل من المعرفة يظهر جلياً من خلال قراءتك للديوان؛ في احيان كثيرة تكون مضطراً للبحث عن معنى كلمة وردت في شعره او اسم مجهول أتى على ذكره.

مثلاً "أسفار السيمرغ" وهو طائر خرافي ورد ذكره في ملحمة الشاهانامة للفردوسي الفارسي كما اتى على ذكره كثيراً فريد الدين العطار في ملحمته الشعرية "منطق الطير".

او صوت الأورنت (خرير مياه العاصي)

طير القطا، أغاني تروبادور (شاعر او موسيقى اندلسي كان يغني على أبواب الملوك وتعني بالعربية "طرب" و "دور")

إضافة إلى العديد من الأسماء الفريدة.

ويختم الديوان بالقول:

"أحتاج لعبور النهر إلى موسيقاه

سماع الغابة لا يكفي

اصغي إلى صوت اللجة

يلاطف ورق الصفصاف وجسدي العائم

حتى كأني في رحم الكينونة هو الخلق الصادح

في أنغام وجودي

كونشيرتو عبور النهر

سِفرُ الماء إلى الماء."

كاتب وباحث.