بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 حزيران 2023 12:00ص الصراع المسيحي - المسيحي منذ 1932 حتى اليوم أضعف موقع الرئاسة (6)

انتفاضات الحرب وانقلاباتها وصراع المصالح تنتج المآسي وتوسّع الهجرة

حجم الخط
233 يوماً مرّوا على الشغور الرئاسي في لبنان، من دون أن تلوح في الأفق أي بوادر بإنجاز هذا الاستحقاق، وبعد 12 جلسة انتخابية لم تسفر عن أي نتيجة، في وقت يواصل الدولار ألاعيبه وتحليقه، مترافقا مع ارتفاع جنوني في الأسعار وتدهور حياة الناس الاقتصادية والمعيشية والصحية والتربوية، وهو ما دعا «المرصد الأوروبي للنزاهة في لبنان» لأن يشير في بيان له «الى أن الانهيار الذي تشهده الليرة مقابل الدولار الأميركي في بيروت كبير جداً ويستدعي التوقّف عنده»، مشددا على أن «المسؤولية الكبرى تقع على الحكومة وعلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الملاحق في العديد من دول العالم بتهم الاختلاس وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتزوير واستعمال المزوّر».
بشكل عام يتواصل الشغور الرئاسي ويستمر عداد فراغ الكرسي الأولى بالتصاعد، بانتظار إشارة مرور خارجية، عبر توافق دولي، وإقليمي وتحديدا عربي ، كان يطلق عليه فيما مضى «الوحي» الذي يحوّله النواب في صندوقة الاقتراع باسم الرئيس العتيد، ولأن «كلمة السر» الحاسمة بشأن الانتخابات الرئاسية لم تصدر بعد، ليحوّلها نواب «الأمة» الى حقيقة في صندوقة الاقتراع الزجاجية، سيتواصل عداد أيام الشغور في الكرسي الأولى بالتصاعد «حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا»، وليستمر التنافس المسيحي - المسيحي وخصوصا الماروني - الماروني على الكرسي الأولى منذ زمن الانتداب حتى اليوم، وهو اتخذ في أحيان كثير حد الاحتراب، والتصفيات الجسدية إبان الحرب الأهلية وما بعدها، هذا ما سنحاول تفصيله على عدة حلقات.

ريمون إده.. رجل الحريات العامة

مع اندلاع الحرب الأهلية في لبنان (1975 - 1990) تعددت مراحلها وأشكالها وما حفلت به من استهدافات وتصفيات ومعارك، سواء على خطوط التماس، أو في الأزقة والأحياء في ما كان سمّي «منطقة شرقية» أو «منطقة غربية»، وكان من أبرز استهدافات السنة الأولى من الحرب القذرة استهداف عميد حزب الكتلة الوطنية العميد ريمون إده، الذي عرف في حياته السياسية بانحيازه للحريات العامة، وعارض تدخّل الجيش في الحياة السياسية اللبنانية وظل ينادى بضرورة التعايش السلمي بين الطوائف اللبنانية، ورفض المشاركة في الحرب اللبنانية، كما رفض الوصاية السورية، وفي 25 أيار 1976 تعرّض لمحاولة في منطقة نهر إبراهيم - العقيبة، ما أدّى الى إصابته رجله، فتم نقله الى مستشفى بيطار في سد البوشرية ومنها الى مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، وفي هذه المحاولة نجا مرافقوه الثلاثة وسائقه باعجوبة.
بيد أن تهديد العميد إده بحياته لم يجعله يغيّر من قناعاته في الحرب وابطالها وأهدافها والتي تهديد لبنان في وحدته واستقراره، كان أن تعرّضه لمحاولتين إضافيتين لاغتياله، فغادر لبنان فى 1977 إلى منفاه الاختيارى فى باريس إلى أن توفي في 10 أيار 2000.

استهدافات بالجملة

تعددت أشكال الاستهدافات المسيحية - المسيحية، من مجزرة اهدن في 13 حزيران 1978، التي راح ضحيتها النائب طوني فرنجية وزوجته فيرا وطفلتهما جيهان وأكثر من 30 شخصا آخر. الى مجزرة الصفرا في السابع من تموز 1980، التي أدّت إلى القضاء على ميليشيا نمور الأحرار كقوة عسكرية فيما أصبحت القوات اللبنانية اللاعب الأساسي الوحيد في ما كان يسمّى «المناطق اللبنانية». وقد سمّيت المعركة باسم «مارينا الصفرا» الواقعة بين جونيه وجبيل.
وبعد الاجتياح الإسرائيلي الذي بدأ في مطلع شهر حزيران 1982، انتخاب قائد القوات اللبنانية بشيرالجميّل رئيسا للجمهورية في 23 آب، عيّن خليفةً له على رأس القوات قبل يوم واحد من اغتياله فادي افرام، وقد تدرّج افرام في سُلَّم القوات، فقد كان من أوائل الملتحقين بفرقة البجين، ثم عيّن في الاستخبارات العسكرية للقوات قبل أن يصبح نائب رئيس الأركان فرئيساً لها. شهدت فترة قيادته حرب الجبل التي مُنيت فيها القوات بهزيمة مدوية تسببت في تهجير شبه كلي للمسيحيين من الشوف. توترت علاقته بالرئيس أمين الجميّل الذي كان يسعى للسيطرة بشكل كامل على حزب الكتائب و«القوات اللبنانية»، ونظم انقلابا جاء بفؤاد أبو ناضر (وهو ابن شقيقة الرئيس الجميل)  الى قيادة «القوات اللبنانية»، وفي عهده شهدت «القوات» الانتفاضة الأولى الشهيرة عام 1985 -والتي لم يستطع أبو ناضر أن يقمعها- فطوقته وأخرجت القرار السياسي والقيادي من يده ووضعته في قبضة هيئة تنفيذية انبثقت عن قيادة الانتفاضة وتشكّلت من أركانها البارزين وهم إيلي حبيقة وسمير جعجع وكريم بقرادوني وسواهم.. أما أبو ناضر فلم يسلّم المجلس الحربي، إلّا في نهاية عهده، وذلك في حزيران 1985. لتستمر بعد ذلك الانقلابات والصراعات التي وسّعت دائرة الهجرة من البلد، وأسست الى إضعاف موقع رئاسة الجمهورية.

(يتبع حلقة أخيرة)