بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

24 أيار 2024 12:15ص آخ أيها الكلام!

حجم الخط
عندما لا يكون عندك شيء كثير لتقوله تفضل حينها السكوت. ولكن سرعان ما تتفاجأ بأن السكوت لا يسكت. كلما حاولت إسكاته يتكلم فيك أكثر. في النهاية تستسلم: تسكت أنت ويتكلم هو!
 هناك أشخاص لا يعرفون السكوت أبدا. يحدثونك في أي شيء تريده ولا تريده. حين يتنفسون يخبرونك بأنهم يتنفّسون. الكلام يمنحهم ثقة دائمة بأنفسهم. تختار أحيانا أن تراعي دوافعهم النفسية العميقة، فتهزّ لهم برأسك أو تلاعب حاجبيك على وقع تشدّقهم، حتى يستمروا في حديثهم باطمئنان. من جهته يمنحك السكوت راحة من مهمة التركيز على ما تسمعه أذناك. تظل على لطافتك أطول وقت ممكن حتى يصفعك السكوت فجأة. ترفع حاجبيك إلى الأبد، وتحاول إنهاء الأمر بالكلام.
ثمة علاقة أكيدة برأيي بين الكلام والفراغ على الرغم من أن هذا الأخير ارتبط اسمه أكثر بالصمت. فمن ذا الذي ينتسب أكثر إلى الفراغ: الصمت أم الكلام؟ من المقطوع به أن للكلام طبقات كثيرة متراكبة فوق بعضها. منها طبقات ظاهرة للعلن، ومنها طبقات خفيّة ومظلمة لا تدركها حتى النفس. والواقع أنه لا يوجد كلام بلا فراغ ولا فراغ بلا كلام. لذلك لا يقول الكلام كل الكلام، كما لا يسكت السكوت كل السكوت. دائما يبقى هناك كلام لم يُقل، وسكوت لم يسكت.
الثرثرة مرض نفسي  واجتماعي خطير. وهناك أنواع كثيرة منه. قد تجد ثرثارين طيّبين وثرثارين خبيثين. بعضهم يتكلم ليقلّص المسافات مع الآخرين أو لينال رضاهم أو ليطرد أشباح الوحدة، وبعضهم الآخر ليوقع بين الناس ويخلف بين الأصدقاء. هؤلاء ناقلوا الأحاديث  والنمّامين. تعرفهم على الفور، وينكشفون لك عند أول امتحان. أمثال هؤلاء واجههم بالصمت المريب في عيونهم، ثم اطردهم من حياتك بلا تردّد. 
للكلام أقول: آخ منك أيها الكلام!
أخبار ذات صلة
رهان خاسر
15 حزيران 2024 رهان خاسر
الكائن الموعود!
14 حزيران 2024 الكائن الموعود!