بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 شباط 2019 06:04ص اطمأن على الوطن... ورحل!

حجم الخط
هو من رعيل الزمن الجميل. يوم لم يكن للطائفية كيان، ولا للمذهبية منبر، وكان الجميع ينطلق من الجامعات والثانويات دفاعاً عن عروبة فلسطين والجزائر وعدن، وكل قطر عربي يحتاج استقلاله إلى دعم ومساندة.
حافظ على حلقة رفاق الجامعة، التي تختصر بتنوّعها مكوّنات النسيج اللبناني، ولم تُغيّر سنوات الحرب السوداء وضغوطاتها قناعاته بأن لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه مسلمين ومسيحيين.
حافظ على الأمانة عندما تولى إدارة امبراطورية أنترا في أحلك الظروف، لإنقاذها من براثن تمرز ومخططاته الجهنمية.
كان صاحب رؤية اقتصادية ومالية شاملة، جسّدت خبرته الطويلة في القطاع المصرفي والأسواق المالية، حيث دق جرس الإنذار لخطورة تزايد المديونية أكثر من مرّة، ولكن صرخاته بقيت في وادٍ، وسياسات الهدر واستفحال العجز في وادٍ آخر.
قلقه الدائم على الوطن واقتصاده، ومستقبل الأجيال الصاعدة، تحوّل إلى معاناة مريرة مع المرض العضال، ولكنه كان يقوى على آلامه، ويسأل دائماً عمّا يمكن أن يطمئنه على الوطن الذي أحب رغم كل الفرص التي أتيحت له في الخارج.
خلال أشهر الفراغ الحكومي اشتدت عليه هجمات المرض، فكان ينتهز أول فرصة للكلام ليتصل هاتفياً ويسألني: «في حكومة...؟ الطبخة بَعدَها مطوّلة؟».
وفي اتصاله الأخير عشية الانفراج في الأزمة الحكومية، فاجأني بكلامه: يبدو أن الأمور جدّية هذه المرّة! فقلت له توقع الحكومة خلال الأيام القليلة المقبلة.
شعرت وكأنه يقاوم المرض بانتظار تشكيل الحكومة.
وهذا ما حصل: سمع إعلان مراسيم الولادة الحكومية، وغاب عن الوعي... ثم أغمض عينيه وكأنه اطمأن على الوطن... ورحل!
إلى جنة الخلد يا أخي يا خالد شبارو... بغيابك فقدنا فصلاً من حياتنا الحلوة، التي كنت تُغنيها بخفة دمك وطرافة تعليقاتك الذكية، وإحاطتك الشاملة بإمكانيات الوطن الاقتصادية والمالية.