بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 كانون الثاني 2019 12:13ص هل دور العرض التشكيلي التي أقفلت أبوابها عام 2018

تعادل دور العرض التي أنشأت من جديد وفتحت أبوابها هذا العام؟

لوحة للفنانة التشكيلية باسمة بطولي لوحة للفنانة التشكيلية باسمة بطولي
حجم الخط
يلعب الفن التشكيلي دوره المهم في خلق الأبعاد التعبيرية المجتمعية واحتياجاتها البصرية لتنمية  الحس الذوقي عند الأفراد. اذ تساهم المعارض التشكيلية بتنوعها في خلق تعزيز المشاركة الفنية، إن من خلال المساحات المتنوعة ديناميكيا بمدارسها الفنية واسواقها التشكيلية المساعدة على ايجاد المتنفس الحقيقي لسوق هذه المعارض التي تؤكد كل عام على وقوفها الى جانب الفن كالنحت والتركيب الفني والفن المعاصر المعتمد على الحركة بشكل عام، والتشكيلي بشكل خاص ، وان ببطء شديد إن صح القول. الا أن دور العرض في لبنان ما زالت مستمرة رغم ضغوطات السوق التشكيلية العالمية  المؤثرة نوعا ما على دور العرض الصغيرة والمحلية. فهي ما زالت تساعد في نشر اعمال الفناين ليس فقط في دور العرض،  وانما ايضا عبر الاعلام المنفتح على القضايا التشكيلية، والتي اصبحت تتشكل غالبا عبر الفريق الاعلامي الخاص الذي  يواكب متطلبات السوق العالمية والمحلية،  وتكون هذه الفرق ودور العرض معاً هي  جسر التواصل الحقيقي بينها وبين الفنان الذي يمر بالكثير من المتاعب منذ ان ينتهي من اللوحة الى وصولها دور العرض، ومن ثم مفارقتها او الاحتفاظ بها في مستودعات بانتظار المعارض الاخرى. فهل من دعم لدور العرض التشكيلية في لبنان، (الدعم اللوجستي كحضور طلاب المدارس وتعميم الدعوات الى المراكز المهمة كالبنوك وغيرها) وهل دور العرض  التشكيلي  التي اقفلت ابوابها عام 2018 تعادل دور العرض التي انشأت من جديد وفتحت ابوابها هذا العام؟ 
ينظر الناقد الى الفن التشكيلي الذي يأخذ عدة انواع مختلفة الى فهم المزيد من الأفكار التي يبثها ثقافيا وفنيا ومن حيث اهميته الذهنية والعقلية والوجدانية اضافة الى استخراج الموازين والنسب الذهبية، وما حدث في الماضي ويحدث الان وما سيحدث لاحقا ، من تخيلات لنتائج يتصورها الفنان  حول المجتمع والحياة ، ربما هذا جعل من السوق الفني للفنان السوري في لبنان يتراجع نوعا ما بالقياس الى ثورته التشكيلية في لبنان والدول المجاورة في السنين السابقة،  فلم نشهد هذا العام  لوحات لفنانين سوريين بكثرة كما شهدنا سابقا.  ربما لأن اللوحة السورية منها ما انحسر ومنها من وجد السوق الاقوى في البلدان الغربية التي لجأوا اليها فمنها من استقر في بيروت وعرض في معارضنا ومنها من غادر او تقوقع بين تجارة اللوحة وجودتها. الا انه لم يخلو الامر من المعارض الخجولة للوحة السورية في لبنان هذا العام. فهل تميزالفن التشكيلي في لبنان عام 2018 ام انه ثار في بيروت آرت فير وهدأ بقية العام؟ 
بيروت آرت فير بصالات عرضه الواسعة  من فرنسا وسويسرا وايطاليا والولايات المتحدة الاميركية  وبلجيكا والمانيا وفلسطين وارمينيا وساحل العاج وبيلاروسيا ومصر، وملحق بيروت ارت ويك بات يستقطب الانظار كل عام حتى يمكنني القول أنه يختصر المشهد التشكيلي برمته كل عام. لانه لا ينسى الكشف عن المواهب اضافة الى جائزة بنك بيبلوس للتصوير الفوتوغرافي في لبنان والعروضات السينمائية في الهواء الطلق المرافقة للفن التشكيلي وهذا يمنحه الروح التي تجمع فنيا الزائر والمتلقي والفنان في سوق واحدة ذات فوائد متعددة ولكن الى اي مدى يؤثر ذلك على صالات العرض خلال بقية العام؟
