بيروت - لبنان

اخر الأخبار

16 تشرين الثاني 2021 12:01ص جسر سليم سلام من تلزيمات البلدية إلى الخزانة الأميركية

المحافظ صرف المستحقات بناء على تحقيق النيابة العامة

نفق سليم سلام.. حالة من الهدر المنظّم نفق سليم سلام.. حالة من الهدر المنظّم
حجم الخط
مع صدور الدفعة الأخيرة من العقوبات الأميركية وشمولها رجل الأعمال اللبناني جهاد العرب، عاد الحديث في الأوساط البيروتية عن التلزيمات في بلدية بيروت، والتي لطالما حامت حولها الشبهات أكان بشأن المبالغ الكبيرة التي أنفقتها البلدية دون أن تعالج أولويات العاصمة الحقيقية، أو من ناحية استحواذ متعهدين معينين على معظم العقود، من نفق وجسر سليم سلام إلى سوق الخضار والفاكهة بالمفرق في أرض جلول إلى تلزيمات جمع وكنس النفايات والبارك ميتر وغيرها من الملفات التي تحولت إلى قضايا رأي عام وُضِعَتْ على طاولة القضاء.

وكان مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية (OFAC) ، قد أدرج في 28 تشرين الأول الماضي العرب على لائحة العقوبات، إلى جانب المتعهد داني خوري والنائب جميل السيّد، لمساهمتهم في انهيار الحكم الرشيد وسيادة القانون في لبنان، بحسب تعبير المكتب الذي أشار إلى أنه في عام 2018 فازت شركة العرب بعقد قيمته 18 مليون دولار لإعادة تأهيل جسر في بيروت لكن سرعان ما تمَّ إبطال مخاوف وقلق مسؤولي البلدية بشأن تكلفة المشروع العالية والقضايا المتعلقة بالسلامة نتيجة لعلاقة العرب بسياسيين أقوياء. وفي عام 2016 تلقّت شركة العرب عقداً بقيمة 288 مليون دولار من مجلس الإنماء والإعمار لإقامة مكب للنفايات بعدما امتلأت شوارع بيروت بالقمامة، ولكن ومع حلول عام 2019 بقيت أزمة النفايات متفاقمة.

تلزيم الجسر 

«اللواء» علمت من مصادر بلدية بيروت، أنّ الجسر المقصود هو جسر سليم سلام، لكن المتعهد الذي حصل على عقد ترميم وصيانة الجسر المذكور ليس شركة جهاد العرب إنما شركة أنطوان مخلوف. أما العرب فقد فاز بمناقصة تأهيل وصيانة وتشغيل نفق سليم سلام. 

وأضافت المصادر بأن كلاً من الجسر والنفق يشكل منشأة منفصلة، وكانت البلدية أعدت دراسة منفصلة حول الوضع الإنشائي لكل منهما وقامت بإجراء مناقصة منفصلة لتأهيلهما بعد مرور عشرات السنوات على بنائهما وحدوث تشققات ومخاطر كبيرة على السلامة العامة.

قيمة الصفقة

أما بالنسبة إلى قيمة الصفقة، فقد أكدت المصادر البلدية أن قيمة عقد النفق الذي نفذته شركة جهاد العرب تبلغ 12 مليار ليرة، وأن تنفيذ المرحلة الأولى التي تتطلب التأهيل والصيانة بدأ سنة 2017 وأنتهى في شهر آب الماضي وتقاضى المتعهد عن تلك الأعمال ما يقارب سبعة مليارات قبل ارتفاع سعر صرف الدولار، أما المبالغ المتبقية فتقاضاها على أسعار متصاعدة وبالطبع لا يوجد تعديل للأسعار وهذا يعني أن قيمة تلك المبالغ تدنت كثيراً. 

أما الشق الذي يتعلق بتشغيل النفق أي بالإبقاء عليه مضاءً ونظيفاً وصيانة الأعطال فيه فقيمته 2 مليار ليرة لمدة سنتين وقد بدأت هذه المدة منذ آب الماضي ويجب أن تستمر للسنتين القادمتين وهذا يعني أن المتعهد سوف يتكبد مبالغ طائلة بالدولار الأميركي «الفريش» لتشغيل المولدات التي تبقي النفق مضاءاً على مدار الساعة في ظل الانقطاع شبه الدائم للكهرباء.

