بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 تموز 2023 12:00ص هل يحتمل المسيحيون الشغور في مصرف لبنان إذا استقال نواب الحاكم بعد إنتهاء ولاية سلامة؟

حجم الخط
دخل لبنان في متاهات كثيرة أكبر من أن تحتملها قدراته المحدودة وتركيبته السياسية الهشّة ونظامه المتهاوي، فلا قدرة على انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل أي حكومة بات أمرا متعثرا عند كل استحقاق، وعقد جلسات للحكومة بات تحت نيران سياسية لاهبة لا مجال لإخمادها. وتعيين حاجب في الدولة بات بحاجة الى «ميثاقية» سياسية وطائفية، فكيف بتعيين حاكم للمصرف المركزي أهم منصب مالي واقتصادي وحتى سياسي في الدولة؟ والتوافق أو الحوار بات أمراً منبوذاً لدى البعض بعدما كان في جوهر التركيبة السياسية القائمة على المحاصصات التي دخل فيها الجميع حباً وطواعية قبل الانقلاب عليها.
لذلك يسود الضياع والإرباك والتعثّر كل ملف كبيراً كان أم صغيراً. ومنها مؤخرا مصير حاكمية مصرف لبنان المركزي، حيث تنقسم الآراء أو الأفكار والاقتراحات بين تعيين حاكم جديد، أو «التمديد التقني» للحاكم رياض سلامة فترة من الوقت لحين انتخاب رئيس للجمهورية، أو تسلّم نائبه الأول وسيم منصوري المركز مؤقتاً. ويبدو ان الخيارات الثلاث تواجه عقبات كثيرة. فكان تلويح نواب الحاكم الأربعة بالاستقالة في حال لم يتم تعيين حاكم أصيل، مقابل اقتراح التيار الوطني الحر تعيين حارس قضائي ماروني على المصرف المركزي الى حين البتّ بالملف وفق الأصول.
وتفيد المعلومات ان منصوري يتهيّب تسلّم الحاكمية وفق قانون النقد والتسليف لأسباب كثيرة، منها ان لا غطاء مسيحياً كافياً أو شاملاً لتسلمه المركز، وان من يطلب تسلّمه المركز بحكم القانون لا يوفر ولا يُيَسر له إنجاز مهمته المؤقتة، عبر إقرار القوانين المالية الإصلاحية. وفي الوقت ذاته ممنوع عليه أن يستقيل، لذلك فهو مكبّل... ومن هنا كان بيان نواب الحاكم الأربعة لحثّ الطبقة السياسية على التصدّي بحكمة وواقعية وسرعة للأزمات عبر انتخاب رئيس للجمهورية بأقصر وقت ممكن، أو تعيين حاكم أصيل للمركزي، برغم علمهم ان انتخاب الرئيس أمر متعذر، والتوافق على تعيين بديل لرياض سلامة متعذر أيضاً، من هنا كانت ردود الفعل السلبية على بيان النواب، ولكن ثمة من طرح السؤال: هل سيكون المسيحيون سعداء بتسلّم شيعي المركز الأول في مصرف لبنان إذا تعذّرت الخيارات القانونية الأخرى غير تسلّم منصوري، أو بترك موقع الحاكمية ونوابه للشغور كما موقع رئاسة الجمهورية؟
لكن في الوقت ذاته، وفي ظل الاستعصاء بل الفشل الحاصل على كل مستويات إدارة الدولة، هل من خيار قانوني آخر بعد انتهاء ولاية الحاكم إذا تعذر تعيين بديل لسلامة غير خيار «الشيعي البديل»؟: لذلك نقل متصلون بمنصوري عنه قوله: كنت أقول من أكثر من سنة للمسؤولين تفضّلوا وعيّنوا حاكماً أصيلاً قبل الوصول الى الشغور في المركز. وأنا كان بإمكاني أن أستقيل من سنة حتى لا أتجرّع هذه الكأس المُرّة، لكن كان ممنوع عليّ الاستقالة لأسباب تتعلق بعمل المصرف المركزي وحتى لا أضع المسؤولين أمام مسؤولياتهم ووضع محرج.
ويوضح منصوري ردّا على سؤال: صحيح ان المجلس المركزي سيتخذ القرارات بالإجماع بعد شغور منصب الحاكم، لكن يبقى نائب الحاكم الذي سيتسلم المركز هو المسؤول الأول وعليه تقع المسؤولية إذا اتخذ أي قرار أو إجراء مالي. عدا عن خشيته من أن يتم التصويب السياسي على «الثنائي الشيعي» انطلاقا من تسلّمه المركز بهدف استغلال الموقف من خصوم الثنائي!
وينفي المتصلون بمنصوري ما تردد عن عدم رغبة أميركية بتوليه المنصب بعد سلامة، ويقولون: ان المسؤولين الأميركيين الذين التقاهم تعاملوا معه بكل إيجابية على انه سيكون الحاكم للمركزي بعد نهاية ولاية سلامة.
وثمة تأكيدات ان تلويح النواب الأربعة ليس مجرد تهديد للضغط أو للحثّ. بل هو قرار جدّي بالاستقالة الجماعية إذا لم تتخذ السلطات الرسمية قراراً خلال مهلة معينة، ربما أسبوع أو عشرة أيام، بتعيين حاكم أصيل، لتستقيم الحياة الاقتصادية والنقدية والمصرفية في البلد، وهذا ما يعني وضع مصرف لبنان في دائرة الخطر الشديد، مع ما سينعكس ذلك على الواقع المالي والنقدي وسعر صرف الدولار الأميركي، فضلاً عن رواتب الموظفين وإنفاق الدولة التي ستصبح معطّلة بالكامل.