بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 آذار 2023 12:00ص 130 يوماً على الشغور الرئاسي.. 9 عهود استقلالية من 13 انتهت بأزمات (2/3)

3 عهود بعد شهاب تتميّز بالأزمات والانهيارات وتتوّج بالحرب والاجتياح الإسرائيلي

فؤاد شهاب فؤاد شهاب
حجم الخط
130 يوما على الشغور الرئاسي في لبنان، من دون أن تلوح في الأفق أي بوادر بإنجاز هذا الاستحقاق قريبا، وبعد 11 جلسة انتخابية لم تسفر عن أي نتيجة، تستمر الحكومة الميقاتية الثالثة التي تعتبر مستقيلة منذ بدء ولاية مجلس نواب 2022 في 22 أيار الفائت في مهام تصريف الأعمال، في وقت يواصل الدولار ألاعيبه وتحليقه، مترافقا مع ارتفاع جنوني في الأسعار وتدهور حياة الناس الاقتصادية والمعيشية والصحية والتربوية، يتواصل الشغور الرئاسي ويستمر عداد فراغ الكرسي الأولى بالتصاعد، بانتظار إشارة مرور خارجية، عبر توافق دولي، وإقليمي وتحديدا عربي كان يطلق عليه فيما مضى «الوحي» الذي يحوّله النواب في صندوقة الاقتراع بإسم الرئيس العتيد.
بأي حال، فإن «كلمة السر» الحاسمة بشأن الانتخابات الرئاسية لم تصدر بعد، ليحوّلها نواب «الأمة» الى حقيقة في صندوقة الاقتراع الزجاجية، وبالتالي سيتواصل عداد أيام الشغور في الكرسي الأولى بالتصاعد «حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا» و يدخل اليوم 130 على شغور الكرسي الأولى، ولبنان أمام استحقاقات دستورية هامة أبرزها الانتخابات البلدية والاختيارية التي تنتهي ولايتها في 31 أيار المقبل، في وقت تتواصل معه مرارات اللبنانيين التي باتت تطال كل تفاصيل حياتهم اليومية، يبدو أننا في لبنان درجت العادة أن يختتم كل عهد رئاسي بأزمة حادة تهدّد المصير الوطني، مما يؤشر بوضوح الى أن ثمة أزمة نظام واشكاليات دستورية، طبعا باستثناء نهاية عهدي الرئيسين فؤاد شهاب وإلياس الهراوي اللذين مرَّت نهايتيهما بسلام.

