بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 أيلول 2023 12:00ص التوافق على تشكيل الحكومة يوازي التوافق على رئيس الجمهورية

معركة رئيس بلا صلاحيات... والقرار بيد مجلس الوزراء فعلياً

حجم الخط
قلّة قليلة من المتعاطين بشأن الاستحقاق الرئاسي في الداخل والخارج يُركّز على أهمية الحكومة التي ستواكب العهد الجديد أيا يكن رئيس الجمهورية، وعلى اختيار رئيسها وكيفية تشكيلها وعلى برنامجها المطلوب أغلبه من المجتمع الدولي والدول المانحة وصندوق النقد الدولي وحتى من عدد من القوى السياسية المحلية الفاعلة، ذلك ان القرار التنفيذي للدولة بيد الحكومة مجتمعة وفق دستور اتفاق الطائف، بينما حسب رأي خبراء دستوريين إن صلاحيات رئيس الجمهورية المحدودة أصلاً هي «صلاحيات تعطيلية لا إنتاجية». لكن القوى السياسية اللبنانية وأصدقاء لبنان في الخارج يركّزون على مواصفات الرئيس وبرنامجه، كأنه هو المعني وحده به والقادر على تنفيذه بمعزل عن الحكومة.
فصلاحيات رئيس الجمهورية تتناول حقه في توقيع أو عدم توقيع مراسيم تكليف رئيس الحكومة وتشكيل الحكومة، والمراسيم العادية أو مشاريع القوانين الصادرة عن الحكومة، وترؤس جلسات مجلس الوزراء ورفعها ساعة يريد إن لم يتضمن جدول الأعمال ما يرضيه أو إن اختلف بشأنه مع رئيس الحكومة على أولوية البنود، وردّ القوانين الى مجلس النواب، علماً ان للمجلس حق التمسّك بالقانون الذي أقرّه بعد إعادة مناقشته أو تعديله جزئياً، وللحكومة حق التمسّك بمشروع المرسوم أو القانون واعتباره نافذاً بعد مهلة من الوقت... الى ما هناك من صلاحيات أخرى سلبية عملياً وغير تقريرية، لكنها تعطي رئيس الجمهورية حق الاعتراض فقط.
إذ حسب المادة 56 من الدستور: «وله (لرئيس الجمهورية) حق الطلب إلى مجلس الوزراء إعادة النظر في أي قرار من القرارات التي یتخذها المجلس خلال خمسة عشر یوماً من تاریخ إیداعه رئاسة الجمهوریة. وإذا أصرّ مجلس الوزراء على القرار المتخذ أو انقضت المهلة دون إصدار المرسوم أو إعادته یعتبر القرار أو المرسوم نافذاً حكماً ووجب نشره».
وكذلك المادة 57 التي تقول: لرئیس الجمهوریة بعد إطّلاع مجلس الوزراء حق طلب إعادة النظر في القانون مرة واحدة ضمن المهلة المحددة لإصداره ولا یجوز أن یرفض طلبه. وعندما یستعمل الرئیس حقه هذا یصبح في حل من إصدار القانون إلى أن یوافق علیه المجلس بعد مناقشة أخرى في شأنه، وإقراره بالغالبیة المطلقة من مجموع الأعضاء الذین یؤلفون المجلس قانوناً. وفي حال انقضاء المهلة دون إصدار القانون أو إعادته یعتبر القانون نافذ حكماً ووجب نشره.
لذلك تبدو أهمية التوافق المسبق على شكل الحكومة رئيسا ووزراء وعلى برنامجها والتزاماتها، موازية إن لم تكن أهم من التوافق على اسم رئيس للجمهورية وانتخابه ولو بكامل عدد أصوات مجلس النواب، فالحكومة ملتزمة السلطة التنفيذية بكل مستوياتها وإجراءاتها، أما ما يجري عادة من تسويات وصفقات و«تمريرات» بالتوافق بين رئيسي الجمهورية والحكومة والوزراء فهو أمر قائم بحكم الواقع السياسي وإن كان لا يحتكم الى الدستور، تحت شعار أو عنوان تسيير المرافق العامة وأعمال الحكومة! ويبقى المهم في العمل الإجرائي الرسمي توافق وتفاهم الرئيسين، ولا بأس بالتفاهم أيضاً مع رئيس مجلس النواب لتمرير القوانين المحالة من الحكومة بسرعة وسهولة وانسيابية.
ولذلك تبدو مهمة الموفدين العرب والأجانب أحادية الجانب طالما انها ترتكز فقط على انتخاب رئيس الجمهورية، غير القادر مثلاً على إلزام وزير بتوقيع مرسوم ما لم يكن هناك تفاهم وانسجام تامّيْن بينه وبين رئيس الحكومة وسائر الوزراء على برنامج الحكومة ومشاريع الوزارات.
وبدا من مساعي اللجنة الخماسية وما تسرّب من معلومات حول طروحاتها ان الاهتمام منصب على انتخاب رئيس الجمهورية، حيث يطرح الموفد القطري أسماء يعتبرها مقبولة من الأغلبية النيابية بينما هي عكس ذلك. كما ان اللجنة الخماسية لم تلتفت مثلاً الى البحث عن الشخصية الملائمة والمتفاهمة مع المرشح للرئاسة الذي يتم طرح اسمه، وفي هذا نوعٌ من النقص في المسعى الذي يُفترض أن يكون متكاملاً رئاسياً وحكومياً. إذ لو تم انتخاب رئيس للجمهورية ستقع البلاد لاحقا في أزمة تسمية رئيس الحكومة وتشكيلها وحصص الاطراف فيها وبيانها الوزاري وأولوياته.