بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 شباط 2024 12:00ص وقال لي وداعاً

حجم الخط
في رحلة العودة الى الجذور، تستوقفك المساءات الحالمات وتلك الصاخبات.. في رحلة العودة الى (الأنا) تستوقفك الشمس، في زمن الهروب... ينهرك حنينك.. يتساقط الصوت الآتي منك إليك: «قفْ أنت هناك.. قفْ أيها الرجل المحدّق في كل الأشياء.. إستيقظ، ما تعيشه حلم ليلة صيف.. ثقْ بأن رونق الشمس سيعود إليها، وسيعود إلى المدينة التي أحببت فجرها وأنوارها وأفراحها..».
يخبو الصوت.. تتقطع الكلمات.. تنوس.. تنوس.. ثمّ تصرخ كالوعل الجريح: «لكن ماذا جنيتُ؟ ماذا فعلتُ؟ أنا الراكض مثل الليل والنهار.. ما عدت أحتمل.. ما عدت أقوى على الاستمرار» ثم تقبع حزينا.. وسط تهافت الأفكار والتساؤلات، لتعلن بعد ذلك إصرارك على الرحيل في صمت الدمعات..
«الفرار مقاومة..» تقول؟! لكنني أعرف أن قلبك مُنغرسٌ هنا، وأعرف أنك ستعود من رحلتك، وفي الذاكرة تلك المساءات الحالمات والضحكات والمشاكسات وكلمات أغنيات وكلمات قصائد لم تغادر البال... أعرف يا صديقي أن هذه الأرض ستلد يوماً الأمل والفرح وستخرج شمسها من بين الغيوم السوداء، ومن لحظاتها الماجنة والقاتلة.. لكنها تبقى مدينتك الأحبّ إلى قلبك.. رغم أنك تحلم بغروب شمس الصحراء وبسحر الشفق وغرائب السراب وعجائب الرمال المتنقلة مثل الطيور في السماء..
 الآن قلتَ وداعاً بإصرار عجيب.. رغم الدموع التي غطّت العينين والوجنتين.. ولكن تأكّد أيها العزيز بأنه قد سبقك الى حيث شئت وشاء القدر.. بعض حكايات وبعض همسات وذكريات وابتسامات وأحلام.. آّه من الذكريات يا صديقي حين تصبح جلّاداً حين تصير حسرات..