اطلق الفنان شوقي شمعون ما يميزه دائما هذا العام من خلال معرضه في غاليري  مارك هاشم المعتمد على تحديثه اللوحة وفق الجاذبية البصرية وثقل المادة،  كما تميز  الفنان البريطاني «ناثانيل راكو» في غاليري (ليتيسيا آرت)، والفنان  «عياد عرفة» الذي اتى شخصيا من القدس الى بيروت   لحضور معرضه في غاليري زمان «لما فيه من تناقض ايجابي بين نضج الموضوع وصرامته  وحيوية المعالجة  وشبابها» كما يقول مدير غاليري زمان « موسى قبيسي»  الذي اثنى ايضا على معرض  «اماندا بوريل» من بريطانيا المسؤولة عن المركز الثقافي البريطاني  في بيروت لمدة طويلة. فهل بيروت آرت فير استفز اصحاب المعارض لأستقطاب فني من الخارج؟ أم انهم اعتمدوا على التلاقح التشكيلي بين لبنان والخارج؟ وهل يستمر ذلك عام 2019 ونشهد حركة تشكيلية ونحتية واسعة اضافة الى الفن المعاصر؟ 
متحف سرسق وقصة شجرة الكاوتشكوك للفنان اللبناني عبدالقادري والمنظور المترابط بين الشجرة والبيوت المهجورة. اضافة الى فيلا عودة  ومعرض بيروت مدينة التعايش للفنانتين لينا وهيلدا كيليكيان وغاليري اكزود  الذي بدأ العام مع الفنان أنطوان مطر، والفنانة باسمة بطولي، والفنان نبيل وهبي، ويولاندا نوفل، وجوزيف فالوغي، والتنوع الذي يضفي على الوجوه اللبنانية ميزة الفن في صالة قادرة على الاحتواء والاهتمام والاحتضان ان صح القول لمواكبتها احتياجات الفنان والمتلقي معا. 
اما غاليري اجيال المتلاحم مع غاليري صالح بركات، فقد استضاف في الأشهر الأخيرة من العام اناشار بصبوص ومعرض النحت لمادة الحديد وديناميكة الاسلوب عند اناشار بصبوص الذي يسخر هذه المادة في النحت، وفي ذلك يقول صالح بركات: «نحن نركز على الفنانين اللبانيين ولا نهتم باستيراد فنانين من الخارج  بقدر ما اهتم بابراز الفن على الساحة البيروتية، رغم اننا عرضنا لفنان عراقي وفنانين سوريين،  لكن هم يستقرون في بيروت. بالنسبة لي الهم الاكبر ان ابرز الساحة البيروتية كمنصة ابداع ومع ذلك عرضنا من غير اللبنانيين سيروان باران، وانس البريحي، وسمعان خوام» باستثاء ذلك برنامج عام 2018 الحافل بالأسماء ذات الشأن الفني المرموق، ان في غاليري صالح بركات او غاليري اجيال كان حافلا.
كما اقيم في لبنان هذا العام العديد من السمبوزيومات  الا ان اهمها هو سمبوزيوم بعلبك الدولي الذي اقامته رئيسة جمعية الفنانين اللبنانيين ديما رعد بمشاركين من المكسيك والارجنتين ومصر وفلسطين وغيرها من البلدان. فهل اقتصر النحت هذا العام على سمبوزيوم بعلبك ومعرض اناشار بصبوص في غاليري صالح بركات؟ 
تقول مديرة غاليري اليس مغبغب: «رغم كل الظروف الصعبة ما زال الفن التشكيلي  وعالمة بصحة جيدة،  وبصورة جيدة بل وقاوم حالة الركود وكمسؤولة عن مهرجان الافلام الفنية وصاحبة غاليري حاولنا بذل الكثير من المجهود لرفع مستوى النوعية وتجدد الجمهور الذي يشعر بنوع من الاحباط ، وهذا يجب ان لايستمر لأننا نمر بحالة مادية وبيئية صعبة. الا ان الفن يرفع من مستوى التفكير ليقف الانسان بشكل مشجع، فالفن ليس بالترفيه، لانه رؤية جديدة ونظرة جديدة لنجد الحلول.  النشاط الثقافي الفني يجب ان يستمر في لبنان، ونحن قمنا بمعارض ضخمة مع ديديدية لو نوريه والفنان شارل بيل وعرضنا رسوماته الجديدة،   وقمنا بتكريم للفنان بولس ريشة وعرض لاعماله اضافة الى اعمال لفنانين اخرين اضافة الى مهرجان بيروت للفيلم الوثائقي الفني على مستوى لبنان وهو مشروع ضخم واعطانا صورة واضحة عن  حجم البلد والثقافة».
