بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 أيلول 2021 12:02ص إحسان عطايا لـ«اللواء»: عملية جلبوع وضعتنا أمام فرصة تاريخية للانتفاضة

حجم الخط
بعد قليل على انتهاء عملية «سيف القدس» في الأراضي الفلسطينية في أيار الماضي، جهدت الحكومة الإسرائيلية في محاولة ترميم ما أصابها من كسور متنوعة خلال تلك الأحداث، خاصة وأن تغييرا طرأ على مستوى القيادة مع وصول نافتالي بينيت إلى رئاسة الحكومة.

عديدة هي المحطات التي طرأت على الأحداث خلال الأشهر الماضية ودلّت على حذر الحكومة الإسرائيلية وخشيتها من دخول مواجهة غير محسوبة النتائج مع الشعب الفلسطيني؛ فكانت تُصعد خطواتها بدراسة متأنية متجنبة الانزلاق نحو مشهد يخرجها خاسرة ولو معنوياً أمام شعبها كما أمام الخارج.

جاءت عملية سجن جلبوع التي تحرر معها ستة أسرى من السجون الإسرائيلية منهم خمسة من «حركة الجهاد الإسلامي» وكاد السادس أن يكون منها قبل استقراره على أسير من «كتائب شهداء الأقصى»، لتعيد عقارب الساعة إلى الوراء إسرائيلياً.

يتناول ممثل «الجهاد» إحسان عطايا، الموضوع مع «اللواء»، مع تجنبه كشف معلومات عن تفاصيل ما حدث. هو يجيب مطولاً على سؤال الدلالات في هذا الوقت بالذات: لقد حفر الأسرى النفق بمعول إرادتهم الصلبة وعزيمتهم التي لا تلين، في سجن محصن أشد التحصين ليوجهوا ضربة قوية للاحتلال كسرت هيبة منظومته الأمنية كما كُسرت سابقاً هيبة منظومته العسكرية خلال معركة «سيف القدس». 

«فهذه العملية البطولية والنوعية هي إنجاز جديد في هذه المرحلة استطاعت أن تعيد العدو إلى المربع الأول مع محاولته ترميم الخسائر التي مني بها، بعد محاولات عديدة منه عبر ضربة هنا وأخرى هناك، واعتقالات متكررة، من دون أن نغفل مسيرة الأعلام الصهيونية في القدس التي درسها العدو بتأنٍ ليتجنب الانجرار إلى معركة محتملة».

هي ضربة كبيرة في الوعي على مستوى المستوطنين والجنود وقادة الجيش الذي يهابه كثيرون، يضيف: وبدلاً من كي الوعي معنا فقد بات العدو ضعيفا وواهنا أمام الشعب الفلسطيني، وارتفع منسوب الوعي لدى الشعوب العربية والإسلامية وكل الأحرار. وقد هُدمت عملية إعادة الترميم المعنوية لدى العدو بالإرادة والعزيمة والنضال حتى بات قادته يتراشقون التهم واللوم عبر الإعلام ويطالبون بلجان تحقيق كي يتمكنوا من الوصول إلى طرف خيط حول ما حدث.

لم يخرجوا ليهربوا

بالنسبة إلى عطايا، فإن عملية تحرر الأسرى رفعت معنويات الشعب الفلسطيني، والأهم، أعادت وحدته التي يجب أن يحافظ عليها خلف خيار المقاومة. وهو يؤكد بأن المقاومين لم يخرجوا ليهربوا، بل ليُعيدوا الكرّة وليضربوا العدو ويهاجموه في مكامن ضعفه، مضيفا رسالة أخرى وُجهت إلى الحركة الأسيرة التي تنتصر بما حدث، أن ينطلق الجميع في عملية تحرير هؤلاء الأسرى من سجون الاحتلال، محذرا إياه من التمادي في الاعتداء على أهالي وأقرباء هؤلاء الأسرى المحررين.

وبالنسبة إلى الحكومة الإسرائيلية، فهي أمام خيارات أحلاها مرّ؛ إما التمادي في ممارساتها داخل السجون وخارجها، وهي بذلك ستواجه ربما بما ووجهت به سابقتها بعد اعتداءاتها على حيّ الشيخ جراح، فهي تخشى أن تنتقل إلى معركة عسكرية ستكون الخاسرة الكبرى فيها، ومن ناحية أخرى تخشى هزيمة معنوية كبيرة جدا أمام كل العالم وليس فقط أمام جبهتها الداخلية. «ولذلك فكل ما يقوم به العدو هو إطلاق تهديداته وهي فقاعات في الهواء يحاول من خلالها رفع معنويات جنوده ومستوطنيه».

يعتبر ممثل «الجهاد» أننا أمام مسألة مهمة جدا على صعيد كيان العدو داخليا قد تتمثل في بداية شرارة انتفاضة عارمة في الضفة والقدس وأراضي العام 1948، وربما جر العدو إلى معركة عسكرية. وأمام الشعب الفلسطيني في الداخل فرصة تاريخية لكي ينتفض ويستهدف العدو ومنها الحواجز العسكرية التي تقطع أواصر الضفة الغربية. كما عليه إرباك العدو حتى لا يتجرأ أحد على الإدلاء بأية معلومات تفضي إلى الإيقاع بهؤلاء الأسرى، «علما أن كل المعلومات التي تبث هي لتقصي أماكن وجودهم، ونحن على يقين أنهم لم يخرجوا لكي يهربوا لا إلى دول خارج فلسطين ولا إلى دول أوروبية طلباً للجوء، بل خرجوا ليكملوا مسيرة نضالهم ومقاومتهم حتى تحرير فلسطين وأسرانا البواسل، فهم مشروع شهادة، وقد خططوا للعملية منذ فترة طويلة، وعملوا بمثابرة وكدّ، وليس من السهولة الإيقاع بهم».

لا يود عطايا الإفراط في الحديث عن تفاصيل عملية معقدة قد تكون متشابكة الخيوط، مثلما لا يريد أن يجزم بدور الحركة من خارج السجون في ما حدث. الأسرى المحررون أعضاء في «حركة الجهاد الإسلامي» وأحدهم قائد للمجموعة كان له أكثر من محاولة للتحرر من السجن سابقا هو محمود عارضة. وأعضاء العملية يمتلكون خبرة وتمرسا، وتعرضوا لأحكام عالية جدا، وفي إمكانهم تنفيذ العملية من دون إشراف خارجي مباشر. هم مجموعات مدربة في «سرايا القدس»، الجناح العسكري للحركة، تقود وتخطط وتنفذ وتصل إلى ما تريد، ولا تقتصر مهمتهم على تلقي التعليمات وتنفيذها، وبإمكانهم اجتراح خطط بديلة وجاهزة في حال انقطع التواصل مع الخارج، واتخاذ القرار المناسب والهروب من الرقابة. وهذا ما يفسر دقة العملية أمنياً في سجن مسلح من الطراز الحديث يعد من الأشد تحصينا، وله ما يكفي من وسائل الحماية الحديثة ومنع الهروب.

ينتهي عطايا إلى التذكير بأن أسرى عدة تمكنوا في الماضي من التحرر من السجن، وكان ذلك أحد أسباب اشتعال الانتفاضة الأولى، وهذه العملية الإبداعية تؤشر إلى انتفاضة شاملة، ولكن بنوعية جديدة وطريقة مختلفة سوف تفاجئ الكثيرين.