بيروت - لبنان

28 كانون الأول 2023 12:01ص مصادر مالية لـ«اللواء»: على الدولة الإيفاء بالتزاماتها.. وعلى الحاكم الإعلان عن توجّهاته

غموض مالي يُسيطر على بداية العام

حجم الخط
يطوي عام ألفين وثلاثة وعشرين آخر أوراقه في لبنان على ملفات مثقلة أمنيا وسياسيا واقتصاديا، من تصعيد إسرائيلي واسع جنوبا، الى شغور رئاسي وشلل مؤسساتي وأزمة اقتصادية-مالية وصفت بانها الأسوأ عالميا، مما ينذر بقتامة المشهد المقبل نتيجة غياب أي حلول جديّة في الأفق، وإرساء أي خطوات واجراءات إصلاحية على الصعيد الاقتصادي بفعل ارتباط الأزمات بعضها ببعض، واللافت كان خلال الأيام القليلة الماضية الفاصلة عن نهاية العام هو إعلان مصرف لبنان عن زيادة سعر صرف الدولار من 85500 الى 89500، مما يدفع الى التساؤل حول الآثار الاقتصادية المتوقعة وانعكاساتها على المواطن اللبناني، الذي بات عاجزا عن تحمّل المزيد من الأعباء نتيجة تعديل الضرائب والرسوم، التي كانت مرتبطة سابقا بسعر صرف الدولار.
وفي الوقت الذي أصدر فيه البنك الدولي تقريره تحت عنوان «في قبضة أزمة جديدة»، وذلك في إشارة مباشرة الى الأزمة الناجمة عن حرب غزة، وتأثير الصراع في الشرق الأوسط على الاقتصاد اللبناني، توقّع التقرير أن يشهد الاقتصاد اللبناني ركودا كبيرا في ظل تنامي معدل التضخم الذي قد يصل الى 240 في المئة مع نهاية العام 2023 مقارنة مع العام 2021، بينما كان اللافت إبداء رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ارتياحه لمستقبل الأوضاع الاقتصادية والمالية، وفي هذا الإطار سألت «اللواء» مصادر اقتصادية قريبة من رئيس الحكومة عن أسباب هذا الارتياح، فأشارت الى ان هناك عوامل عدة تشير الى نوع من التفاؤل حيال الوضع الاقتصادي في المرحلة المقبلة، وأهمها قرار تثبيت سعر الصرف، إقرار موازنة 2024، ووضع ميزان المدفوعات إضافة الى معدل النمو، معتبرة الى ان كل هذه المؤشرات تدلّ بشكل أساسي على ان الوضع الاقتصادي يتجه نحو التحسّن، ولكنها اعتبرت في المقابل ان إنهاء مسألة الشغور الرئاسي وحل الأزمة السياسية هو مفتاح أساسي لكافة الأوضاع بما فيها بشكل مباشر الأزمة الاقتصادية، مشدّدة على وجوب تطبيق مشروع صندوق النقد الدولي من خلال إقرار القوانين الأساسية في مجلس النواب.
من ناحيتها، ترفض مصادر مالية واقتصادية مطّلعة على كافة الاجراءات المتخذة عبر «اللواء» التكهن بمستقبل الأوضاع المالية في الأيام القليلة المقبلة، وترى ان كل الاحتمالات واردة رغم ان المؤشرات تدلّ على ان هناك سواد في الأفق نتيجة الأزمة الاقتصادية الكبيرة، كما انها تعتبر ان مجيء عدد من المغتربين الى لبنان في المناسبات غير كافية لإنعاش الوضع الاقتصادي.
وإذ اعتبرت المصادر ان القطاع المصرفي يعاني منذ أربع سنوات حتى انه أصبح غير موجود، سألت كيف يمكن أن ينهض البلد مجددا، ويكون لديه اقتصاد صحيح ومعافى، ولدى الدولة مديونية، إضافة الى تفكيرها بشطب الودائع؟
وشدّدت المصادر على ان الأولوية يجب ان تبدأ ببناء الدولة من خلال انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات وتعمل بشكل منظم صحيح. لافتة الى ان الدولة اللبنانية ليست مهيّئة بعد للسير بخطة صندوق النقد الدولي، وقالت: «ليس لدينا «كابيتال» كي نقوم «بالكونترول»، فمن غير الجائز أن تتحمّل ودائع الناس ثمن حل أزمة الدين العام، باعتبار ان المواطن لم يضع أمواله لدى الدولة أو لدى مصرف لبنان، بل وضعها لدى المصارف التي بدورها وضعت أموالها لدى المركزي الذي هو من أقرض الدولة وعليها أن تتحمّل مسؤولية تحديد ما يمكن القيام به، فهل تريد تسديد الدين، وتنفيذ التزاماتها تجاه مصرف لبنان وبالتالي إعادة القطاع المصرفي للعب دوره؟
ودعت المصادر الدولة لإعادة برمجة أوضاعها وديونها تجاه بيوت المال الدولية، ودفع المتوجب عليها، وبعدها يمكن الحديث عن تطبيق «الكابيتال كونترول» والإصلاح المصرفي وإعادة الهيكلة حسب المصادر التي تؤكد بان ليس هناك شيء في القانون اسمه سعر رسمي للدولار، فهناك سعر يتم التداول به بين المصارف ومصرف لبنان مع السوق، وبالتالي قدرة المركزي لتقديم الدولارات المطلوبة، إضافة الى ان العرض والطلب على العملة الصعبة له دور على هذا الصعيد.
ورأت المصادر الى انه إذا قرّر مصرف لبنان دفع ودائع الناس حتى ولو «بالقطارة» على سعر السوق فهذا الأمر يعتبر مدخلا جيدا، داعيا حاكم لبنان بالإنابة وسيم منصوري بمصارحة الناس ووضعهم بصورة القرارات التي سيتم اتخاذها من قبل مصرف لبنان مستقبلا.
ولفتت المصادر الى انه إذا استمرت الحكومة في العام المقبل باتباع نفس السياسة الاقتصادية والمالية المتبعة حاليا سنشهد ركودا اقتصاديا إضافيا، معتبرة الى ان الأمور قد تنقلب وتأخذ منحى إيجابيا في حال حصول انتظام في عمل مؤسسات الدولة من خلال انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة كاملة المواصفات وتحديد موقفها من موضوع الدين المتوجب عليها بالنسبة «لليورو بوند» وتسديد الفجوة مع مصرف لبنان، يمكن عندها أن نشهد صورة واضحة لإعادة هيكلة الودائع وإصلاح القطاع المصرفي.
وعما إذا ستؤدي الزيادات المرتقبة للقطاع العام الى مزيد من التضخم، رأت المصادر ان الأولوية يجب أن تكون اليوم هي البحث عن كيفية معالجة وضع رواتب الموظفين والعسكريين، الذين يعانون بشكل كبير نتيجة تدنّي الرواتب والارتفاع المستمر للأسعار، مشددة على ان الأساس هو تفعيل الإدارة، ولكن في المقابل أملت المصادر إجراء إصلاح على الصعيد الإداري لكي يأخذ كل موظف حقه، مشيرة الى ان هناك مبادئ أساسية يجب السير بها وهي ان لا عمل من دون أجر، ولا أجر من دون عمل، كما انه لا يجوز أن يكون هناك أجر دون تأمين مقومات الحياة الأساسية للموظف.