بيروت - لبنان

اخر الأخبار

11 أيار 2020 12:02ص الحَراك وخطة الحكومة: الإستعانة بصندوق النقد كارثيّة

الحراك يتجدد الحراك يتجدد
حجم الخط
إنه هدوء ما قبل عاصفة جديدة من الاحتجاجات الشعبية ذلك الذي تعيشه البلاد هذه الأيام.

هي ليست المرة الأولى التي يمر فيها البلد في حالة «هدنة» بين السلطة ومجموعات الحراك الشعبي التي أطلقت انتفاضة 17 تشرين الأول العام الماضي. عوامل عدة اليوم ساهمت بتراجع زخم الحراك الذي سيُقدر له الإنبعاث من جديد قريباً، وهو حاله في المراحل المتعددة التي مرّت فيها الإنتفاضة الشعبية التي ما تزال أسبابها قائمة ومُبررة.

قد لا يكون المواطن البسيط معنياً بتلك الانتفاضة بقدر محاكاتها لهواجسه التي تتعاظم يوما بعد الآخر. لا بصيص أمل بالنسبة إليه في ظل عجزه عن تأمين قوت يومه بينما يتأمل بيأس الإرتفاع الجنوني للأسعار الذي يرده الى سعر صرف للدولار لا يرحم الطبقات الفقيرة بينما تعلن فيه من يفترض انها «حكومة الثورة» أن لا حول لها ولا قوة حياله.

يُسقط الأمر نفسه على مختلف نواحي الحياة حتى بات هذا الارتفاع في الاسعار الهم الأول للمواطن لينسى قضايا بدت أولويات له حتى الماضي القريب كالإستشفاء والتعليم والبطالة المتدحرجة ككرة الثلج التي لا تفرق بين اللبنانيين طبقات وطوائف ومناطق.

من ناحيتها، تصارع الحكومة الزمن. وبينما أبلت البلاء الحسن في موضوع مكافحة وباء «كورونا» وخطره، تبدو سلبية في مقاربة الأزمة الإقتصادية وتحصيل الإيرادات للدولة ومحاربة الفاسدين ما يعد اللبنة الأولى للإصلاح. وهي وضعت خطة إقتصادية ومالية أملاً بأموال الخارج التي لا خروج من الأزمة من دونها. لكن هذه الخطة باتت مثار جدل كبير بين السياسيين والاقتصاديين، على أن اللافت أنها رُفضت من قبل «الثوار» بشرائحهم المختلفة من باب الاستعانة بـ»صندوق النقد الدولي».

المنتفضون مستمرون في النشاط على الارض ولو من دون صخب ويحضرون لما هو أكبر في المقبل من الأيام. أما الأهداف، فما تزال نفسها: السلطة الحاكمة من موالاة ومعارضة وسلطة المال في مصرف لبنان والبنوك وكل الفاسدين الذين أدوا بالبلد الى ما وصل إليه.

عبد الله: نُحضر لورقة عمل

كان من الملاحظ بروز اليسار في التحركات على الأرض خاصة في وجه حاكم مصرف لبنان والبنوك، وهي تحركات اتخذ بعضها طابعا عنفياً.

كان «الحزب الشيوعي اللبناني» ولا يزال عماد اليسار في البلد، وقد نشط منذ بدء الانتفاضة في مناطق مختلفة، لكنه برز في بيروت والجنوب كما في كفررمان والنبطية وصور.

يُعيدنا رئيس «الإتحاد الوطني لنقابات العمل والمستخدمين» كاسترو عبد الله في حديث لـ»اللواء»، الى مراحل مختلفة سبقت تاريخ 17 تشرين الأول واتخذت طابعاً نقابياً ليؤكد أن «تحركاتنا ليست وليدة اليوم» بل تعود الى سنين طويلة ماضية، لافتا إلى تحركات مقبلة على الارض ستتخذ أشكالا متعددة تُدرس اليوم نظرا الى عمق الأزمة والكارثة الاقتصادية المتفاقمة.

ويتخذ موضوع الاستعانة بصندوق النقد حساسية لدى اليسار على الدوام. ويحذر عبد الله من ثمن المساعدة من الصندوق التي ستكون باهظة وستعود وبالاً على البلاد وستؤدي الى المزيد من الفقر وتعميق الهوة الكارثية للأزمة.

لا بل أنه يحذر من خطر على مؤسسات الدولة ومن ضمنها استهداف مؤسسة الضمان الإجتماعي التي قد تعرض الى الإفلاس بعد عقود طويلة من التضحيات لأجلها تطلبت البذل الكبير.

وهو يلفت الى أن الخطة الإقتصادية، وبرغم وجود بنود فيها يمكن أن تُناقش، فإن الطابع الأعم لها سلبيّ، ولذلك ثمة عمل للخروج ببرنامج مواز خلال فترة قريبة، ينزع اتهام الرفضية عن الحراك، وذلك عبر ورقة عمل تطرح الحلول المرجوّة. 

عباس: تنازل عن السيادة

تواجد «المرصد الشعبي لمحاربة الفساد» بقوة على الارض منذ بدء الانتفاضة ورفع مطالب متنوعة عاملاً على قضايا ذات طابع قانوني.

يعارض المحامي علي عباس في حديث لـ «اللواء» الإستعانة بصندوق النقد ما يتطلب تضحيات كبيرة يدفع ثمنها اللبنانيون من جيوبهم «كرمى لعيون الصندوق». هو غير مقتنع بجديّة الإصلاح لدى الحكومة من دون نفي بعض إيجابيات في عمل الأخيرة، لكن القضية بنظره تتمثل في موارد الدولة المنهوبة التي عليها تحصيلها عبر محاسبة الفساد وقمعه ووقف الهدر في المال العام.

ويشير الى ان خطة الحكومة غير قابلة للتطبيق، ويجب العمل على مكافحة الفساد ومن ثم التخفيف من الأعباء الضرائبية على الناس قبل طلب مساعدة خارجية ستشكل تنازلاً عن السيادة اللبنانية.

بدر الدين: النأي عن الـ «نيو معارضة»

تنطلق الناشطة نعمت بدر الدين من مبادرة «وعي»، في مقاربة الخطة الإقتصادية من خطوات بالغة الأهمية تبدأ بعملية إصلاحية جديّة تنطلق من العمل على استعادة الأموال التي نُهبت وتلك التي هُربت، ووضع اليد على الأملاك العامة البحرية ومحاربة الفساد.

لذا، فهي تؤكد لـ «اللواء» ما هو مؤكد دوماً للحراك من رفض للاستعانة بصندوق النقد ما سيؤدي الى تداعيات بالغة الضرر على الناس. ويبدو أن الأمور تتجه نحو تصعيد متدرج، ولكن عبر أشكال جديدة تكون أكثر فعالية. ومن الملاحظ في الفترة الأخيرة أن الحراك لم ينشط كمجموعات متناسقة وموحدة المسار وهو ما حدث في تحركات الأول من أيار خلال عيد العمال مثلاً، وهو ما سيتكرر في سبيل نتائج أفعل، كما لسبب هام بالنسبة الى المنتفضين وهو تمييز الذات عن تحركات الـ»نيو معارضة» التي حضرت أخيراً، على حد تعبير بدر الدين التي تقصد بذلك أطرافاً من الحكم حاولت استثمار ما يجري لصالحها عبر الإنخراط في التظاهرات التي دعا إليها المنتفضون.