بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 آب 2021 12:02ص الحلول في المنطقة غير ناضجة.. فهل يُحيَّد لبنان؟

حجم الخط
منذ استئناف المفاوضات النووية الإيرانية مع الأوروبيين مباشرة ومع الاميركيين في شكل غير مباشر، قبل أشهر في ​فيينا​، توسم المراقبون خيرا من امكانية انعكاس الاجواء الايجابية التي برزت على طاولة المفاوضات، على لبنان لا سيما على عملية تشكيل الحكومة.

والواقع ان التصريحات الايجابية حول تحقيق خروقات وتقدم في تلك المفاوضات الشائكة لم تكن سوى انعكاس لكسر الجليد بين الاطراف في تلك المفاوضات ليس أكثر من دون تحقيق تقدم جوهري في الملفات الصعبة. ولعل الامر يعود على صعيد التحليلات والآراء التي خرجت بذلك لكون طهران من ناحية، والاوروبيين وواشنطن من ناحية اخرى، قد شرعوا في اللقاء وفي النيّة في الانتقال من حال التوتر السابق بعد خروج الرئيس الأميركي السابق دونالد ​ترامب من الاتفاق النووي الذي وقعه الرئيس الأسبق باراك اوباما مع الايرانيين العام 2015، الى مرحلة مغايرة للسابق.

ولعل كل الآراء تتقاطع حول ان اي خرق ايجابي في فيينا سيُسقط نفسه على الملفات المعقدة في المنطقة ولاعبيها. وبعد درجة عالية من الايجابية بعد وصول الرئيس الاميركي الجديد جو بايدن وتسلمه الحكم في كانون الثاني الماضي، ثم عودة الأطراف الى فيينا، تبين ان الامور ليست بهذه السهولة وما تحقق جلّه تمحور في نية للتقدم بينما لا تزال المواقف حول طبيعة اهداف المفاوضات بعيدة بين الجانبين، ولو راعت الاطراف الشكل.

وللتذكير، عندما ذهبت طهران الى المفاوضات النووية العام 2013 مع مجموعة 5+1 التي مهدت للإتفاق النووي والتي مهدت بدورها لها مفاوضات العام 2003 مع الثلاثي الأوروبي، فرنسا وبريطانيا والمانيا، كانت تضع في حسابها موضوعا أوحد وهو الملف النووي، بمعزل عن الملفات الأخرى، التي حاولت المجموعة الأوروبية الاميركية بكل قوة ضمّها الى ملف المفاوضات النووية لتشمل كل الملفات التي تريد واشنطن أن تضعها على جدول الأعمال.

ويبدو ان الادارة الديموقراطية الحالية تريد استعادة ما حاول اوباما اعتماده خلال مفاوضات ما قبل اتفاق العام 2015. أما ما يريده الاميركيون دوما فهو مقاربة الملفات في شكل رزمة شاملة تتضمن الملف ​النووي الإيراني، لكنها ايضا تلحظ ربطه ​بملفات أخرى ذات علاقة بسياسات إيران ودورها ونفوذها وتأثيرها في المنطقة، وتوسعها في برامجها العسكرية وخاصة نظامها الصاروخي أي برامجها البالستية، وفصلها عن البرنامج النووي السلمي، والملف الأخير طرأ في السنوات الأخيرة.

في المقابل يهدف الايرانيون الى ابقاء المفاوضات على النمط السابق مع تراجع اميركي تام عن العقوبات التي فرضها ترامب على طهران على طريق إجبارها على الجلوس الى طاولة مفاوضات جديدة تنطلق من نقطة الصفر، أي على غير الاتفاق السابق الذي اعتبر ترامب أنه جاء لصالح إيران، متسلحا بالعقوبات الاقتصادية الكبيرة على إيران والحصار المفروض عليها.

ومع تغيير في الرئاسة الايرانية ومجيء قيادة اكثر راديكالية عن سابقتها، لا يبدو ان الامور معبدة امام الحل وثمة الكثير من العقد. وهناك رفض ايراني، ليس فقط لتجزأة رفع العقوبات عن طهران وهو ما تبدي الادارة الاميركية انفتاحا محدودا عليه، بل اي مفاوضات تتناول قدراتها العسكرية التي تعتبرها موضوعا سياديا وجزءا من أمنها القومي. 

ويتقاطع تحليل المراقبين حول سلبية الفترة الحالية وصعوبة تحقيق تقدم لم تنضج ظروفه في المدى المنظور، خاصة وان الملفات الاقليمية لا تزال متفجرة في المنطقة في اليمن والعراق ومؤخراً في سوريا، وهو ما يطرح السؤال حول جديّة الحل في لبنان وما اذا كان سيتم تحييده عن توترات المنطقة الحبلى دوماً بالتفجير.

لكن ما هو اكيد ان احدا لا يريد دفع لبنان الى التفجير من جديد، وخاصة الغرب ولا سيما الاوروبيين. وبالنسبة الى واشنطن فإن عودة البلاد الى الانفجار من شأنها تسليمها الى نفوذ «حزب الله» الذي سيستفيد من الفوضى حسب الرؤية الاميركية. ولناحية الاوروبيين فإنهم يريدون الحفاظ على الاستقرار اللبناني نظرا لمصالحهم الكبيرة في لبنان والتي استجد عليها العامل النفطي والغازي.. كما أن الإنهيار العسكري والأمني قد يكون له الآثار المؤذية على قواتهم الدولية في الجنوب اللبناني «اليونيفيل»، لكن الاهم، تعريض القارة الاوروبية الى هجرة جماعية من قبل النازحين السوريين وحتى الفلسطينيين في المخيمات، لا سيما بأن موضوع عودة النازحين السوريين الى بلادهم غير مطروحة اليوم قبل التوصل جديا الى الحل في سوريا واعادة اعمارها.