بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 آب 2023 12:00ص ليل الحالمين

حجم الخط
قال بأسى: أيّتها العيون في هذا الليل، مرّري سحرك.. أشعلي لهيب القلب.. ربما تستيقظ أميرة النهار، فقد أضناني التسكّع في دروب العمر بحثاً عن وردة لا تذبل ولا تموت.. وردة لا تبكي عليَّ ولا أبكي عليها.. وردة تمسك يدي.. تجعل قلبي يدقّ مرتين. تروي لي قصصاً وحكايات.. تجعلني أسمع صوتاً جميلاً.. صوتاً يؤنّبني ويقول لي: عليك أن لا تمضي العمر لوعة إثر حسرة.. استيقظ يا رجل.. السماء ما تزال تبحث عن غيومها الضائعة ولم تيأس.. أمواج البحر لم تهرم.. وما زالت الأشجار تموت وهي واقفة وما فاضت عيناها بالدموع.. إبتسم كفاك تجهماً.. لا تدع الرياح المجنونة تتلاعب بك.. غادر هذا النفق.. هذا النفق لا نهاية له.
***
كان البدر مضيئاً وكانت الأفكار تُثير في نفسه الحزن والقلق.. كان البدر مضيئاً، لكن الغضب راح يهزّ جوانحه وجوارحه، لأنه يريد أن تعود إلى السماء زرقتها، وأن يودّع الغروب شمسه وهي تعانق بلطف وحنان بحرها.. يريد أن يقطن في قلبه الأمل، حين يسكن الليل ويبتسم القمر ويفوح عطر الياسمين وترقص الأساور والخلاخيل.. لتعود الأرض إلى الدوران ويعلو صوت الشعر، فيضيء الفرح الوجوه المتجهمة.. يملأ الربيع الدنيا حباً وحبوراً.. ينسكب الناي بوحاً.. تغرّد الطيور.. يقهقه الأطفال.. لحظتئذ يتسلّق غيم الأحلام.. يراقص أنوار الشمس.. يعود الدفء إلى قلبه..
***
أكاد أنفجر من هذا الوطن - الصحراء.. ولأنني أعيش هنا، صرت أبكي بلا سبب وأحلم أحلاماً مرعبة، حين أقرأ الصحف..أُحسُّ بضيق ووحشة لا أعرف كيف أفسّر إحساسي هذا.. هنا يتكاثر الأخوة «كارامازوف» أو الأخوة الأعداء بشكل عجيب، هذا ما حدّثنا عنه تاريخنا القريب والبعيد.. البرد بدأ يتسلل إلى الغرفة.. مددت يدي إلى الطاولة.. حملت رواية «التائهون» لأمين معلوف، ورحت أقرأ صفحاتها الأخيرة.. مضمونها لم يتغيّر، لأننا لم نتغيّر وربما لن نتغيّر!! أشعر أن حزني يفوق التقدير، لأن ما عشناه بالأمسين القريب والبعيد يتكرّر ويتكرر كلّ عقد من الزمن!! غريب أمر هذه البلاد لأنها هجّرت زينة شبابها وتحوّلت إلى دار للمسنين!
هنا لا أحد يبتسم..