بيروت - لبنان

اخر الأخبار

11 أيلول 2020 12:00ص الآتي أعظم في حال عدم تدارك الأسوأ

حجم الخط
من يتسنى له النظر في عيون اللبنانيين هذه الايام لا يمكنه الا ان يقرأ من خلالها بوضوح الهواجس والمخاوف وعلامات الاستفهام حول المستقبل الذي ينتظرهم مع ابنائهم وذلك في ضوء تراكم الازمات والتحديات الخطيرة التي تنتظر الجميع في هذا البلد دون ان يتسنى لأي كان معرفة آفاق المستقبل المنظور والبعيد على حد سواء، لا سيما ان معاناة المواطن اللبناني اليومية تكبر يوماً بعد يوم بسبب الضائقة الاقتصادية والمالية والمعيشية التي يعاني منها الجميع من دون استثناء والتي تكاد تدخل الى كل البيوت والأسر مما ينعكس سلباً عليهم جميعاً على مختلف الصعد، اضافة الى انعكاستها ايضا على اوضاعهم الصحية والنفسية وحياتهم اليومية بشكل عام.

وإذا كانت الساحة اللبنانية قد شهدت على مدى الاسابيع الماضية زيارات عديدة لرؤساء وموفدين اقليمين ودوليين أتوا الى لبنان تحت عنوان التضامن ودعم ومساعدة هذا البلد وأهله في هذه المرحلة الخطيرة من تاريخه، اضافة الى العديد من البعثات الرسمية التي تمثل المنظمات والمؤسسات الدولية مع ما رافق ذلك من وصول طائرات مساعدات حملت على متنها المواد الطبية والغذائية والانمائية لكي يتم توزيعها على الذين تضرروا من انفجار المرفأ مادياً ومعنوياً وبشرياً، الا انه ما ظهر حتى الآن بأن تلك المساعدات لم تفِ بالغرض باستثناء البعض منها خاصة وأن معظم المتضررين في ارزاقهم وممتلكاتهم وفلذات اكبادهم وجنى العمر يؤكدون انهم ما زالوا ينتظرون من يتصل بهم للسؤال عنهم واستيضاحهم حول اوضاعهم وحاجاتهم ومدى خسائرهم الفادحة التي لحقت بهم على هذا الصعيد، اذ انه منذ الرابع من آب الماضي اقتصر الامر على اجراء مسح ميداني لبعض المناطق المتضررة في بيروت والمناطق المجاورة والمحيطة بمرفأ بيروت وذلك من قبل الجيش اللبناني وبعض المؤسسات والجمعيات الانسانية والاجتماعية التي تعمل في البلد وفي مقدمتها الصليب الاحمر اللبناني مشكورا على كل ما قام ويقوم به من جهود انسانية في سياق تقديم الدعم والمساعدة المعنوية والمادية والعينية في هذا المجال ضمن الامكانات المتوفرة لديه بالطبع.

وفي حين ينشغل اللبنانيون في هذه الآونة بموضوع تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة الرئيس المكلف مصطفى اديب مع كل ما يعتري ذلك من صعوبات وعقد تبدو للمراقبين والمطلعين على الاجتماعات والاتصالات الجارية وراء الكواليس وفي الغرف المغلقة ان هناك شروطاً وشروطاً مضادة من هذا الطرف السياسي او ذاك مما يزيد الامور تعقيداً ومما يجعل المتفائلين اقل تفاؤلاً بإنجاز مهمة الرئيس اديب بسهولة في هذه المرحلة حيث يبقى  خيط رفعي يربط بين كل تلك المعطيات المعقدة وبين اصرار الرجل ومن يقف الى جانبه محلياً واقليمياً ودولياً لانجاح مهمته الشاقة ولإمكانية الوصول الى الغاية المرجوة من خلال تشكيل حكومة يتوافق عليها اللبنانيون بالحد الادنى، وذلك للانطلاق بمسيرة بدء الاصلاحات المطلوبة اقليمياً ودولياً انطلاقاً من ضرورة القضاء على الفساد الذي عشعش في ادارات الدولة ومؤسساتها ووزاراتها بشكل كبير وملحوظ منذ سنوات وسنوات وحتى أيامنا هذه، مروراً بوجوب تطبيق التدقيق الجنائي المستحدث لاسترداد الاموال المنهوبة والتي تم تهريبها الى خارج لبنان مما اثر سلباً على الوضع الاقتصادي والمالي في البلد، وبات الامر يشكل خطورة كبيرة على اللبنانيين جميعاً اضافة الى تأثيره ايضا على القطاع المصرفي في لبنان وعلى اموال المودعين الذين لجأوا الى المصارف ومنحوها ثقتهم على مدى الحقبة الماضية من الزمن واودعوا اموالهم ومدخراتهم فيها اعتقاداً منهم انهم سيحصلون عليها حين يحتاجونها، وهذا اقل الايمان، وحق لهم بالطبع، الا انهم فوجئوا لا بل صدموا بالتدابير والاجراءات والتعاميم التي تصدر بين الحين والاخر عن مصرف لبنان وعن المصارف ايضا والتي تحجب عنهم اموالهم وحقوقهم ومدخراتهم المالية كما يريدون.

وماذا بعد... وكيف يمكن لأي مواطن لبناني احب هذا البلد واخلص اليه مقيماً كان أم مغترباً ان يثق بعد اليوم بالمسؤولين والسياسيين في لبنان، وبالقطاع المصرفي، وهل يا ترى ان المؤمن «يلدغ من الجحر مرتين» علماً انهم ذاقوا الامرين ولدغوا مرات ومرات من المتحكمين والمتسلطين على مصائر اللبنانيين الذين لا يزال فسادهم هو هو حتى بات الامر ينذر بالوصول الى شفير الهاوية اقتصادياً ومالياً واجتماعياً في البلد، والآتي اعظم- لا سمح الله- اذا  لم يتم تدارك الامر سريعاً. 

واذا ما استمرت الامور على ما هي عليه حتى الآن.