بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 تشرين الأول 2020 12:02ص إيران و«الممانعة» ينتظران بايدن.. وسوريا تُفضل ترامب

حجم الخط
ينتظر محور ما يعرف بـ«الممانعة» وعلى رأسه إيران، بفارغ الصبر سقوط الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب في إستحقاق الانتخابات الاميركية في الثالث من الشهر المقبل، لكن الأمر لا يُسقط نفسه على كامل هذا المحور كما هو الحال مع ركن هام فيه كسوريا، أو حتى مع فصائل فلسطينية مقاومة على علاقة وطيدة مع طهران مثل حركة «حماس» وغيرها ممن يرون أن ترامب ومنافسه «الديمقراطي» جو بادين هما وجهان لعملة واحدة. 

والواقع أن إيران والحلفاء وعلى رأسهم «حزب الله»، يحتفظون بموقف يعتبر أن الادارات الاميركية المتعاقبة لن تغير نظرتها تجاههم أو تجاه القضية الفلسطينية، لكن ترامب نفسه يمثل أسوأ الرؤساء الاميركيين المتعاقبين بالنسبة الى طهران.

 وترامب، فرديّ وعاطفيّ النزعة، والمنحاز في شكل مطلق الى الإسرائيليين، قد طغت شخصيته على سياسة بلاده بقدر ما يسمح له الدستور الاميركي، وهو وجه ضربة كبيرة الى طهران مع اغتيال الجنرال الايراني قاسم سليماني، وهو عمل أميركي ليس سوى جزءاً من سياسة حصار موجعة ضد طهران آذتها كثيرا، وإن تمكنت من الصمود طويلاً في انتظار تغيير ما على رأس تلك الإدارة. 

يشير بعض المتابعين للسياسة الاميركية تجاه المنطقة الى ان ترامب الثاني في حال فوزه في الانتخابات، لن يكون كالأول مع تحرره من ضغوط الولاية الثانية الاخيرة له كون الدستور الاميركية لا يسمح له بالتجديد لولاية ثالثة. وتقول وجهة النظر هذه إن صفقة ما سيعقدها ترامب مع إيران في حال فوزه لن تتمكن طهران من رفضها مع تراكم العقوبات وتعميقها في السنوات الترامبية المقبلة.

 وما استطاعت طهران رفضه حتى اليوم، لن تتمكن من السير به في المقبل من السنوات وستضطر الى الجلوس على طاولة واحدة مع الرئيس الاميركي المتطرف، كما أن حلفاءها في المنطقة سيتأذون من التراجع الاقتصادي الايراني برغم استمرار تمكن طهران من بيع نفطها بمئات آلاف البراميل عبر السوق السوداء مع بعض البلدان وبمساعدة شركات تتخصص بهذا النوع من الشراء بعد الحصول على عملات ضخمة قد تصل الى نصف العائدات.

 لذا، سيكون من الضروري بالنسبة الى إيران ومحور «الممانعة» التخلص من ترامب الذي قد يأتي بمفاجآت صادمة غير متوقعة في الخليج برغم عدم رغبته في حرب إقتصادية تقيه التكلفة البشرية مع أخصامه مثل إيران والصين وجارته فنزويلا.. وتنتظر طهران بايدن، نائب الرئيس «الديمقراطي» السابق باراك أوباما خلال إدارته، لإعادة إتفاق خمسة زائد واحداً الذي خفف من العقوبات على إيران بموافقة الاوروبيين، وهو ما سيفتح الباب امام طهران لتعزيز حضورها في أماكن نفوذها في المنطقة كما في العراق ولبنان واليمن وسوريا.

 وفي لبنان، يحاول «حزب الله» قدر الإمكان شراء الوقت ريثما يخلصه الناخب الاميركي من هذه الادارة الجمهورية، وهذا ما يفسر خطوات «سلمية» لجأ إليها الحزب في الفترة الاخيرة عبر تهدئة الحدود اللبنانية وتوفير الضوء الأخضر لعملية ترسيم الحدود جنوباً في ظل إدارة أميركية «جمهورية» مستمرة أقله حتى أواخر كانون الثاني المقبل، ناهيك عن عقلانية بدت واضحة في رد «المحور» أوائل العام الحالي على إغتيال سليماني..

 لكن الأمر ليس مماثلا بالنسبة الى دمشق التي تتهم إدارة أوباما بدعم التطرف والتكفير الاسلامي ضدها في سوريا، كما انها ترى أن تلك الادارة «الديمقراطية» قد وفرت دعما لحركة «الإخوان المسلمون» عدوتها الأبدية. كما أن دمشق تراهن على استكمال ترامب في ولايته الثانية إنسحابه من سوريا وهو الذي يريد ذلك في إطار سياسة إنسحابية من المنطقة ككل كما في أفغانستان والعراق.

وحدة فلسطينية

بالنسبة الى الفصائل الفلسطينية كافة كما السلطة، يبدو الخيار بين ترامب وبايدن السيىء والأسوأ نتيجة اتفاق «الديمقراطيين» و«الجمهوريين» تاريخيا ضدهم.

ذلك أن ترامب هو الذي كان وراء ما عرف بـ«صفقة القرن» وعملية التطبيع بين إسرائيل والدول العربية مع محاولة تعرية القضية الفلسطينية في أساسها من غطائها العربي.

 وقد عكس ذلك الرفض الفلسطيني لـ«الصفقة» بما تضمنته خطة ترامب لمفهوم الدول الفلسطينية التي فرضها من دون التشاور مع الجانب الفلسطيني وهي فعليا خطة رئيس الوزراء الاسرائيلي بينيامين نيتانياهو. وهي خطة تنحصر في دويلة في قطاع غزة تحتفظ بممر مع بعض أنحاء الضفة الغربية من دون القدس التي اعترف بها ترامب عاصمة موحدة لإسرائيل ووافق على بقاء الاستيطان ورفض عودة اللاجئين والسيادة الفلسطينية على حدود العام 1967. أي بمعنى آخر هي خطة ترفض قرارات الأمم المتحدة. 

 على أن الادارة «الديمقراطية» السابقة كانت تريد إنجاح المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين وفق حل الدولتين وكانت آخر مبادراتها تلك التي رعاها وزير خارجية أوباما جون كيري وأفشلها رئيس الوزراء الاسرائيلي بينيامين نيتانياهو في شهر آذار من العام 2014 مع رفض إطلاق سراح الاسرى الفلسطينيين في السجون قبل إتفاق أوسلو الذي وقع العام 1993. 

 ولعل الإيجابية الوحيدة لترامب أنه دفع عن غير قصد الفلسطينيين الى الوحدة خشية على قضيتهم من التصفية ومخطط ضم الضفة الغربية، وهو ما ترجم في لقاءات الفصائل في بيروت وإسطنبول ودمشق وفي الداخل الفلسطيني لوضع استراتيجية موحدة لمواجهة هذا المخطط.

 لذلك، فإن مجيء بايدن من شأنه إعادة عقارب الساعة الى زمن أوباما والتركيز على مسألة المفاوضات وحل الدولتين ومبادرة السلام العربية التي ترفضها إدارة ترامب. 

 والمفارقة أن هناك من يخشى من أن تؤدي عودة «الديمقراطيين» الى انقسام فلسطيني جديد بين مؤيد ورافض للمفاوضات، علما ان بايدن نفسه قد لا يتراجع عما أفرزته سياسة ترامب من تطبيع بين الدول العربية وإسرائيل.