بيروت - لبنان

31 كانون الثاني 2023 12:00ص أحزاب وتجمّعات سياسية قامت ثم تلاشت في كل عهد - الزمن الشمعوني (3)

92 يوماً من الشغور الرئاسي.. ولبنان يعيش كل أنواع الأزمات

كميل شمعون كميل شمعون
حجم الخط
92 يوما على الشغور الرئاسي في لبنان، الذي يعيش كل أنواع الأزمات، دون أن تلوح في الأفق أي بوادر بإنجاز هذا الاستحقاق قريبا، وبينما لم تسفر الجلسات الانتخابية الـ11 عن أي نتيجة، تستمر الحكومة الميقاتية الثالثة التي تعتبر مستقيلة منذ بدء ولاية مجلس نواب 2022 في 22 أيار الفائت في مهام تصريف الأعمال، في وقت يواصل الدولار الاعيبه وتحليقه، مترافقا مع ارتفاع في الأسعار وتدهور حياة الناس الاقتصادية والمعيشية والصحية والتربوية، فيتواصل الشغور الرئاسي ويستمر عداد فراغ الكرسي الأولى بالتصاعد، بانتظار إشارة مرور خارجية، عبر توافق دولي، وإقليمي وتحديدا عربي كان يطلق عليه «الوحي» الذي يحوّله النواب في صندوقة الاقتراع باسم الرئيس العتيد، وفي المفارقات الرئاسية منذ أول رئيس استقلالي، انه مع كل رئيس جديد كانت تقوم تكتلات وجبهات سياسية وحزبية جديدة، وتختفي أخرى.
بأي حال ، فإن «كلمة السر» الحاسمة بشأن الانتخابات الرئاسية لم تصدر بعد، ليحوّلها نواب «الأمة» الى حقيقة في صندوقة الاقتراع الزجاجية، وبالتالي سيتواصل عداد أيام الشغور في الكرسي الأولى بالتصاعد «حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا»، فيما تتواصل معه مرارات اللبنانيين التي باتت تطال كل تفاصيل حياتهم اليومية، وخصوصا الصحية والاجتماعية والتربوية والاستشفائية والدوائية والغذائية، إضافة الى النور وحركة النقل، في وقت تأتينا الـ«بشرى» الأميركية لتحمل المزيد من المشقات والآلام. وثمة سؤال يبقى يلحُّ في خاطر اللبنانيين عن كيفية ولادة تجمعات وتكتلات أو أحلاف سياسية في كل فترة زمنية ثم لا تلبث بعد عقد من الزمن أو أقل من التلاشي والإختفاء.

في إطار المعارضة للعهد الاستقلالي الأول، قامت عام 1951 الجبهة الاشتراكية الوطنية التي ضمّت كمال جنبلاط والكتلة الوطنية وكميل شمعون وغيرهم العديد من الشخصيات، وكما يقول الوزير والنائب الراحل يوسف سالم في كتابه «50 سنة مع الناس»، فان كميل شمعون بعد انتخابه رئيسا للجمهورية في أيلول عام 1952 «تنكر وهو يدشن عهده لجميع الأصدقاء والأقطاب والسياسيين الذين مكّنوه من الوصول الى سدة الرئاسة... وبادر فور قسم اليمين الدستورية إلى تشكيل وزارة من موظفين برئاسة الأمير خالد شهاب ومعه موسى مبارك، جورج حكيم، وسليم حيدر»، وعلى ذلك ما لبثت الجبهة الاشتراكية الوطنية أن تلاشت من الوجود.
بعدها قامت في لبنان إثر انتخابات عام 1953 الجبهة الاشتراكية الشعبية التي ضمت قوى المعارضة الجديدة لحكم الرئيس شمعون، كما شهد العام نفسه مهرجانا كبيرا للحزب التقدمي الاشتراكي أقامه يوم 3 أيار 1953 في المنارة بيروت، وفيه صعّد جنبلاط حملته على العهد الجديد، واتخذ كمال جنبلاط موقف تأييد لنصرة نضال الشعب العربي في المغرب ضدّ الإستعمار الفرنسي، وقد جرت الانتخابات النيابية خلال شهر تموز 1953، على أساس مجلس الـ 44، فرشح الحزب الاشتراكي: كمال جنبلاط، فؤاد رزق، نسيم مجدلاني، فريد جبران، أنور الخطيب، فضل الله تلحوق، بهيج مزهر، عبدالله الحاج، وديع نعيم، موريس الجميل، فيليب البستاني، أمين السعد، أنور رسول، الدكتور رفيق المرعبي، إميل طربيه، كامل العبدالله، وكان شعار الحملة الانتخابية محاكمة الذين خانوا الانقلاب سنة 1952.
ويوم الخميس 3 أيلول 1953 أعلن ميلاد جبهة الإشتراكية الشعبية، التي تألفت من: كمال جنبلاط، علي بزي، فؤاد رزق، رفيق سنو، نسيب المتني، رامز شعبان، أنور الخطيب، إبراهيم جوخدار، خليل خيرالله، إدمون نعيم.
في السادس من آذار 1957 صدر بيان مشترك لبناني - أميركي، وقّعه عن الجانب اللبناني وزير الخارجية آنئذ شارل، يعلن انضمام لبنان الى مشروع ايزنهاور، فكان من شأن ذلك أن يعتبر نسفا للميثاق الوطني، وفور تصديق المشروع في مجلس النواب أقدم عدد من النواب على تقديم استقالاتهم من مجلس النواب منهم: صبري حمادة ، حميد فرنجية، رشيد كرامي، أحمد الأسعد، عبدالله اليافي، ومعروف سعد، فكانت هذه الاستقالة بمنزلة إعلان انفتاح أزمة شديدة وبداية لتجمع المعارضين للعهد الشمعوني وتكتلهم، وهكذا تشكلت في ربيع عام 1957 جبهة الاتحاد الوطني التي ضمت العديد من الشخصيات نذكر منهم: صبري حمادة، صائب سلام، أحمد الأسعد، عبدالله اليافي، حسين العويني، حميد فرنجية، وفيليب تقلا.
وكان من أهداف هذه الجبهة:
- رفض الأحلاف الأجنبية.
- مواصلة النضال لتحرير العالم العربي.
- تبنّي سياسية خارجية محايدة ومستقلة بين المعسكرين.
- التمسك بالميثاق الوطني وبالتعاون بين المسلمين والمسيحيين.
الى ذلك، فقد تأسست أيضا جبهة الإصلاح النيابية التي «قامت اثر الانتخابات عام 1957، وقيل آنذاك أن الرئيس شمعون كان وراء قيامها بغية كسب أكبر عدد من النواب لاقرار تعديل دستوري لتجديد ولايته « (د. محمد المجذوب - دراسات في السياسة والأحزاب - ص 107).
في تلك الفترة أيضا، نشأ تحالف سياسي أطلق على نفسه اسم القوة الثالثة فيقول يوسف سالم في كتابه (50 سنة مع الناس) انه «أدرك اللبنانيون العقلاء المعتدلون خطورة الحالة وخطرها، وأيقنوا أن كميل لم يبعد عن المجلس النيابي أقطاب المعارضة والزعماء السياسيين، إلا ليعمل على تجديد رئاسته في خريف عام 1958، كما أدركوا إذا استمر اللبنانيون منقسمين هذا الانقسام الذي ينذر بشبه حرب أهلية تعرض لبنان لخطر فادح» مضيفا انه اجتمع في منزله إضافة إليه «عدد من الشخصيات السياسية منهم: بيار الجميل، هنري فرعون، شارل حلو، غسان التويني، الدكتور يوسف حتي، بهيج تقي الدين، جورج نقاش، محمد شقير، جان سكاف، غبريال المر، ونجيب صالحة، وقرر المجتمعون الاتصال بالسلطة وأطراف المعارضة وأطلقوا على أنفسهم اسم القوة الثالثة، غير أن بيار الجميل وشارل حلو سرعان ما استقالا من هذه القوة من دون أن يحددا الأسباب».
كان اللقاء الأول للقوة الثالثة مع الرئيس شمعون حيث «طلبت هذه القوى من شمعون إعلان عدم رغبته في التجديد في هذا الجو المشحون بالقلق، لكن شمعون ردّ بحدّة قائلاً: «لا أستطيع أن أعلن ذلك، لأنني إذا لم أجد في الميدان مرشحاً يستطيع أن يكمل السياسة التي سرت عليها، عند ذلك أرى نفسي مكرهاً على العمل للتجديد». وهكذا أفضى الحوار الذي أرادت القوة الثالثة أن تقوده، إلى الفشل.
ويلاحظ أن في العهد الشمعوني (1952 - 1958) قامت العديد من التجمعات واللقاءات السياسية التي تلاشت في معظمها خلال ومع نهاية العهد.
(يتبع)