1 شباط 2024 12:14ص بارود لـ«اللواء»: أي تأجيل للاستحقاق يعتبر غير قانوني وغير دستوري

الانتخابات البلدية والاختيارية نحو تطيير جديد

حجم الخط
تترقّب الأوساط السياسية والديبلوماسية والشعبية قرار الدولة اللبنانية من موضوع إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في أيار المقبل بعد تأجيل سنة كاملة بسبب التطورات التي حصلت.
ويبدو ان الكلام عن التأجيل بدأ يدور في مركزيات القرار والذي يحتاج الى قانون بالمجلس النيابي على غرار السنة الماضية، لكن دوائر غربية ومنظمات دولية تتابع عن كثب هذا الحدث لما له من دلالات تتعلق بديمومة العملية الديمقراطية في لبنان، ولما له من مؤشر على استمرار ممارسات الحريات وسد الثغرات التي تحتاجها البلدات والمواطن، في تأمين الخدمات الإنمائية والإدارية وأمور أخرى.
إلّا ان عدم اللامبالاة من قبل القوى السياسية وقبل ثلاثة أشهر من موعد الاستحقاق الدستوري يرسم علامات استفهام وأسئلة، حول جديّة هذه القوى بعدم إجراء هذه الانتخابات وخصوصا ان الفراغ يطال بلدات وقرى لها ملء النفوذ عليها، فضلا عن أن الواقع السياسي الحالي لا يؤشر حماسة لإجراء مثل هذه الانتخابات، الأمر الذي قد يدفع بعض القوى الى العمل لتطيير الاستحقاق لأسبابها المتعلقة بتراجع تمثيلها في البلدات والقرى نتيجة أدائها السياسي منذ 2016 وحتى اليوم.
ويبلغ عدد البلديات في لبنان 1062 منها 34 مستحدثة أي أنشئت بعد العام 2016 بينها 128 منحلة يديرها قائمقام المنطقة أو المحافظ، أي بنسبة 10% من عموم البلديات، ويعتبر قانونيا المجلس البلدي منحلا إذا فقد نصف أعضائه على الأقل أو حُكم بإبطال انتخابه.
دوائر وزارة الداخلية وتحديدا المديرية العامة للشؤون السياسية واللاجئين أنهت حسب معلومات «اللواء» التدابير الإدارية من العام الماضي، لكونها استعدت لإجراء الانتخابات لكنها أرجئت للأسباب الآنفة الذكر الى أيار هذه السنة.
وعلى الرغم من تجنّب المعنيين إبداء الرأي السياسي بهذا الاستحقاق، لكن أجواءهم تؤكد ان البلد أحوج ما يكون إليه هو إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية، نظرا لحالات الشغور التي تضرب البلديات والمشاكل التي تنجم عن ذلك في كل المناطق اللبنانية، فضلا عن الواقع المتردّي لكثير من البلدات والقرى وحتى المدن في لبنان ان كان على المستوى الإنمائي أو على المستوى الخدماتي.
مصادر الداخلية تشير الى ان الوزارة على استعداد تام لإجراء الانتخابات في مواعيدها المحددة لكن المسألة تحتاج الى قرار مجلس الوزراء.
ولكن الأكيد يبقى إجراء الانتخابات البلدية في موعدها ضرورة ملحّة واستحقاق دستوري لا يحمل المزيد من التأجيل، في ظل الشلل الذي يضرب عدداً من المؤسسات الدستورية، علما أن السلطة السياسية حسب المعطيات هي من تسعى لتطيير هذه الانتخابات، وقد لا يكون ثمّة مبررات فعلية تحول دون إجراء الانتخابات في موعدها، وبالتالي فإن التمديد سيكون بمثابة تقصير بحق اللبنانيين وحقوقهم في التنمية على صعيد البلديات.

بارود

وفي هذا الإطار يقول وزير الداخلية السابق المحامي زياد بارود لـ«اللواء»: «كل المؤشرات تدلّ الى انه سيتم تأجيل إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية للمرة الثالثة على التوالي، رغم ان أي تأجيل يحصل لهذا الاستحقاق يعتبر غير دستوري وغير قانوني، وهذا الأمر لا يعتبر وجهة نظر بل هذا هو قرار المجلس الدستوري الذي صدر في العام 1997، والذي أبطل يومها قانون التمديد للمجالس البلدية والاختيارية، مما أدّى الى اضطرار الحكومة تنظيم انتخابات بلدية في العام 1998، مما يؤكد ان القرار الذي أصدره المجلس الدستوري بناء على طعن المقدم في موضوع التمديد للمجالس البلدية والاختيارية استند الى مقدمة الدستور، كما انه اعتبر ان التمديد يشكّل خرقا للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي ينص في احدى مواده على دورية الانتخابات وضرورة تداول السلطة، لذلك فان قرار المجلس الدستوري بأن قانون التمديد يشكّل مخالفة دستورية لا يزال صحيحا حتى اليوم».
وأشار بارود الى ان التبريرات في حال اتخاذ قرار التمديد للمجلس البلدية ستكون الموضوع مخالف للدستور، معتبرا ان تبريرات التأجيل هذه المرة ستكون مختلفة عن العامين الماضيين حيث كانت الحجة في العام الماضي عدم توفر الأموال رغم أنها تعتبر ساقطة، لانه من واجب الحكومة تأمين الأموال لتنظيم الانتخابات باعتبارها حق دستوري للمواطن، وموجب على عاتق الدولة كما انه مهما قيل عن عدم توفر التمويل فهو كلام فيه الكثير من العجز عن تأمين الحد الأدنى الديموقراطي، علما حسب بارود ان الحكومة على سبيل المثال استعملت مبالغ كبيرة في السابق من أموال حقوق السحب الخاصة «SDR» على أمور كثيرة، رغم انه كان يمكنها استخدام المبلغ المطلوب منها لإجراء الانتخابات، طالما كان مباح للدولة أن تتصرف بالأموال على هواها، مع العلم ان كلفة الانتخابات لم تكن تتجاوز 9 مليون دولار، لذلك فان حجة التمويل ساقطة ولا تستقيم.
ولفت وزير الداخلية السابق الى انه من المتوقع أن تبرر الدولة هذه المرة تأجيل الانتخابات وتطييرها، بحجّة الحرب باعتبار اننا اليوم في حالة الحرب والجنوب هو جزء من لبنان وأهله هم جزء من اللبنانيين، ولكن على الدولة إذا ما كانت لديها نيّة صادقة بإجراء الانتخابات أن تكون جاهزة لان الحرب ربما قد تتوقف في الجنوب قبل حلول موعد الانتخابات.
وذكّر بارود انه في العام 1998 عندما حصلت الانتخابات البلدية بعد غيابها 30 سنة، تم وقتها تأجيل الانتخابات في القرى والبلديات التي لديها وضعا خاصا نتيجة الحرب والاحتلال، ولكن لم تُحرم سائر المناطق اللبنانية من هذا الاستحقاق ومن تداول السلطة المحلية.
وعن رد المجلس الدستوري في العام الماضي الطعون المتعلقة بإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية، أسف بارود لان هناك الكثير من الأحيان يتم استخدام مفهوم الظروف الاستثنائية ان كان على صعيد المالي أو بسبب ظروف الحرب أو غيرها، مشدّدا على وجوب أن يتم استخدام مفهوم الظروف الاستثنائية بشكل ضيق جدا لأنه لا يجوز استخدامه بطريقة عشوائية.