بيروت - لبنان

اخر الأخبار

17 تشرين الأول 2023 12:00ص مختار النمل

حجم الخط
خرج النمل من الوكر عندما شعر بحرارة الشمس الصباحية، وأخذ يبحث عن المؤونة التي يدخّرها للشتاء. وكان مختار النمل واقفا يراقب جيوشه كأنه قائد عظيم!
فجاءت إليه صاحبة البيت وقالت: لماذا لا تزجر نمالك أيها المختار، فإنها النهار كله تروح وتجيء وتزعج الناس، وقد تصل إلى حيث نضع القمح فتنقله الحبة بعد الحبة؟ ألا يجب أن تردعها لئلا تكون سببا للأذى والإزعاج؟ فأجابها مختار النمل: لماذا تفكرين في النمال أيتها المرأة وعندك في البيت كل شيء مهمل لا تفكرين فيه.
المرأة: ماذا تقول؟
المختار: أقول الواقع، وها إنني أحصي لك ، فإن أمك في سن الشيخوخة تحتاج إلى من يعتني بها وقلّما تقدمين إليها شيئا.
وهذا طفلك يبكي من عدم الوقاية وقلّة الغذاء وقلّما تفكّرين في تجنّب ذلك.
وهذا زوجك رجع من الحقل تعبا مضنى يحتاج إلى كلمة تعزية تخفف عناءه، فلماذا لا تقومين بذلك؟
وهذا الثور حرث لكم الأرض طول النهار والى الآن لم تقدمي له العلف، ولو كان له لسان لشكى وبكى أكثر من شكواك مما يفعله النمل.
وهذا الحصان الذي تقطعون به المسافات وتتسلّون، هو مربوط وليس من يعتني به.
وهذا الكلب يحميكم ليلا من هجمات اللصوص، فإنه عطشان من ساعتين ولا يجد من يضع أمامه الماء.
هكذا، أخذ مختار النمل يعدّد لها كل مقتنياتها ويظهر لها تهاملها وفتورها، والمرأة تسمع كل ذلك صامتة.
ثم قال مختار النمل:
ما أظلم الإنسان! فإنه يذكر حبة قمح يأخذها حيوان ضعيف، ولربما رغيفا يسترقه فقير. ولا يذكر أنواع المظالم وضروب الاستعباد التي يتسبب بها لأخيه الإنسان قبل الحيوان في كل يوم بل في كل ساعة.

أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه