بيروت - لبنان

اخر الأخبار

23 آب 2023 12:00ص همسات ليل

حجم الخط
قال الفيلسوف إبن رشد، لمّا رأى أحد تلاميذه يبكي، لأن الجهلة أحرقوا كتبه: «إن الأفكار لها أجنحة فلا تحزن» وبالفعل هذه الأفكار النيّرة أنارت ظلام أوروبا بعد حكم رجال الدين.. لكنها حتى الآن لم تحلّق للأسف في سماء بلادنا، لأن الرصاص الطائش أخافها ففرّت وعادت من حيث أتت..

*****
هل نحن مواطنون؟ هكذا يُخيّل إلينا، لكننا عملياً وفي الحقيقة، لا وطن لنا يشبه بقية الأوطان... يجب أن نعترف بذلك ونقول لكل الناس أننا نعيش في ظلّ «سراب وطن» وعلينا أن نفرض على أنفسنا الدعاء في السرّ والعلن: «ربنا إحفظ وطننا وأرضه السائبة التي تفرّ منها الخيول والعقول»، كما تدهشنا خطابات السادة التي تشدّد على أن الحرية تُنتزع إنتزاعاً!! وحين تسألهم بكل إحترام «مِنْ مَنْ؟» يـسود الصمت ولا نتلقّى الجواب الذي يشفي غليلنا.. لكن أحد المتفائلين يُصرّ على أن «دوام الحال من المحال»، ربما هو على حق في كل الدنيا باستثناء هذا الوطن المسكين القابع رغم أنفه في غابة من السلاح، والحال هنا يدوم ويدوم ويدوم إلى ما شاء الله..

*****
أيّها القلب هل يُفيد العتاب وليالي الهوى كلها سراب.. تقول لنا نظرات المرأة أشياء وأشياء، وتبوح بأسرار وأسرار.. وببراءة الأطفال نصدّقها! أتعبتنا هذه المرأة.. وأتعبنا التسكّع في دروب العمر، بحثاً عن الحب والأمان، ونحن أدرى الناس بالحزن الملازم لنا مثل ظلّنا... لأننا لم نذق يوماً طعم الفرح المعلّق على حائط الذكريات...

*****
العبارات في حلقي تتورّم.. لكن ماذا بعد هذا الصمت، غير الموت.. في زمن يكره الأسئلة ويمقت الرفض والاعتراض! صحيح إن الحرية كلمة جميلة، ولكن ما الذي تعنيه لشعب يسير في حقل ألغام من كل الألوان والأنواع، ويقولون له بإصرار: «إياكَ ثم إياكَ أن تلتفت الى الوراء.. دعْ الماضي وشأنه وتطلّع الى بزوغ شمس الأمل القادمة حتماً، بفضل حكمة الحكماء وأولياء الأمر المباركين»، أما هذا المواطن المسكين الضائع في أحشاء هموم الأيام التي جوّعته وفقّرته وسرقته ورمته بنبالها، فهو عالق بين براثن لا ترحم وبين مستنقعات لا قعر لها.. وهو لا يدري إلى أين يمضي والغرق في الوحول يهدّده وما من مخلّص ولا من مجير..