بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 شباط 2024 12:08ص الرزق السايب بيعلّم الناس الحرام

حجم الخط
سيّدي البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، السّادة المطارنة الموارنة في لبنان وعالم الإنتشار، أيُّها الشركاء في الوطن، إننا فعلياً وعملياً نعيش بإحدى أسوأ الأزمات السياسية حالياً، نعم نحن في حالة فراغ على كافة المستويات، حالات من القلق العارم جرّاء الخوف من الفراغ المتمادي في المؤسسات الرسمية والتي تُديره مجموعة سياسية أقّـل ما يُقال عنها أنها «غير جديرة بتحمُّل المسؤولية» علماً أنها أتتْ إلى السلطة خلافاً للنظام الديمقراطي المُغلّف بتزوير فاضح لإرادة الشعب اللبناني من خلال إنتخابات قاطعها أكثر من 54% من الناخبين والتي أسفرتْ عن تجديد الفراغ، وجميعنا نتحمّل المسؤولية، علمانيين وروحيين، لأننا فشلنا في تغيير قواعد اللعبة وتأقلمنا أو أقلمونا بالأمر الواقع.
الشركاء في الوطن، بفوقية يحكمون ما تبقّى من الجمهورية، تقابلها دون شك دونية شعبية قديمة تتزايد أسبابها في هذه المرحلة ومن أبرزها حالة الإنهيار الخُلُقي والسياسي للمسؤولين في لبنان وعلى مختلف المستويات، حالة الإنهيار السياسي والخُلُقي أفرزتْ أمراً واقعاً يصعَب معه إيجاد الحلول «الترقيعية»، وهناك إنعدام القدرة على إنتاج تسوية قابلة لأن تتنج حلاً سياسياً للأزمة.
الشركاء في الوطن، حُكام يحكمون متحررون من أي شروط، ومن مبدأ الإتزّان، فيما الوقت حالياً يتكفّل بسيطرة هؤلاء الحُكام على ما تبقّى من مقدرّات البلاد، وواقع الحال يلقي بأعباء كثيرة على الشعب اللبناني لا سيّما أنّ غالبية شعبنا يترقّب ويتخوّف من آثار هذه السياسة وإنعكاساتها على الواقع السياسي العام في البلاد. إنّ الوضع العام محفوف بالمخاطــر إلى جانب الإنهيار المالي والاقتصادي والإجتماعي والأمني والخُلُقي والقضائي، إضافة إلى سكوت المجتمع الدولي عمّا يجري على الساحة الداخلية وسبب هذا السكوت فشل من توّلوا السلطة في تسييل ما طُلِبَ منهم أو ما حاولوا تسويقه لدى هذه المراجع مع الكلفة المالية التي جنوها في حينه.
حقاً صدق المثل القائل «الزرق السايب بيعلم الناس الحرام» لأنه ينطبق على الجمهورية اللبنانية التي لم يبقَ «إبن حرام» إلّا وآجر بها وهذا ما أدّى إلى ما نحن عليه... جمهورية مباحة مسروقة مخطوفة منهوبة منكوحة ممّن هم أهل سياسة، جمهورية منتهكة بالقانون والقضاء والعدالة، جمهورية قواها الأمنية الشرعية تعاني من الشِّح المالي تخرقها سياسة رعناء فاشلة... الجمهورية غير محميّة من السارقين والفاشلين والعملاء والمأجورين ومصّاصي دماء الشعب، جمهورية غير محافظ على سيادتها وعذريتها الوطنيّة فهي كالمرأة المنتهكة كرامتها، كل السّاسة ومن دون إستثناء إغتصبوها من الخارج ونحن وإيّاكم ننظّر كتابةً وعظات وبيانات ومواقف، والأمور تسوء.
غياب تطبيق الدستور ومراقبة القوانين جعل من جمهوريتنا صرحاً للفساد وتمرير المحسوبيات والصفقات ورهن السيادة الوطنية، كيف يجوز السكوت بعد كل ما حصل، كيف نقبل وتقبلون بأن يُصبح أهل السياسة عندنا «أساتذة في علم الحرام» ويعطون دروساً في هذا الكار؟
سيّدي البطريرك، السادة المطارنة، الشركاء في الوطن، خوفاً من المعاصي السياسية التي تجتاح الجمهورية وخوفاً من إنتشار الزنى والربا السياسي ومخالفة الدستور والقوانين... نحن وإيّاكم نحتاج إلى منظومة سياسية قوية صحيحة إلى رعاية وإهتمام مستمرّين لأننا في أزمة شاملة وفوضوية لدرجة بات يصعب إستيعابها. من الضرروي أن نعلم أن الإستجابة لحل الأزمة ينبغي أن يكون موجوداً ومنطقياً وعلمياً. نحن بحاجة لحل طوارئ يكون أكثر فعالية ونحن بحاجة للتشاور مع بعضنا البعض لتشكيل حل شمولي لهذه الأزمة، حَراك الماضي غير نافع، هل أنتم مستعدّون فعليًا للنقاش؟

* كاتب وباحث سياسي