بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 كانون الأول 2021 12:01ص أثر كورونا على الصحة النفسية

حجم الخط
بتاريخ 12/كانون الأول/2021 قالت صحيفة نيويورك تايمز بأنّ حالة من الإرهاب والغضب انتابت جميع أنحاء العالم بعد سنتين من بدء تفشّي فيروس كورونا. ففي ايطاليا التي ضربها الوباء بقوة، ورغم أنّ الحركة التجارية جارية كالمعتاد وخصوصاً في فترة الأعياد، إلاّ أنّ الحالة المزاجية للبلاد كئيبة، بحسب الصحيفة. وبالمناسبة قال رئيس نقابة علماء النفس الايطالية، ديفيد لازاري، انّ الدراسات التي أجريت مؤخّراً في البلاد بيّنت أنّ حالات القلق والإكتئاب تضاعفت منذ أن بدأ الفيروس بالانتشار. وأضاف بأنّ الإصابة بتلك الحالات النفسيَّة قد وصلت نسبتها الى 25 بالمائة من الأشخاص الذين تقلّ أعمارهم عن 18 عاماً، وأسِفَ قائلاً أنّ واحد من أربعة معدّل مرتفع للغاية. بدورها أفادت عالمة الأوبئة الفرنسيّة التي تهتم بالأمراض النفسيّة والعقليّة ماريا ملكيور، انّ المراهقين والشباب يجدون أنفسهم، عاجزون عن المواعدة على مدار العامين الماضيين. وأضافت أنّ حالات الإكتئاب والقلق في فرنسا تماشت مع النتائج الإيطالية وفقاً لتقرير صدر مؤخراً عن منظّمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وكان الجراح العام في الولايات المتحدة فيفيل إتش مورتي قد حذّر من أنّ الشباب يواجهون آثاراً مدمرة على الصحة النفسيّة نتيجة للصعوبات التي يواجهها جيلهم، بما في ذلك جائحة كورونا، وفي تقرير من 53 صفحة، يقول الدكتور مورتس بأنّ الوباء أفضى الى زيادة مشاكل الصحة النفسيّة والعقليّة التي كانت قد تفشّت بالفعل في ربيع عام 2020، وكان الشعور باللانهاية للوباء والمصحوب بضيق نفسي شديد يؤدّي الى الاكتئاب، وقد شكّل هذا الأمر موضوعاً متكرّراً في أكثر من عشرين مقابلة أجرتها صحيفة نيويورك تايمز في قارتي آسيا وأوروبا وأفريقيا والأميركيتين. وأشارت الصحيفة إلى أنّ اليأس الذي اعترى الناس أضعف من قدرتهم على الصمود، وجعل قادة الدولة تقلق جراء شعورها بالضعف نتيجة احساسها بأنّ العجز قد يفدحها وقد تصبح عاجزة عن حماية شعوبها واقتصاداتها. وقالت ناتاليا شيشكوفا وهي معلّمة في موسكو أعلم أنّ الأمر سيزداد سوءاً، ولن يتوقّف، فالوباء سيستهلك حياة الناس أكثر. وأضافت وكأنّ الأمر كلّه فوضى، مثل فيلم خيالي. أما في الصين وهي مهد فيروس كورونا، يعترف قسم هام من الناس بالضجر من الإجراءات الصارمة التي تتبعها الدولة، وقال تشين جون البالغ من العمر 29 عاماً، وهو عامل لشركة تكنولوجية في مدينة شينترين جنوب الصين، لقد سئمت جداً من كل هذه الإجراءات الروتينية التي جعلت الضجر يتآكلني. 

