بيروت - لبنان

اخر الأخبار

16 شباط 2021 12:01ص هل يمكن محو ذاكرة شعب ما زال يتمسّك بالزيّ التقليدي؟

زي فلسطيني زي فلسطيني
حجم الخط
قبل الخوض في تفاصيل الزي التقليدي الفلسطيني والعادات المرتبطة به، فهذا الزي مكرّس لفترة معينة امتدت حتى الآن عبر حضارة يتمسّك بها الشعب الفلسطيني، لأنها مزيج من تاريخه المتناغم مع أجزاء الملابس التراثية القديمة المتعارف عليها لكل مدينة، ولكل زي تقليدي مرتبط بالعادات بعيداً عن التفسيرات المختلفة للمجتمع الفلسطيني الذي ما زال يتمسّك بها، كشاهد على فلسطين وتاريخها، فالتعبير عن اللباس هو التصاق بالهوية المبنية على خطاب الوجود التاريخي، ورمزيات المرأة فيه التي تمنح الذاكرة قوة لتمثيلها الجمالي من خلال الزي الفلسطيني وتطريزاته التي تعتبر تراثا وطنيا ريفيا، ينتمي للطبقة الوسطى التي تنتجه، وتأثّرت بصناعته الطبقات الأخرى بشكل يدوي بعيداً عن الصناعات الأوروبية، فالزي الشعبي الفلسطيني هو جزء من الثقافة التراثية التي تنتمي الى القرى الممتدة من رام الله الى كافة المدن والقرى من الشمال الى الجنوب، فكانت النساء يرتدين الأثواب المطرزة بزخارف تنتمي الى أرض خاصة بها، وهي مستوحاة من تصاميم ورسومات شائعة جدا آنذاك، وهي ذات علامات متعددة، وتفاصيل كمفاتيح يتم اختيارها لتكون واضحة في انتمائها، كثوب هذه المرأة الفلسطينية من رام الله في زيّها التقليدي عام 1920 بتنوّع غرزه كاشفة عن انتمائها الجغرافي لحقبة معينة من تاريخ فلسطين وعاداتها الشعبية، والتي أصبحت اليوم من العادات الوطنية الخاصة بكل قرية ما زالت هويتها في أثوابها التقليدية. فهل يمكن محو ذاكرة شعب ما زال يتمسّك بالزي التقليدي منذ أكثر مئات السنين؟
ان التحوّلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في فلسطين لم تمنع من التمسّك بالزي التقليدي ومعناه، وعلامات هويته الوطنية، وبرمزيات اختلافاته تبعا لكل قريه أنتجته عبر الزمن مع الحفاظ على بعض الاختلافات فيه. ليحاكي الزمن من خلال القماش ونوعيته، وبموضوعية تذكارية يتم ترسيخها في الذاكرة بقوة، ومعترف بها وتستند على الهوية الفلسطينية وخطابها التاريخي عبر الزمن، كدليل على وجود فلسطين. فهل لحماية الزي الفلسطيني التراثي من دور ثقافي جمالي يفتح الباب على فهم رموزه واتجاهاته المكانية بل، وتعزيز الدور الاجتماعي الفلسطيني في حماية التراث؟ أم أن الجمع بين التراث الوطني والحداثة هي وعي قومي يرتبط جماليا بالأزياء التقليدية ومكانتها القديمة عند الشعب الفلسطيني الذي يتوارث عاداته وتقاليده من تاريخ هذه الأثواب، وأنماطها التطريزية التي تنعش الذاكرة.
ثوب برمزية الأرض والتجانس الوطني بين الجمال والمرأة والأرض التي ما زالت تحتفظ بنكهة الأجداد، والذي ولد من التاريخ والحاضر الإثنوغرافي أو الفلكلوري المتوارث رمزيا من ممارسات تقليدية مرتبطة بالتمسّك الوطني والجوهري لفن التطريز الفلسطيني القديم، والذي ما زال يحتفظا أيضا بنكهة وجوده من خلال التراثيات التي تعيد الهوية الى أصحابها من خلال الزي وتطريزاته، ومنسوجات اتقنتها اليد الفلسطينية التي تناضل من أجل هويتها، وذاكرتها ووجودها الأكبر على أرض وقفت عليها هذه المرأة بزيّها الذي يعود بنا الى رام الله عام 1920، أي قبل الاحتلال بكثير حيث كانت المرأة تنعم بالأمن، وبوطن خصب امتلك شعبه قوة تراثية كبيرة ما زال يحافظ عليها حتى الآن، إن من خلال الأثواب الفلكلورية أو من خلال الصورة أو حتى من خلال المفاتيح والأشياء الأخرى الغنية بالتاريخ. فهل التنوّع بالأزياء التقليدية الفلسطينية هي ثروة وطنية يتناقلها الأجيال في ثقل تاريخي لذكريات ذات غنى وطني. وهل ما هو منقوش على ثوب تقليدي هو تطريز لا يمحى من الذاكرة الفلكلورية؟ أم ان الثوب هو هوية حقيقية للزمن الذي نشأ فيه على أرض فلسطينية؟

dohamol@hotmail.com