بيروت - لبنان

اخر الأخبار

3 نيسان 2023 12:43ص للإقلاع عن شعار «الرئيس السيادي» المتعذّر حصوله.. مطلوب تقاطع تفاهمات داخلية وخارجية للوصول إلى الحل

حجم الخط
بات على القوى السياسية المنادية بإنتخاب رئيس «سيادي» للدولة التوقف عن رفع هذا الشعار غير الواقعي، بعدما دخل الخارج بقوة على انتخاب الرئيس وبات يحدد مواصفات ومعاييرَ وشروطاً بعضها أعلى من السقف الذي يرفعه أهل الداخل، وذلك نتيجة انقسام أهل الداخل وفشلهم الذريع في إدارة البلد، وارتقاء مواقفهم السياسية الى أعلى قمة وليس أعلى الشجرة، بحيث بات من الصعب كثيراً عليهم النزول إلّا بقوة قاهرة من الخارج، ما يحرجهم أمام جمهورهم إذا تراجعوا، ويُعطّل آلة الحكم إذا استمروا في مواقفهم الحادة، ما اضطر الخارج الى البحث في تدوير الزوايا عوضاً عنهم.
سبب هذا الكلام ما تواتر من معلومات عن لقاءات باريس مع الشخصيات اللبنانية التي زارتها، لا سيما رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، بحيث انه إذا صحّت المعلومات ان المسؤولين الفرنسيين طلبوا منه «ضمانات وتطمينات» حول ملفات بعضها محق، مثل ضمان مكافحة الفساد وإجراء الإصلاحات البنيوية في الاقتصاد والمالية العامة وإدارات الدولة المترهلة أصلا قبل الأزمة المالية، والتي انهارت نهائياً بعدها، ووضع أسس سليمة للتفاوض مع صندوق النقد الدولي لا تُرهن البلاد وأجيالها الطالعة، ومكافحة التهريب وضبط الحدود، وبعضها يدخل في إطار محاولة فرض أمور سياسية استراتيجية مختلف عليها منذ زمن كموضوع سلاح المقاومة ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا، والعلاقة مع سوريا وكيفية التعاطي مع ملف النازحين، وترسيم الحدود البرية بعد البحرية...
وفي الحالتين، من الصعب خروج لبنان من دائرة التأثير الخارجي برغم كل دعوات «الحياد» التي باتت ممجوجة، طالما الداخل مرتهن والخارج متدخل، ما يفترض تقاطع توافق داخلي وخارجي حول تفاهمات معينة مقبولة ومعقولة تنتشل لبنان من الهوة السحيقة، وتفتح باب الحوارات حول المسائل العالقة داخليا لتسريع تنفيذها، ولا سيما الإصلاحية الجذرية منها.
على هذا ينتظر لبنان تحقيق هذه التفاهمات الخارجية لتنعكس على الداخل أو بالعكس تفاهمات الحد الأدنى في الداخل يتم تسويقها في الخارج، بما يكفل إيجاد حلول مستدامة إذا أمكن لا تسويات ظرفية سرعان ما تتهاوى، كما تهاوت «تسوية الدوحة» وقبلها وبعدها تفاهمات أخرى، «كتفاهم معراب» و«تفاهم بكركي» بين المسيحيين الأربعة ألكبار، وصولاً ربما لاحقاً الى «تفاهم مار مخايل».
ولهذه الأسباب ربما، عاد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط من فرنسا من دون نتائج حاسمة للملف الرئاسي، الذي ما زالت باريس تخضعه لمزيد من التشاور مع الجهات المعنية لا سيما السعودية والأميركية.
وفي حين تعذّر معرفة تفاصيل كثيرة عن لقاءات جنبلاط ونتائج زيارته لباريس، لكن مصادر مطّلعة قريبة منه، ذكرت انه حمل معه في اللقائين مع مستشاري الرئيس الفرنسي باتريك دوريل، وبرنارد ايمييه، نفس الفكرة التي يطرحها في المفاوضات المغلقة في بيروت، لجهة اختيار شخصية ثالثة حيادية ومقبولة لرئاسة الجمهورية، لأن المطروح من أسماء بنظره هم مرشحو تحدّ، ما يعني تمسّكه بعدم انتخاب رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية.
وأوضحت المصادر أن جنبلاط طرح أمام الفرنسيين أسماء المرشحين الذين يطرحهم في بيروت، لكنها قالت انها «أسماء للإستئناس» وليس بالضرورة لإختيار أحد منها، وإذا كان لدى فرنسا أو سواها أسماء أخرى مقبولة فهي خاضعة للنقاش..
وبحسب المصادر، يبدو ان الفرنسيين باتوا أقرب الى فكرة جنبلاط، بخاصة بعد فشلهم في تسويق صفقة المقايضة «فرنجية لرئاسة الجمهورية ونواف سلام لرئاسة الحكومة»، وهم وعدوا رئيس التقدمي بمزيد من الاتصالات والجهود.
ويبدو أن هذا ما بدأه الفرنسيون مجدداً مع سليمان فرنجية خلال زيارته في باريس، لتدوير الزوايا معه، وربما يتم استدعاء سياسيين آخرين لزيارة باريس للإستئناس برأيها قبل حسم الأمور مع السعودية.