على ماذا تحترق قلوب الناس في لبنان وقد أقفلت في وجوههم كل الدروب؟!.. المشهدية سوداوية تجتاح كل الوطن لإثبات الميليشيات والتيارات السياسية قدراتها على الوصول إلى الحُكم.. وبعضها يجتهد في مساعدة الاحتراب في عين الحلوة ولو دُمِّرت البيوت وأُقفِلت طرقات الجنوب واحترقت القلوب من خسارة المأوى بانتظار معركة لا تُبقي ولا تذر في صيدا؟!
يبدو أنّ طائر البوم بكل أصنافه وألوانه الجميل منها والقبيح يبقى نعيقها يبشّر بالخراب.. أما من مُخلّص يمسك بعصاه السحرية لإنقاذ النفوس من اليأس في وطن المآسي؟!
آهٍ ثم آهٍ على لوعةٍ ما بعدها لوعة.. في حياة الجياع المتلهّفين على ثمن ربطة الخبز وعلى الغموس.. قصص وأخبار من خلف الجدران على انهيار حياة الإنسان.. الكهرباء سعرها في العلالي.. الماء أعلنت محطات المياه التقنين وربما عدم مد المنازل بالماء لعجزها عن دفع ثمن المازوت.. ما يعني أن الماء مقطوعة يا أفندي؟! لا ماء.. لا كهرباء.. لا غذاء.. لا دواء.. لا استشفاء.. بالمختصر على الشعب أن يموت ببطءٍ في صيف حار نوّابه في إجازاتهم.. ومشاعرهم مرتاحة ولا هَمَّ لهم ماذا يحصل بالشعب؟!
جميع «المسائيل» في موسم اصطيافهم داخل أو خارج لبنان.. غاسِلو المال فلتوا من القضاء الخارجي ونالوا البراءة.. ومثلهم سيحصل مع نُهّاب المال العام ومن بعدهم المصارف؟!.. أليس جميلاً أنْ يموت الشعب ليحيا النُهّاب؟!
المؤسسة الوحيدة الصامدة بإدارة قائدها هي الجيش الجائع أيضاً في واجباته مع أنّه الوحيد والقوى الأمنية في تأدية واجباتهم.. إلى متى يصمدون؟! مع أنّهم هم العاملون بشرف للدفاع عن حياض الوطن؟!
عندما تحطمت المروحية العسكرية الأسبوع الماضي واستشهد بسقوطها زهرة الشباب.. لم نسمع تعليقاً وحتى لم نر سياسياً يبادر إلى تعزية قيادة الجيش بالشهيدين ويزور المعاون في المستشفى الذي يعيش بين الحياة والموت.. شفاه الله وبرّد قلوبنا المحسورة على الشهداء وشدَّ الله أزر قيادة الجيش والقوى الأمنية لأنهم المؤسسات الفاعلة على الارض بعد أن أصبح كل ما فيها معطّل؟!
الموظفون في المؤسّسات يحضرون.. لا يخدمون الشعب.. مع أنّ رواتبهم ارتفعت وازدادت قيمة مواصلاتهم.. ولكن لماذا يحضرون إذا كانوا لا يريدون العمل سوى الجلوس والتسلية؟! لوحة سريالية رسمتها البليّة.. والابتلاء بالمآسي الحيّة.. وداعاً أيها الأمن والأمان؟!