بيروت - لبنان

اخر الأخبار

31 كانون الثاني 2023 12:00ص الحاج توفيق راشد الحوري: سيرة حياة 1995/2023

حجم الخط
د. عبد الله السيد 

عرفته في أواخر التسعينات عندما كنتُ أحاضر في كلية الامام الاوزاعي للدراسات الاسلامية وإدارة الاعمال في بيروت وأشرف على اطاريح الدكتوراه والماجستير فيهـا. فإذا قلنا هـو الاب، هـو أكثر من ذلك، وإذا قلنا هـو الاخ، هـو أكثر من ذلك، وإذا قلنا هـو الصديق، هـو ايضاً أكثر من ذلك، هـو ببساطة الحاج توفيق راشد الحوري الذي يحتوي اسمه على كل هـذه المعاني…
ذات نهـار ( صيف العام ٢٠٠٠)، دعاني الى لقاء خاص عنوانه افتتاح فرع لكلية الامام الاوزاعي، فرع ادارة الاعمال في البقاع وتحديداً في البقاع الاوسط ليطال منطقة بعلبك الهـرمل شمالاً ومنطقة راشيا ومشغرة جنوباً،  وبعد نقاشٍ مستفيض عن الموضوع، قَبِلتُ التحدي حيث باشرنا العمل الفوري الذي بدأه الحاج توفيق باعطائي مبلغ ٥٠٠ الف ليرة لبنانية لزوم بعض المصاريف الاولية… 
عدّت الى البقاع مشغول الذهـن والبال من اين ابدأ، وكيف ابدأ، وما السبيل الى تنفيذ مشروع بحجم جامعة بمبلغ زهـيد جداً لهكذا خطوة…
المهـم، انني بدأت بفكرة استئجار مبنى ملائم ليكون جامعة حيث هـداني الله الى مُجمَّع سكني في (ضهـور سعدنايل ) مؤلف من ابنية متلاصقة تعود ملكيتهـا الى الحاج احمد صخر من بلدة بعلول في البقاع الغربي الذي كان متعاوناً الى ابعد الحدود حيث اتفقنا على ايجار سنوي لم ندفع منه قرشاً واحداً في حينهـا على امل البدء بدفع هـذا الايجار حالما نستوفي بعض الاقساط من الطلاَّب. المهم انني بدأت بالخطوة التالية الا وهـي الاعلان عن المشروع من خلال الدعاية المناسبة للجامعة عبر يافطات على مفارق الطرق في عموم البقاع مع الاشارات اللازمة التي تشير الى موقع الجامعة وما شابه حيث تمَّ صرف مبلغ الـ ٥٠٠ الف ليرة (الدفعة الاولى والاخيرة )  علماً ان هـذه الجامعة هـي  وقف خيري لا تتوخى الربح.
المهـم ايضاً دون الاطالة في التفاصيل، اننا وصلنا على اعتاب تسجيل الطلاَّب حيث كان نجاح هـذه الخطوة منقطع النظير حيث تمَّ تسجيل ما يقارب الالف طالب وطالبة علماً ان القسط السنوي للطالب هـو ٩٠٠ الف ليرة لبنانية عبارة عن ٦٠٠ دولار في حينها.
وهـكذا كان حيث خرَّجت الجامعة تحت ادارتي مئات الطلاَّب الذين يشغلون حالياً مواقع قيادية في الادارة على مستوى لبنان والعالم والعربي من ضمن فهـم إداري من ارقى مستويات الادارة تحت اشراف ثُلَّة من الاساتذة من الجامعة اللبنانية وغيرهـا من الجامعات الخاصَّة.
بعد هـذا التأسيس الميمون لهـذه الجامعة الخاصة التي كانت الاولى التي تأسست في البقاع بعد الجامعة اللبنانية الرسمية، كرَّت سُبحة الجامعات الخاصة هـنا وهـناك…
للتاريخ
وبعد نجاح هـذه الجامعة من ضمن الرؤية الواقدة للحاج المغفور له الحاج توفيق الحوري في خدمة التربية والتعليم، قمنا بزيارة الوزير السابق عبد الرحيم مراد بهـدف نقل تجربتنا له في بناء الجامعة وامكانية فتح جامعة في صرح عمر المختار التربوي حيث يوجد امكانية لذلك، وقد بدأنا بالفعل تحضير الملف الاكاديمي للجامعة حيث كنَّا نجتمع مراراً وتكراراً في دار الحنان مع زملاء شكّلنا معاً فريق عمل اكاديمي لوضع القوانين والاختصاصات المراد فتحهـا وما شابه، اذكر من اسماء هـذا الفريق الاكاديمي المتميز العميد محسن جابر، الدكتور محمد البيروتي، الدكتور احمد الجمَّال، مدير عام التعليم العالي، الدكتور محمد رحّال، الدكتور محمد الصميلي، الدكتور خالد الصميلي، الدكتور رفيق الرحيمي، الدكتور