بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 تشرين الثاني 2023 12:01ص بعد التهجّم الإسرائيلي على غوتيريش ما هو دور الأمم المتحدة؟

مصادر معنية لـ«اللواء»: موازين القوى السياسية تتحكّم بالقرارات الأممية

حجم الخط
أثارت مواقف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأخيرة عقب معركة «طوفان الأقصى» موجة من ردود الفعل منها المؤيّد، ومنها المعارض، خصوصا عندما قال «ان الشعب الفلسطيني خضع على مدى 56 عاما للاحتلال الخانق»، وشدّد أمام الهيئة العامة للأمم المتحدة على أهمية الإقرار بأن «هجمات حماس لم تأتِ من فراغ»، وإذ حذّر من «العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني»، وأعرب «عن قلقه البالغ بشأن الانتهاكات الواضحة للقانون الدولي الإنساني في غزة»، وأكد أن «أي طرف في الصراع المسلّح ليس فوق هذا القانون».
ولكن تصريحات غوتيريش أثارت بشكل خاص حفيظة وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، الذي ردّ عليه بحدّة، كذلك فإن سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان دعا غوتيريش إلى الاستقالة فورا بعد مواقفه.
من هنا، يطرح السؤل عن دور الأمم المتحدة ومقاربتها للملفات، في ظل عدم المساواة في المعايير، علما ان المؤسسة الدولية تأسست عام 1945، وهي تعتبر منتدى لأعضائها للتعبير عن أرائهم، واتخاذ إجراءات بشأن قضايا الأساسية التي تواجه البشرية بما في ذلك السلام.
مصادر أممية تشرح لـ«اللواء» دور المؤسسة، معتبرة ان موقفها يعكس مواقف أعضائها، والتي تعبّر عنها الجمعية العامة، ولكن في القضايا السياسية الكبرى فإن الصلاحية هي للسلطة الأعلى والتي هي مجلس الأمن، الذي يضم خمسة أعضاء دائمين هم في النهاية الذين يتحكمون بالقرارات السياسية من خلال حق الفيتو الذي يتمتعون به.
وتلفت انه بالنسبة الى القضية الفلسطينية على سبيل المثال، وتحديدا في موضوع الحرب على غزة، فالولايات المتحدة الأميركية هي من تتحكم بالقرار، فاذا أرادت أن تمنع تنفيذ أي قرار يتعلق بفلسطين عبر مجلس الأمن تستطيع ذلك، حتى لو اتخذت الجمعية العامة موقفا قويا كالذي أتخذ مؤخرا، والذي دعا الى وقف إطلاق النار في غزة، لذلك فإن المشكلة تكمن باعتبار ان قرارات الأمم المتحدة بالنهاية غير ملزمة.
ولكن في المقابل، تعتبر المصادر المعنية بالمؤسسة الأممية ان هناك وجها آخر للأمم المتحدة، حيث انها أنشأت على مجموعة من المبادئ الإنسانية المقبولة من البشرية كافة، وهذه المبادئ هي سبب الرئيسي بتأسيس كل المنظمات الإنسانية التابعة لها، كما ان المبدأ البسيط الذي يجمع هذه المؤسسات هي المساوات الكاملة بين الناس وعدم التمييّز فيما بينهم، لذلك وحسب ما تقول المصادر هناك عدد من المسؤولين داخل الأمم المتحدة يخرجون للدافع عن مبادئ المنظمة، ودعوة المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي لدعم وقف إطلاق النار في الشرق الأوسط لأسباب إنسانية هي أكبر دليل على ذلك، كذلك استقالة مدير مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان بنيويورك بسبب الجرائم ضد غزة، ولكن رغم ذلك فان من يتحكم في القرارات الأممية في النهاية حسب المصادر هي موازين القوى السياسية.
مشيرة الى ان الأمين العام شخصيا حاول من خلال مواقفه الضغط لوقف الإبادة الجماعية القائمة في غزة، ولكنه عجز عن ذلك لان القرار في النهاية دولي وسياسي، لذلك فان ذات القوى التي تمنع مجلس الأمن من اتخاذ قرار وقف إطلاق النار في غزة، وبالتالي التوقف عن قتل المواطنين الأبرياء، هي نفسها أيضا التي تستطيع إسكات غوتيريش، ورأت المصادر ان الأخير في كلامه حكّم ضميره وتحدّث بصراحة، خصوصا انه ليس خائفا من عدم التجديد له باعتباره انه في الولاية الثانية من مسؤوليته الدولية.
ولكن تلفت المصادر الى الطريقة العدائية والاحتقار بالحديث الذي بدا واضحا على وزير خارجية إسرائيل حين توجه بكلامه الى الأمين العام للمؤسسة الدولية، وذلك كونه متأكّد ان مجلس الأمن غير قادر على دعم غوتيريش، بل ان المجلس هو من يعمل على تسهيل مهمة إسرائيل، من خلال رفضه إصدار قرار يدعو الى وقف إطلاق النار.
وتعود المصادر لتشير الى ان المشكلة الحقيقية هي في مجلس الأمن، ولكن عندما يكون هناك إجماع دولي على أي قرار فانه يصبح نافذا مما يسمح للأمم المتحدة بأن تكون فاعلة، باعتبارها أيضا تشكّل منبرا هاما للإعلان عن المواقف والمواجهة ويبقى لديها قيمة معنوية، وهذا ما نشهده حاليا حيث تتم مناقشة مسألة الحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة، بحيث يعطى الشعب الفلسطيني المحاصر فرصة لإيصال صوته الى العالم رغم انه قد لا يغيّر الواقع، ولكن يبقى هناك حاجة لمنبر من أجل الدفاع عن الحقوق، حيث يمكن في قضايا تفصيلية وفي ظروف معينة تسجيل خرق ولو محدود على السيطرة الأميركية الشاملة على مجلس الأمن.
وعن الدور العربي في مجلس الأمن، تقول المصادر: «هناك عرف في مجلس الأمن بوجود عضو عربي دائم فيه، وقوة موقعه يرتبط بالموقف العربي الموحّد من القضايا، ولكن عندما يتحدث هذا العضو بإسم أطراف عربية محددة يكون موقفه ضعيف».
وتوقعت المصادر أن تستمر الحرب على غزة مدة غير قليلة، مبدية أسفها لرفض إسرائيل توقف الأعمال العسكرية لأسباب إنسانية كما دعت الولايات المتحدة رغم ان هذا الأمر يعتبر أقل بكثير مما هو مطلوب، علما ان لدى الأولى إمكانية للضغط على إسرائيل التي تؤيدها بشكل علني وواضح، لقبول هدنة مؤقتة لإغاثة المدنيين وفتح المعابر.