وقد سبق أن كشفت دراسة حديثة بتاريخ 9-10-2021 نشرتها على شكل تقرير صحيفة ال اندبندنت البريطانية، انّ حالات الاصابة بالاكتئاب والقلق زادت في شتى أنحاء العالم جراء جائحة كورونا. وأظهرت الدراسة التي قام بها باحثون في مركز كوينزلاند لأبحاث الصحة العقلية انّ النساء والشباب كانوا أكثر الفئات ثائراً بتلك الاضطرابات النفسيّة وانّ الدول الأكثر تضرّراً بالوباء وتلك التي عانت من قيود الاغلاق الرامية للحدّ من تفشّي كورونا سجلت أعلى نسبة من اضطرابات القلق والاكتئاب. وقالت الصحيفة انّ العلماء الذين أجروا الدراسة أجمعوا على أنّ الإصابات باضطراب الاكتئاب الحادّ زادت بعد الوباء بــ 53 مليون حالة عما كانت عليه قبل كورونا فيما زادت حالات الإصابة باضطراب القلق بــ 7,6 مليون حالة خلال العام 2020. ونقلت اندبندنت عن رئيس الفريق الذي أجرى الدراسة داميان سانتو ماورد وهو بروفسور بمركز كوينزلاند لأبحاث الصحة العقلية والنفسية قوله أنّ نتائج الدراسة تسلّط الضوء على الحاجة الملحّة للعمل على تقوية أنظمة الصحة العقلية والنفسية من أجل مداواة العبء المتزايد الناتج عن اضطرابات الاكتئاب الشديد والقلق الحادّ في شتّى أنحاء العالم، رغم أنّ الاستجابة للزيادة في الإقبال على خدمات الصحة العقلية بسبب جائحة كورونا سيكون أمراً صعباً، لكن عدم اتخاذ أي اجراء للتعاطي مع تلك الزيادة لا ينبغي أن يكون خياراً. وقالت الصحيفة أنّ التقديرات قبل الوباء كانت تشير الى انّ العالم سيسجل 193 مليون حالة اكتئاب و 298 مليون حالة قلق بحلول عام 2020، لكن تلك الأرقام ارتفعت بنسبة 28 في المائة و 26 في المائة على التوالي العام الماضي وفق الدراسة الجديدة، وكان للنساء النصيب الأكبر في تلك الزيادات. وأشارت الى أنّ الدراسة الجديدة استندت الى 49 دراسة، أجريت معظمها في أوروبا الغربيّة وذلك على النحو التالي: اوروبا الغربية (22 دراسة)، أميركا الشمالية (14)، استراليا (5)، آسيا والمحيط الهادي (5)، شرق آسيا (2)، أوروبا الوسطى (1)، وأوضحت الدراسة أنّ فئة الشباب كانت الأكثر تأثّراً باضطراب الصحة العقلية من غيرها من الفئات العمريّة، حيث زادت حالات الإصابة في صفوف الشباب بــ 1118 حالة اكتئاب اضافية لكل 100 الف شخص تتراوح أعمارهم بين 20 و24 سنة، كما سجّلت 1331 حالة قلق اضافية بين الشباب في نفس السن.

لقد خلص باحثون الى أنّ ثلث المتعافين من فيروس كورونا ممن شملتهم الدراسة، عانوا بعد شفائهم من اضطرابات نفسية وعقلية وقد افاد علماء بأنّ واحداً من كل ثلاثة متعافين من كوفيد 19 عانوا من اضطرابات في الدماغ واضطرابات نفسية في غضون ستة أشهر وذلك في دراسة شملت أكثر من 230 ألف مريض معظمهم أميركيون. وأكّد ماكس تاليت الطبيب النفسي بجامعة اوكسفورد والذي شارك في قيادة العمل البحثي، نتائجنا تشير الى أنّ أمراض الدماغ والاضطرابات النفسيّة أكثر شيوعاً بعد كوفيد 19 فيها بعد الانفلونزا أو أمراض الجهاز التنفسي الأخرى، وأضاف أنّ الدراسة لم تتمكّن من تحديد الآليات البيولوجية أو النفسية المفضية الى ذلك. وأظهرت دراسة سابقة للباحثين أنفسهم العام الماضي أنّ 20 في المئة من متعافي كورونا أصيبوا باضطرابات نفسية في غضون ثلاثة أشهر، وبعد تحليل السجلات الطبية لـــ 236379 من مرض كوفيد 19 معظمهم من الولايات المتحدة، وجدت النتائج الجديدة التي نُشِرَت في دورية لانسيت للطب النفسي أنّ 34 في المئة أصيبوا بأمراض عصبيّة أو نفسيّة في غضون ستة أشهر، وبلغت نسبة من أصيبوا بالقلق من المتعافين من كورونا 17 في المئة في حين وصلت نسبة من عانوا اضطرابات مزاجية 14 في المئة، مما يجعلهما أكثر الاضطرابات شيوعاً في مرحلة ما بعد كوفيد 19.