بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 آب 2023 12:00ص الضغوط الخارجية على لبنان تُعرقل الحلول ولا تُسهّلها.. هل تُخاض معركة الرئاسة «على الحامي» بعد تعطّل الحوار؟

حجم الخط
مرّ «قطوع الكوع» بأقل خسائر بشرية ممكنة وكان يمكن تلافيها ايضاً لولا ما سبقها من شحن للنفوس سياسيا وطائفيا ومناطقياً، بحيث بات الاحتكام الى السلاح أمرا غاية في السهولة، ما يؤشّر الى ان أي حادثا أو خلافا بسيطا على الأرض بين مناصري القوى السياسية المتصارعة يُمكن أن يُشعل معارك عنيفة بلا طائل ولا تؤدي سوى الى مزيد من الاحتقان والتوتر المستدام، ما لم يتعقلن الخطاب السياسي ويخرج من حسابات الشعبوية الرخيصة القائمة على التعبئة «ضد الآخر» ابن الوطن الواحد بل ابن المنطقة الواحدة.
وبغض النظر عمّا يمكن أن تسفر عنه التحقيقات في حادث كوع الكحالة لا سيما حول من أطلق الرصاصات الأولى ولماذا أطلقها ومن حرّض عليها، فإن بعض العقلاء كانوا بالمرصاد لأصحاب الرؤوس الحامية التي أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي وشاشات التلفزة بعبارات ومواقف بعضها القليل يحمل فكراً تقسيميا وبعضها الآخر يُظهر ان الخلاف السياسي سيأخذ أبعاداً أخرى، لا سيما بعد بيانات المعارضة ومواقف بعض نوابها وأركانها التي بدأت تتحدث عن تغيير نمط المواجهة السياسية مع حزب الله وحلفائه وصولا إلى توحيد صفوفها بشكل أمتن بحيث تكون هذه لمواجهة شاملة كل أطياف المعارضة وبخطاب واحد متشابه العبارات والتوجهات. مشيرة بشكل مباشر أحيانا كثيرة الى ترابط ما جرى في الكحالة بالخلاف القائم حول انتخاب رئيس الجمهورية «ورفض الحوار والتوافق ومنع وصول مرشح قوى الممانعة» كما تقول.
لذلك، يتحدث الكثيرون عن انه لا يمكن فصل الأحداث المتتالية عن مسار الضغوط التي تمارس على لبنان بكل الأشكال وبمختلف الأساليب، لا سيما بعد المواقف والتحركات الدولية وبخاصة الأميركية، التي باتت تتحدث عن رسائل من الكونغرس الأميركي الى الرئيس جو بايدن لوقف أو تخفيف الدعم الأميركي للجيش اللبناني بحجة «أنه غير قادر على مواجهة حزب الله»، وضغوط على بعض السياسيين اللبنانيين وتلويح بفرض عقوبات أو «إجراءات» بحق معرقلي انتخاب رئيس الجمهورية. عدا الضغوط من نوع آخر في مجلس الأمن الدولي حول التجديد لقوات اليونيفيل نهاية شهر آب الحالين بهدف إبقاء قواعد الإشتباك الجديدة المعدّلة التي تتيح للقوات الدولية الدخول الى أي منطقة وإجراء عمليات تفتيش في أي منزل من دون التنسيق مع الجيش اللبناني كما كان يحصل سابقاً، مع ان هذا الإجراء لم يطبق عمليا بعد المناوشات التي جرت بين اليونيفيل وأهالي العديد من القرى الجنوبية وأدّت الى مواجهات.
وفي السياق، تفيد مصادر المعلومات بأن وزراء خارجية الدول الخمس المعنية بالوضع اللبناني، سيعقدون اجتماعاً في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، تحضيراً لتحركات ستستأنف في أيلول للوصول إلى تسوية، أو الاتجاه إلى فرض عقوبات في حال عدم توصل اللبنانيين إلى اتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية.
وثمة توقّعات يتم تسريبها عبر وسائل إعلام غير لبنانية بممارسة المزيد من الضغوط على لبنان لدخول «بيت الطاعة» الدولي والانضباط تحت مطالبه وشروطه الكثيرة وحول مسائل متعددة، مع انها قد تؤدي الى مزيد من التوتر في الشارع وبين القوى السياسية بما ينعكس سلباً على الرغبة الدولية المعلنة عبر الإعلام في معالجة الأزمات اللبنانية ومنع انهيار مؤسسات الدولة أكثر مما هي منهارة، مع ان الوقائع الأميركية تشير الى العكس.
هذا الكلام الداخلي والخارجي أوضح مؤشر على ان معركة رئاسة الجمهورية قد تُخاض في المرحلة المقبلة على ما يبدو «على الحامي لا على البارد»، بغض النظر عمّا يمكن أن يحمله الموفد العربي - الدولي جان إيف لودريان من مقترحات في شهر أيلول المقبل عند عودته الى لبنان، مع ان توجه مجموعة الدول الخمس في اجتماعها الأخير في الدوحة ركّزت على موضوع توافق اللبنانيين بإعتبار ان الحل لأزمة الرئاسة يجب أن يكون لبنانياً.