يوسف الصميلي، الدكتور احمد الحج وآخرين… هـذا الامر، بل هـذا المشروع،عرضه الوزير مراد على الرئيس رفيق الحريري  الذي أجابه بالقبول واستحسان الفكرة. وعلى حد قول الوزير مراد الذي نقل الينا رد الحريري على هـذا المشروع بان لديه اي الحريري مساحة من الارض هـناك تبلغ ٩٠٠ الف متر مربع ممتدة من بلدة حوش الحريمة الى حدود بلدة الخيارة حيث يوجد صرح عمر المختار التربوي،  وانه لا مانع لديه من تسجيل الارض باسم الجامعة المرتقبة وجلب خبرات من الولايات المتحدة الاميركية وكندا لهـذه الغاية. وقد تمَّ اقتراح تسمية الجامعة باسم الجامعة اللبنانية السورية آخذين بعين الاعتبار الوجود السوري من جهـة ووقوع الجامعة على مسافة ساعة سفر من العاصمة السورية دمشق الى حيث توجد الجامعة في بلدة الخيارة.
وأخذت تتسارع الخطوات الى حين وضع حجر الاساس للجامعة من قبل الرئيس رفيق الحريري حيث احتشد كل ابناء البقاع لاستقبال الحريري، وقد قُدِّر الحشد في حينهـا بحدود المليون بقاعي من عموم قرى البقاع حيث تمَّ نحر الخراف استقبالاً للحريري بدءاً من بلدة بوارج في ضهـر البيدر مروراً بلدة مكسة، جديتا، شتورا، تعنايل، برالياس، المرج، حوش الحريمة وصولا الى الخيارة حيث وضع حجر الاساس.
المفارقة انه بعد وضع حجر الاساس، بدأت تتراجع فكرة بناء الجامعة، وبدأ شق الخلاف يتسع ما بين الوزير عبد الرحيم مراد والرئيس رفيق الحريري، وهـذا بدافع سوري على قاعدة حجم الحريري الشعبي الذي لم يكن ليتصوره السوري، فبينما احبطت كل محاولات تشكيل الحكومة من قبل الرئيس الحريري في حينهـا الى درجة إحراجه فإخراجه ( عهـد الرئيس لحود ) حيث عبَّر عن ذلك بوضوح الرئيس نبيه بري متوجهـاً الى الرئيس الحريري قائلاً: ما فيك تشكل حكومة فل. وهـكذا كان حيث اعتذر الحريري عن التكليف ليصرّح لاحقاً من على درج الطائرة: استودع الله لبنان، لانه يدرك المصير المجهـول الذي ينتظر لبنان….
هـل بناء الجامعة كان سبباً في مقتل الرئيس الحريري؟
ان مشهـدية المليون بقاعي الذي استقبل الرئيس الحريري رغم كل القمع الجسدي والمعنوي الذي تعرَّض له الحريري، وان شطب الحريري من الحياة السياسية لم تكن لتتم بهـذه السهولة، فكان باعتقادي قرار الاغتيال الجسدي نتيجة لعدة أسباب ( فاض الحديث عنهـا في كل وسائل الاعلام المرئي والمقروء )، وربما واحدة من هـذه الاسباب الحجم الشعبي  الذي اظهره وضع حجر الاساس للجامعة والذي لم يتحمله معارضو الحريري او لنقل اعداء الحريري قبل اي شيء آخر…
عودٌ على بدء 
بدأت الحكاية بفكرة تأسيس جامعة من قبل المغفور له الحاج توفيق الحوري وانتهـت باغلاق جامعة بات من الواضح من هـو صاحب الاغلاق…
الحكاية بدأت بفكرة فتح جامعة وانتهـت بفكرة اغلاق جامعة.
رحم الله الحاج توفيق حوري، ورحم الله الرئيس رفيق الحريري الذي كان اكبر من بلده…
نبذة عن المغفور له الحاج توفيق الحوري:
- نائباً لرائد جماعة عباد الرحمن ١٩٥٤ - ١٩٦٢
- صاحب البلاغ الاول لعمليات قوات العاصفة في فلسطين المحتلّة وقد اشرف على اصدار مجلة فلسطيننا ١٩٥٩ - ١٩٦٤
- احد مؤسسي جامعة بيروت العربية.
- مؤسس المركز الاسلامي للتربية (وقف اسلامي منذ العام ١٩٧٩) ورئيس مجلس الامناء فيه منذ تأسيسه لغاية ٢٠٢٠، يتبع للوقف كلية الدراسات الاسلامية وكلية ادارة الاعمال الاسلامية.
- رئيس شرف منذ بداية العام ٢٠١٥  لمجلس امناء وقف البر والاحسان القيِّم على جامعة بيروت العربية.
رحمك الله ايهـا الحاج المتفاني في خدمة امتك.

(عضو المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى)