بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 تشرين الأول 2023 12:00ص من مظالم الدهر

حجم الخط
في هذه المعمعة المروّعة، يقضي في كل يوم على أرضنا والجوار، عدد من الضحايا، راضين مبتسمين أحيانا، متيقنين أنهم يقدمون أجسادهم، ويبذلون نفوسهم، على مذبح الواجب والشرف... بيد أن هناك أيضا رجالا يموتون ميتة مؤلمة، وأطفالا يئنون ويتوجعون بين براثن الفاقة، ونساء تغمد في صدورهن حراب البؤس والأحزان الى أن تودي بهن. وهكذا تستسلم هذه الفئة البريئة، إلى أحكام الحمام، وتنطرح جثثا باردة، تحت أقدام الأنانيين والمحتكرين وأرباب الجشع والطمع.
أيها الأناني الظالم ممن هم في صفوف النافذين المتسببين بأمثال هذين المصيرين القاتلين، أراك تسير إلى المجتمعات، والى أماكن العبادة والصلاة - التي هي أساسا صلات سوية بالله والآخرين - متظاهرا بالتقوى وحب الخير والاحسان، في حين ينهش الاستئثار قلبك، ويتلهى بما بقي من ضميرك...
أيها المحتكر في ثياب الحمل، والذي تلاشت من فؤاده الرحمة والاشفاق، وأعمت الأنانية عينيه، عن النظر إلى اخوانه البائسين، وسدّت أذنيه، عن سماع صراخ الجائعين المتقلّبين على جمر الطوى والحرمان، ترفّعا منهم عن ذلّ السؤال، أما كفاك ما جمعته بعرق العامل ودم الفقير؟ أما أرهقت كاهليك أعباء أموال غنمتها بالغش والخداع وتعذيب الأرامل والأيتام، حتى تدأب في الإمعان في جمع ألمال وما إليه من غير الطرق المشروعة؟
تدارك أمرك أيها النافذ المحتكر، واقلع عن نهمك، واشمل اخوانك البشر بالرفق والحنان، ارحم الإنسانية في عزّك وجاهك، لترحمك يوم شقائك... رد إلى ضميرك الحياة، يرجع إلى قلبك العطف والشعور، وتحرر من عبودية الطمع، وبشّر برسالة الاخاء والرحمة، وقمْ إلى العمل بضمير حيّ نزيه، وأذكر دائما أن الدهر يومان، يوم لك ويوم عليك.

أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه