بيروت - لبنان

8 حزيران 2023 12:00ص واتلفازاه! (٢)

حجم الخط
على التلفاز، أشخاص يتتابعون ويتشابهون ويتصابون، يهفون الى الشباب والجمال، فيتزيّنون بحلى التمويه ويتكحلون بأثمد الكبرياء. يصبغون خدودهم الذابلة وشفاههم الباهتة بحمرة الغرور، ويسيرون في معرض التبرج، منتفخين متطاوسين، متطلعين بأطراف عيونهم ليروا كيف يرتمي وراءهم ويتحلق حولهم عشاق بهاهم وأسرى هواهم.
يغترون بالمظاهر ويعشقون المساخر، فالذهب الوهاج والألوان الزاهية، تسطو على العيون، قبل ان تمحص العقول ما وراء اللمعان وروعة الألوان.
يغترفون من الثقافة وهما ويشربون من التقليد سمّا أو بلادة. يلتهمون ثمار الفكر والسياسات، بلبابها الفجة وقشورها الصلدة فيحس المشاهدون بتخمة مؤلمة تمزق أحشاءهم وتقضي على راحتهم المنشودة.
يقبلون على الشهرة، إقبال الفراشات على اللهب، فتحترق منهم جماعات وتتساقط منهم جماعات، وتبقى جماعات تدور في فضاء التيه والحيرة فلا تهتدي!
لم تستطع شاشاتنا عموما أن تمحو آثار الشرور، ولا أن تقضي على شياطين المآثم والفواجع، ولا أن تستأصل جذور الخزعبلات والفظائع، فإنك لتجد في نطاقها وحشية العصور الحجرية واستبداد القرون الوسطى ومجازر جديدة مبتكرة . انها، بوجه عام، تعبد المال والجاه والقوة، وتعبد نفسها اولا.
زخرفات باطلة وأناس يصفقون مع المصفقين ويرقصون على قرع طبول المطبلين، من غير ان يعرفوا، لماذا يصفقون ويرقصون.
شعوذات تضحك وتبكي تنال مما بقي من عزة شعبنا، وتجرح ما ترك لهم  «مسؤولون «من رفعة وسلامة. جميلات يمسين بين ليلة وضحاها ممثلات و/أو مذيعات وكذلك أزواجهن وأبناء الحي القريب.
حفنة من أناس يكرم بعضهم بعضا في ظل فوضى منظمة وفقدان المعايير، يتداولون شاشاتنا بلا رقيب ولا حسيب في ظل ركاكة بل رطانة ونغولة لغوية.
وضع معظم شاشاتنا الصغيرة، يحتاج الى صبر جميل، ولا بد من التواصل معها والتعايش أحيانا حتى يهدي ربك من يشاء!

أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه