بيروت - لبنان

اخر الأخبار

31 آب 2023 12:00ص إلى غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي

حجم الخط
غبطة البطريرك، السّادة المطارنة المحترمين؛ إنّ الوضع العام في لبنان قد بلغ ذروة الإنهيار في السنوات الأخيرة وها نحن اليوم أمام أزمة يُستعصى حلُّها بسبب تعنّت الساسة وعدم قدرتهم على إيجاد قواسم مشتركة فيما بينهم كمخرج للأزمات التي تتوالى بدءاً من شغور مقام رئاسة الجمهورية إلى كل الإدارات الرسمية اللبنانية المدنية والعسكرية. إنّ التحليل المنطقي - العلمي - الدقيق لبُنية النظام السياسي اللبناني تُبيّن لنا كباحثين وناشطين سياسيين أنّ نسبة الإنهيار على كافة الصعُد لم تكُن من نتائج القوانين بل هي نتاج سلطة عفنة تزوّجت العار لتلد فِعْل الزنى السياسي الذي أثّـرَ سلباً على واقع الأمور في لبنان.
بالرغم من كل شيء سلبي ومع حراجة الأضرار التي أصابت الشعب اللبناني بكل أطيافه بسبب التعنُّتْ والإنهزام والتبعية الممارسة، إننا كباحثين مستقلّين ومناضلين شرفاء قرّرنا تخطّي الواقع الأليم وتوافقنا كلبنانيين على مواجهة الأمر الواقع غير المألوف في الحياة السياسية في الدول المتحضّرة ، وإنطلاقاً من خبرتنا العلمية في شتّى الإختصاصات نضع بين أيديكم مجموعة من التساؤلات التي تطرح بإلحاح وتتمحور حول المواضيع التالية:
أ- هل تتساءلون معنا عن واقع الإدارات الرسمية التي تتكوّن منها بنية Structure النظام السياسي اللبناني؟
ب- هل من خلل يشكو منه النظام السياسي المتبع في لبنان؟ وما هو هذا الخلل؟ وأين يكمن؟
ج- ما هي آثار هذا الخلل على صعيد الممارسة السياسية والأمنية والاقتصادية والمالية والإجتماعية والتقدّم والإزدهار؟
د- كيف يُمكن تخطّي مرحلة الخلل السياسي سعياً لتأمين الإنطلاقة السياسية وفقاً للقوانين المرعية الإجراء ولشرعة حقوق الإنسان للمؤسسات الرسمية وللشعب اللبناني؟
غبطة البطريرك، السّادة المطارنة؛ إنّ بحث الموضوع اللبناني وتحليله ومعالجة نتائجه سيتّم وفق وجهة نظرنا التي نستمدّها من أصول «العلوم السياسية» ومتفرعاتها ضمن نقاطة رئيسية أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر النقاط التالية:
• إعطاء لمحة موجــزة عن واقع الحياة السياسية في لبنان تشمل واقع: رئاسة الجمهورية - رئاسة مجلس النوّاب - رئاسة مجلس الوزراء - أداء فريق عمـل رئيس الجمهورية - الأداء التشريعي لنوّاب الأمة - الأداء التنفيذي لمجلس الوزراء والوزراء - الأداء السياسي للأحزاب القائمة وللمنضوين تحت راية هذه الأحزاب - الرأي العام بكل تكاوينه: التضليل الممنهج، التوعية. إنّ الخلاف الداخلي ينعكس سلباً على مؤسسات الدولة وبطبيعة الحال على كل السلطات حيث نشهد تعثّراً في ممارسة العمل السياسي. عملياً إننا بحاجة إلى مراجعات متعدّدة المستويات ومراجعة الحياة السياسية اللبنانية والفاعلين فيها من بين أهم المراجعات التي نحتاجها كباحثين وكناشطين. هذا الأمر يكسب مشروعية الترّدي الذي وصلت إليه الحياة السياسية اللبنانية وفشلها في أن تقود حلولاً منطقية حيث تحوّلت السياسة في لبنان إلى كلام وثأر لا فعالية سياسية وإجتماعية تستهدف التحولات في مجتمعنا اللبناني لتتلاءم مع التحديات المفروضة علينا.
• إعطاء لمحة موجـزة عن الواقع الأمني في البلاد، فلبنان يمـرّ بمرحلة مهمّة تبدو عصيّة على الحــل بسبب غياب السيادة التامة في البلاد وخطورة إستخدام السلاح غير الشرعي، وتنامي العمل الميليشياوي الذي يتناقض مع أحد أهم مبادئ وثيقة الوفاق الوطني (بند حل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية )، كما إنّ هذا الفعل الجُرمي يتناقض مع قانون الدفاع الوطني لا سيّما المادتين الأولى والثانية اللتان تحصران مهام الدفاع عن الوطن بواسطة القوى اللبنانية الشرعية، ناهيكم عن إهمال البنود التشريعية التي تُعزّز قدرات القوى المُسلّحة في مواجهة الإرهاب وأي قوة تحاول خرق الحدود اللبنانية المعترف بها دولياً (هذا الأمر يُسجل في خانة إهمال النظام الداخلي للمجلس النيابي المُكلف وضع خطط دفاعية وتعزيز قدرات القوى المُسلّحة لمواجهة أي أمـر طارئ). وبصريح العبارة الإطار الأمني في لبنان مُفكّكْ عمداً والميدان السياسي يشهد إستقطاباً حادّاً وهذا الأمر يمنع بروز خطط متقدّمة لقطاعات الأمن في لبنان.
• إعطاء لمحة موجــزة عن وضع القطاع العام في البلاد عبر دراسة وتحليل واقع الإدارة في لبنان وهدر المال العام وما يُعرف بـ«التوظيف العشوائي» فواقع الأمور يشي بأن موظفي القطاع العام في لبنان باتت رواتبهم ما دون الصفر بسبب سوء الأوضاع العامة في البلاد ولا نخفي سِرّاً حين نبرز أنّ حوالي 300 ألف موظف في الخدمة الفعلية و113 ألف موظفاً متقاعداً أمام المصير المجهول دون تحريك ساكن من قبل السلطة القائمة والتي على ما يبدو لا ترغب في إيجاد الحلول لهذه الأزمة. إنّ القطاع العام في الجمهورية اللبنانية يعيش وضعاً صعباً في وقت تواصل أغلب الإدارات الاستمرار في الاضراب إلى تقنين الدوام وخفض حضور الموظفين لأيام محدّدة. حقاً إنها جريمة العبث بحقوق الموظفين ومصيرهم وبحياة عائلاتهم.
• إعطاء لمحة موجزة عن واقع القضاء اللبناني، إستناداً للعلوم القضائية إنّ القضاء أهم أركان الدولة السيّدة بحيث وجود قضاء نزيه وشفّاف ومستقل يكون الوطن بخير، ولكن الأمر في لبنان يمشي بالعكس فالقضاء حالياً جــزء من التركيبة السياسية الطائفية والمذهبية وبالتالي لبنان في أسوأ حالاته على صعيد الممارسة القضائية. السلطة تفقد هيبتها ولا حكم صالح فيها فشريعة الغاب هي سيّدة الموقف وعملياً القضاء اللبناني يمرُّ بإنتكاسات وقرارات قضائية إستنسابية ممّا أدّى ويؤدي إلى ضعف مؤسسات الجمهورية اللبنانية والفساد إستشرى في كل إدارات الدولة وبعض المحاكم مغلوب على أمرها.
غبطة البطريرك، السّادة المطارنة؛ إننا نسعى لإعداد ندوة وطنية لتقديم بعض الحلول المناسبة والإجراءات الضرورية في السياسة العامة في البلاد ركيزتها: السياسة الشفّافة - الأمن الوطني الإستباقي - القضاء العادل لإعادة تنظيم بنية الحياة السياسية في لبنان على أسُس حديثة ثابتة وسليمة وذلك في: البُنية السياسية الرسمية وفي كل وزارات الدولة التي ترتكز على وجوه جديدة صاحبة إختصاص... نرغب أن تُشاطرونا أفكاركم النيّرة النابعة من مصلحة لبنان الصرفة، وللبحث صلة.

* كاتب وباحث سياسي