بيروت - لبنان

اخر الأخبار

16 تشرين الثاني 2019 06:05ص Ponzi Scheme سياسي يقوِّض الدولة: مناورة الصفدي إستطلاع بالنار!

«المستقبل» يستعيد سيرة الإنقلاب على الحريرية مطلع عهد لحود ومن ثم في 14 شباط

حجم الخط

ان مردّ الازمات المتلاحقة التي تهدم البيت اللبناني والنظام المؤسسي، هو تحديدا غياب الثقة بين الافرقاء والتردد والخوف

ما حصل على خلفية التطور الحكومي الاخير يختصر بدقة العقلية التي يتعاطى في هديها معظم الطبقة السياسية، من مناورات وإستطلاع بالنار، وكذب في أحيان كثيرة، وصولا الى تخريب المخرج من أساسه.

قال مقربون من حزب الله وحركة «أمل» أنه ممثليهما (علي حسن خليل وحسين خليل) سمعا من رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري موافقة صريحة لا لبس فيها على ترشيح محمد الصفدي، وعلى هذا الأساس تم الاتصال بالرجل والتشاور معه، وهو أبدى كذلك موافقة واضحة، وإن ربطها بتوافر مظلة تيار «المستقبل» التي إعتبرها الثنائي تحصيلا حاصلا بالاستناد الى ما سمعه الخليلان من الحريري شخصيا الى جانب مسارعة موقع «مستقبل ويب» ليل الخميس الى الترويج لإسم الصفدي على انه التوافقي المنتظر. 

وذهبت المعطيات حد الجزم بأن الحريري تخطى الموافقة على الاسم الى التأكيد أنه سيمنح الصفدي وحكومته الثقة وسيسمي كذلك وزراء من تيار المستقبل، وأن رئيس الحكومة أبلغ تلك الموافقة الى الرؤساء تمام سلام وفؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي الذين إلتقاهم ليل الخميس. وحتّم هذا التطور على القصر الجمهوري بدء التحضير لاطلاق الاستشارات النيابية بدء من بعد غد الاثنين.

لكن الثنائي الشيعي تفاجأ لاحقا، كما تفاجأ القصر والتيار الوطني الحر، بإستدارة مستقبلية ظلت حتى ظهر أمس غير مفهومة.

في المقابل، تنفي أوساط رئيس الحكومة المستقيل أن يكون قد منح أي موافقة على إسم الصفدي أو حتى على مشاركة «المستقبل» في الحكومة العتيدة، مشيرة الى انه كرر أمام ممثلي حزب الله وحركة «أمل» أنه مستعد حصرا لترؤس حكومة تكنوقراط، وأنه لن يغطي أو يشارك في أي حكومة خارج هذا السياق، وإلا فيتحمّل كل طرف مسؤولياته وما قد يحصل في الشارع، وليتحمّل كذلك معارضة مستقبلية شرسة، وليقع على عاتقه إحتمال ردة فعل كل من خرج الى الشارع في 17 تشرين الأول يطالب بالتغيير الشامل. 

وبلغ الامر حد إستعادة مقربين من الحريري الابن سيرة الانقلاب السياسي على الحريري الأب بداية عهد الرئيس إميل لحود، ومن ثم الانقلاب الدموي عليه يوم 14 شباط.

واقع الحال ان مردّ الازمات المتلاحقة التي تهدم البيت اللبناني والنظام المؤسسي، هو تحديدا غياب الثقة بين الافرقاء والتردد والخوف. 

ويحلو لمرجع رفيع تشبيه آليات التعاطي لدى الطبقة السياسية مع مختلف القضايا الوطنية، كبُرت أم صغرت، بـ «سلسلة بونزي» Ponzi Scheme سياسية لا إقتصادية – مالية فحسب. فتلك السلسلة المعروفة أيضا بـ«هرم بونزي» أو حتى «لعبة بونزي»، تحمل اسم تشارلز بونزي الذي اشتهر إثر عمليات تزوير عقاري أقدم عليها في ولاية كاليفورنيا في عشرينات القرن العشرين، معتمدا نظام بيع هرميا، وشكلا من أشكال الاحتيال تعمل على شكل كرة الثلج، وتتمثل في وعد بالربح الكبير، ليتبيّن لاحقا أنه يتم تمويل هذا الربح من طريق تدفق رأس مال نفسه لتستثمر تدريجيا حتى انفجار فقاعة المضاربة. وتكررت هذه المأساة في الولايات المتحدة خلال الأزمة المالية عاميّ 2007 و2008 مع شركة برنارد مادوف للاستثمار في الأوراق المالية، وقُدّرت خسائرها بـ64.8 مليار دولار، عبر خداع 4800 زبون.

ويعتبر المرجع أن الإحتيال في لبنان لا يقتصر فقط على المضاربات المالية - الاقتصادية التي تعتمد على إغراء الزبون بمغانم مالية عالية لقاء إستثمارات وهمية تُموّل من رأس المال نفسه، بل تخطاه الى مضاربات سياسية خادعة يعتمدها غالب الطبقة السياسية بغية إيهام قواعد الشعبية بأرباح تراكمية هي في الحقيقة مجرّد فقاعات لا تلبث أن تنفجر متى حان إستحقاقها. 

الأزمة الحكومية المستجدة، وتحديدا سيناريو الصفدي الذي سُوّق ليل الخميس، فيها القليل من الصدق والفطنة والكثير من الإحتيال والإستطلاع بالنار، كأن ثمة من يريد أن يحرق أي أوراق متوافرة، كي يترك المجال واسعا لورقة وحيدة تُستخدم عند الـDead End. 

ولا يُخفى أن أطرافا ضالعين في السيناريو الحكومي لم يسقطوا من بالهم هذا الاحتمال، لكنهم تفاجأوا بسرعة الانقلاب السريع. وهم أعادوه الى موقف دولي، وتحديدا أميركي، وصل الى بيروت ظهر أمس وفيه إشارة واضحة لكل من يتأثر بواشنطن، الى أن الأمور لم تنضج بعد حتى تتشكل حكومة جديدة على أنقاض حكومة الحريري، الأمر الذي يُنذر بإعادة المعالجة الحكومية الى النقطة صفر.