العهد الاستقلالي الرابع
إذا كانت نهاية عهد الرئيس الاستقلالي الثالث فؤاد شهاب قد مرّت بهدوء وسلام وانتقال سلس من عهده الى الرئيس الاستقلالي الرابع شارل حلو (1964-1970)، فإن نهاية هذا العهد شهدت سلسلة من الأزمات والاضطرابات، وإذا كان عهد الرئيس حلو اعتبر امتدادا للمرحلة الشهابية، إلا ان السنتين الأخيرتين من هذا العهد حملت تطورات كبرى كانت كلها تصبّ ضد عودة الشهابية أبرزها:
1- تركيز المقاومة الفلسطينية والأحزاب الثورية أو القومية على معارضة الشهابية في سياستها العربية المتعاطفة مع جمال عبد الناصر، وغير المعلنة العداء للغرب، وبنوع خاص، على التنديد بالمكتب الثاني في الجيش اللبناني والهجوم القاسي عليه، بسبب مراقبته الشديدة للمخيمات الفلسطينية ومحاولات منع تسليحها وإقامة التدريبات العسكرية فيها ومنع انطلاق عمليات المقاومة ضد إسرائيل عبر الحدود اللبنانية في الجنوب.
2- تركيز المعارضة المسيحية الملتقية في (الحلف الثلاثي) على الاخطار الثلاثة التي تُهدّد لبنان وهي في نظرها: «الشيوعية، الشهابية، والمقاومة الفلسطينية».
وهكذا وجد الشهابيون أنفسهم مستهدفين من قبل أنواع من المعارضات:
- مارونية يقودها الحلف الثلاثي.
- تحالفات إسلامية - مسيحية مؤلفة من الزعماء السياسيين الذي اقصوا عن الحكم ويرغبون في العودة إليه.
- اختيار المقاومة الفلسطينية لبنان قاعدة أساسية، رئيسية لانطلاقتها، خصوصاً بعد أيلول الأسود في الأردن.
كل ذلك كان من العوامل التي ضربت الشهابية سياسياً، وجد الجيش اللبناني والمكتب الثاني نفسه بين شاقوفين، فإذا هم تركوا المقاومة الفلسطينية المتحالفة مع الأحزاب اليسارية، تسلّح الفلسطينيين وتقوم بعمليات ضد إسرائيل، تعرضوا لمزيد من نقمة الزعماء والرأي العام المسيحي، إضافة الي تلقّي ضربات إسرائيل، حيث شنّت إسرائيل اعتداء على مطار بيروت الدولي مساء ساء يوم 28 كانون الأول 1968، بقيادة رفائيل إيتان (أركان جيش الاحتلال لاحقا)، وتم تدمير 12 أو 13 طائرة ركاب وطائرة شحن واحدة، وجميعها تتبع لشركة طيران الشرق الأوسط (MEA)... كما ان محاولة الجيش ضبط الأمن في المخيمات الفلسطينية ومنع القيادات والأحزاب الفلسطينية من تدريب اللاجئين وتسليحهم جعلته عُرضة لنقمة المسلمين والأحزاب التقدمية والرأي العام العربي، وكانت مظاهرات 23 نيسان 1969 دفاعا عن الثورة الفلسطينية، فأطلق الجيش النار على المتظاهرين، وسقط عدد من القتلى والجرحى. أدّت هذه الأحداث إلى استقالة رئيس الوزراء رشيد كرامي فاستمرت الأزمة الوزارية أكثر من سبعة أشهر، تم خلالها توقيع اتفاق القاهرة.
العهد الاستقلالي الخامس
انتهى عهد الرئيس شارل حلو، وانتخب الرئيس الاستقلالي الخامس سليمان فرنجية (1970-1976) الذي اندلعت في عهد الحرب الأهلية بعد اغتيال النائب السابق المناضل معروف سعد، ففي صباح الأربعاء 26 شباط 1975 جرت في صيدا تظاهرت شعبية سلمية تقدّمها سعد تأييداً لمطالب صيادي الأسماك، واحتجاجاً على إنشاء شركة بروتيين، التي تتولى صيد الأسماك بواسطة بواخر الصيد وآلات الجرف الحديثة، وقد ضمّت الشركة عدداً من رجال المال والأعمال والسياسة اللبنانيين وغيرهم برئاسة كميل شمعون رئيس الجمهورية الأسبق. أطلقت النيران على المتظاهرين فسقط معروف سعد جريحا واستشهد يوم السادس من آذار في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت. وبعدها كانت حادثة يوسطة عين الرمانة في 13 نيسان 1975، التي فتحت أبواب الحرب الأهلية على مصراعيها التي استمرت فصولها المختلفة حتى العام 1989 وانتهت باتفاق الطائف.
الجدير بالذكر، أنه في 10 من نيسان من عام 1973 نفذ الموساد الإسرائيلي عملية أمنية إرهابية في شارع فردان ببيروت تمكن خلالها من اغتيال ثلاث قادة فلسطينيين هم: كمال عدوان وكمال ناصر وأبو يوسف النجار. وحينها تم الرئيس صائب سلام والقوى الوطنية واليسارية والإسلامية بإقالة قائد الجيش إسكندر غانم، وسرعان ما اندلعت اشتباكات في الثاني من أيار بين الفلسطينيين والجيش اللبناني استمرت أياماً.
تعديل دستوري
وفي عهد الرئيس فرنجية تم تعديل المادة 73 من الدستور لمرة واحدة في العاشر من نيسان 1976، تتيح انتخاب رئيس للجمهورية قبل نهاية العهد بستة أشهر فعقدت تلك الجلسة في القصر بحضور 90 نائبا من أصل 97 نائبا هم أعضاء المجلس النيابي بعد وفاة نائبين، وفي الثامن من أيار 1976 عقدت جلسة انتخاب الرئيس الاستقلالي السادس بحضور 68 نائبا، نال منهم الرئيس سركيس (1976-1982) في دورة انتخاب ثانية 66 صوتا ووجدت ورقتان بيضاوان. 
لم تضع الحرب الأهلية أوزارها في العهد الجديد واستمرت في تصاعدها لتتوّج بالاجتياح الإسرائيلي في حزيران 1982 وليكون لبنان أمام مرحلة جديدة.