بيروت - لبنان

اخر الأخبار

صحافة أجنبية

5 نيسان 2024 01:15ص من إعلام العدو .. على الرغم من الهجوم في دمشق، فإن قواعد المواجهة مع إيران لا تزال قائمة

حجم الخط
تسفي برئيل

بدأت قواعد اللعبة التي تديرها إسرائيل على الساحة السورية بالتغير منذ كانون الأول/ديسمبر، عندما قُتل رضي الموسوي، «منسق العمليات» المسؤول عن شحنات السلاح بين إيران وحزب الله، في هجوم صاروخي منسوب إلى إسرائيل بالقرب من دمشق. بعد مرور شهر، وفي 20 كانون الثاني/يناير، قُتل رئيس الاستخبارات في فيلق القدس في سورية حجة الله صادق أوميدفار وآخرون. لكن الهجوم المباشر على القنصلية الإيرانية في دمشق، الذي أودى بحياة قائد فيلق القدس في سورية ولبنان ونائبه، بالإضافة إلى مسؤولين إيرانيين رفيعي المستوى، اعتُبر كسراً لكل القواعد.
وبناءً على ذلك، من الممكن أن يؤدي هذا الهجوم إلى ردّ إيراني مختلف عن لغة التهديدات التي تميزت بها سياسة طهران حتى الآن. الفارق الأساسي، على ما يبدو، يشكل سابقة، إذ هاجمت إسرائيل مبنى رسمياً إيرانياً، وليس قاعدة عسكرية سورية، يوجد فيها ضباط إيرانيون، أو منشأة تابعة لحزب الله «تستضيف» مستشارين ومدربين إيرانيين.
كما انهار هنا ما يسمى «هامش الإنكار» الذي يسمح لإسرائيل بالإنكار، أو على الأقل بعدم الاعتراف بأنها هي التي تقف وراء الهجوم. إيران أيضاً لا تستطيع الاختباء خلف ستارة مريحة لها والادعاء أن الهجوم هو جزء من الحرب بين إسرائيل وحزب الله، أو أن إسرائيل هاجمت أهدافاً في سورية لا علاقة لها بإيران (وبالتالي لا يُعتبر هجوماً مباشراً يستدعي الرد).
لكن سبق لإسرائيل أن خرقت «هامش الإنكار» أكثر من مرة، عندما استعرضت قوتها الاستخباراتية، وعرضت على الملأ الأرشيف الذي سرقته من داخل إيران، فضلاً عن عمليات منسوبة إلى إسرائيل، مثل مهاجمة أهداف في داخل إيران واغتيال مسؤولين رفيعي المستوى في داخل الأراضي الإيرانية. وكانت الذروة في تشرين الثاني/نوفمبر 2020، باغتيال رئيس البرنامج النووي الإيراني محسن فرح زادة في قلب طهران، في هجوم اعتُبر يومها تغييراً في قواعد اللعبة، لكن على الرغم من توعُّد طهران «بانتقام قاسٍ»، فهي لم تنجح في القيام بردّ يكون ضرره مساوياً للضرر الذي لحِق بالبرنامج النووي. وحتى الآن، لم تتمكن إيران من الانتقام لاغتيال قاسم سليماني الذي اغتالته الولايات المتحدة في كانون الثاني/يناير 2020 خلال جولة له في بغداد.
والسؤال المطروح اليوم هو: هل ما لم يتسبب به اغتيال سليماني، يمكن أن يحدث الآن، بعد اغتيال زاهدي. أي هل ستتخلى إيران عن القواعد التكتيكية للمواجهة التي تخوضها، والتي تتيح لها المحافظة على موقعها الاستراتيجي، وتنتقل إلى هجوم مباشر يضعها، ليس فقط في مواجهة مع إسرائيل، بل في مواجهة مع الولايات المتحدة؟ وعملياً، مثل هذا الهجوم سيفصلها عن «محور المقاومة» الذي تؤدي فيه دور المساند والموجّه والاستشاري والمدرب، وتقوم بفتح جبهة مستقلة تتحول فيها إلى هدف.
هذه المعضلة تدركها طهران جيداً. على سبيل المثال، يوجد بين واشنطن وطهران حوار منذ بدء الحرب، صحيح أنه غير مباشر، لكنه واضح ومستمر، تنقل عبره الولايات المتحدة رسائل تهديد إلى إيران. على سبيل المثال، بعد التهديد الأميركي والهجمات على قواعد تابعة لميليشيات موالية لإيران في العراق، أمرت إيران هذه الميليشيات بالتوقف عن مهاجمة أهداف أميركية في العراق وسورية، ومنذ 4 شباط/فبراير، يسود الهدوء هذه الساحة.
بررت إيران هذه التوجيهات للميليشيات بحجة أنها لا تريد إلحاق الأذى بتقدم المفاوضات بين العراق والولايات المتحدة بشأن انسحاب كل القوات الأميركية من العراق.  كما توجد مفاوضات غير مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، بوساطة من سلطنة عُمان، التي تضغط على إيران من أجل «تهدئة» الحوثيين. لم تثمر المفاوضات أي نتائج، ويبدو أن أحد أسباب ذلك أن إيران لم تشأ اختبار قدرتها على الضغط على الحوثيين الذين لديهم جدول أعمال مستقل. حتى الآن، من النتائج الأساسية للحوار الدبلوماسي الإيراني-الأميركي، طبيعة المواجهة بين إسرائيل وحزب الله، إذ يقف الطرفان على حد السيف، ويوسّعان حدود ردودهما، ومع ذلك،  يتجنبان حرباً شاملة، على الرغم من أن الصراع الدائر، من حيث حجمه ومستواه، مؤهل فعلاً، في ظروف أُخرى، ليحمل صفة حرب.
لدى إيران القدرة على الاستفادة من أذرعها وجعلهم شركاء كاملين في حربها، إذا قررت ذلك.
استخدام حزب الله للرد على اغتيال زاهدي هو التهديد الأخطر الذي تستطيع إيران استعماله. لكن القيود السياسية والاستراتيجية التي تقيدها في لبنان، وحدود الصراع الدائر بين إسرائيل وحزب الله لن تتغير بسبب الاغتيال. تعمل طهران وفق معادلة استراتيجية خاصة بها في مواجهة إسرائيل، وليس لديها قوة عظمى يمكن أن تنضم إليها وقت الحرب، حتى لو هاجمتها قوات أميركية.
إيران لا تستطيع الاعتماد على روسيا (التي سارعت إلى الدعوة إلى انعقاد مجلس الأمن، بعد اغتيال زاهدي) ومطالبتها بإلغاء اتفاق التنسيق بينها وبين إسرائيل، الذي في إطاره، لإسرائيل حرية العمل الجوي في الأجواء السورية. هذه الاعتبارات يمكن أن تفرض على إيران التمسك بردّ تكتيكي لا يضعها في موضع اختبار، ولا يعرّض أرصدتها للخطر...

المصدر:هآرتس
اعداد: مؤسسة الدراسات الفلسطينية