دور المحافظ

أحد أعضاء المجلس البلدي أفاد بأن ما لا يعرفه كثيرون، أن التلزيمات في بيروت تتم في لجنة تسمى لجنة المناقصات في المجلس البلدي ويترأسها بحكم القانون رئيس المجلس البلدي، وهي التي تبت بجميع المناقصات وترفع قراراتها إلى المجلس البلدي وهو السلطة صاحبة الصلاحية لعقد نفقات الأشغال واللوازم والخدمات والذي يقرر بدوره الموافقة على نتيجة المناقصة، وبعد ذلك يحال الملف إلى وزير الداخلية بصفته سلطة الوصاية على البلدية للمصادقة على نتيجة المناقصة، ومن ثم يحال الملف إلى ديوان المحاسبة الذي يمارس «الرقابة المسبقة» على النفقة وله الحق بالموافقة أو الرفض، وعندما يوافق ديوان المحاسبة على المناقصة فإن ذلك يعتبر مصادقة على قانونية إجراءات المناقصة وبأنها تمت في الشكل بحسب الأصول. 

أما بالنسبة إلى دور المحافظ، فأشار العضو البلدي، إلى أن المحافظ لا علاقة له بعملية التلزيم، ولجنة المناقصات هي التي ترسي المناقصة وبعد اقتران المناقصة بموافقة ديوان المحاسبة يصبح التلزيم نهائياً وجاهزاً للتنفيذ، وهنا يبدأ دور المحافظ بصفته رئيس السلطة التنفيذية في بلدية بيروت. وبموجب هذه الصفة أول صلاحية من صلاحيات المحافظ المنصوص عليها في المادة 74 من قانون البلديات هي «تنفيذ قرارات المجلس البلدي»، أي أن واجب المحافظ هو أن ينفذ قرارات المجلس البلدي وليس لديه أي هامش للرفض لأنه ليس سلطة رقابة على المجلس البلدي بل وزير الداخلية وديوان المحاسبة، وإذا كانا قد وافقا على النفقة يصبح دور المحافظ محصوراً بالرقابة على التنفيذ، وهو يمارسها من خلال الأجهزة الإدارية والهندسية في البلدية. وكان المجلس البلدي الحالي كما المجالس السابقة يهاجمون المحافظ إذا تأخر بتنفيذ قراراتهم تحت عنوان أنه سلطة تنفيذية فقط وأن المجلس البلدي هو السلطة التقريرية وهو منتخب من الشعب ويمثل أهل بيروت.

اتفاقات المتعهدين

ولدى سؤاله عن الطريقة التي يتمكن بها المتعهدون من الحصول على التعهدات الكبيرة، لا سيما بمبالغ يتبيّن أنها تحتوي هامش ربح كبير رغم اتباع البلدية الأصول القانونية في المناقصات، أفاد العضو البلدي بأن الاتفاقات بين المتعهدين تتم خارج البلدية ويحصل كل منهم على ما يريده بمعنى أنه يتقدم عدة أشخاص للمناقصة، لكن يكون بينهم اتفاق بأنها ستؤول لأحدهم ويتفقون على الأسعار وهذا لا يمكن لعضو بلدي عادي أن يكتشفه إلا إذا كان متواطئاً مع المتعهد. 

وأكد أن جلسات المجلس البلدي كانت تشهد نقاشات حادة حول الأسعار ولكن المعارضين لم يتمكنوا من تقديم إثباتات عن حصول تواطؤ وبقيت الاعتراضات من دون تأثير، حتى القضاء لم يتوصل إلى إثبات ارتكابات في العديد من المناقصات ومن بينها مناقصة نفق سليم سلام وقد أجرت التحقيقات بشأنه النيابة العامة المالية وانتهت إلى حفظ الملف.

عبود يراسل التمييزية

وبحسب معلومات من داخل الإدارة البلدية، فإنّ المحافظ مروان عبود أرسل في حزيران الماضي كتاباً إلى النيابة العامة التمييزية يسأل فيه عن مصير التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة المالية فأصدرت هذه الأخيرة إفادة ذكرت فيها بأن «الملف المتعلق بتأهيل وصيانة نفق سليم سلام قد اتخذ قراراً بحفظه بعد قيام النيابة العامة المالية بالتحقيقات اللازمة، وأن النيابة العامة التمييزية أحالت تلك الإفادة إلى المحافظ عبود جواباً على كتابه». وعلى هذا الأساس قام المحافظ بتوقيع كشوفات الأشغال المنفذة في النفق وبصرف المستحقات المالية للمتعهد.