في المشهد الفني التشكيلي الطرابلسي او الشمالي ان شئت القول تميز معرض أطوار العمران الذي تم افتتاحه في معرض رشيد كرامي والقلعة رغم الانتقادات التي رافقته. اذ لم يشارك فيه الفنان الطرابلسي كما يجب. الا انه استطاع خرق روتين طرابلس التشكيلي بالفن المعاصر الذي كان يقتصر غالبا على ما هو محلي. اذ شارك فيه الكثير من الفنانين من بيروت والخارج كالمكسيك ولكن ضمن الفن المعاصر، كما كسر معرض الفنانة باسمة بطولي في طرابلس الجمود الفني التشكيلي المحلي ليستقطب معرضها الحضور الطرابلسي النخبوي في اجواء غامرها اللون واللوحة الجيدة. اضافة الى الفنان جريج بوهارون من زغرتا الذي اثبت هذا العام ميزة لوحاته التصويرية البورتريه الغني برؤية ذات قدرة عاليه من التقاط التفاصيل التعبيرية للوجه خاصة وللجسد بشكل عام. كما اقيم في معرض الصفدي الثقافي العديد من المعارض التشكيلية التي اتصفت بالمستوى الجيد والتنظيم المساعد في ابراز جمالية اللوحة وجودتها ضمن المعايير التي يحافظ عليها مركز الصفدي دائما. فيما يخص المعارض التشكيلية فيه.. وايضا بيت الفن ميناء طرابلس الذي استطاع  في اطار توسيع دائرة العلاقة بين فناني الوطن العربي للتبادل الثقافي وتفعيل دور المبدعين العرب وتشجيعهم لأخذ المبادرة ولعب دورهم الحقيقي بالنهوض والعودة لريادة الخارطة الدولية. وقع مدير ومؤسس بيت الفن في لبنان عبدالناصر ياسين ومدير اتيليه القاهرة الفنان احمد الجنايني وذلك اثناء زيارات متبادلة لتبادل الخبرات والتجارب ولعل ذلك يبث الدم الفني الجديد عام 2019 في طرابلس. ومع ذلك ما زالت طرابلس بحاجة الى استضافات فنية خارجية وسمبوزيومات دولية في الرسم والنحت والورش التدريبية،  فهل ستتخطى ذلك عام 2019.؟ 
اما الرابطة الثقافية كما كل عام لعبت دورها في فتح صالتها التشكيلية امام اهالي الشمال كافة، وامام كل فنان وزائر من خارج طرابلس. الا ان النشاط التشكيلي فيها بقي ضمن المحليات رغم الاوليات التي اعطاها اهمية كبرى مدير الرابطة الثقافية رامز الفري تاركا للمواهب فسحة تشجيعية ممهورة بالمواكبة والعناية والتنظيم. اضافة الى الفنانين الاخرين.  وبين معرض الوان الاستقلال ومعرض المحبة والسلام ما زلنا في طرابلس بحاجة الى استضافات تشكيلية من خارجها اضافة الى الدورات والورش الفنية التشكيلية.  فهل ستتخطى طرابلس ذلك عام 2019؟ 
هذه السنة  تم تنظيم معرض الجنوب 21 بمشاركة واسعة من فنانين من لبنان والخارج واستطاع القيام بالورش التشكيلية اضافة الى العروضات . يبقى السؤال كما كل عام اين معارض الفن التشكيلي في عكارشمال لبنان؟ 

 
dohamol@hotmail.com