بيروت - لبنان

اخر الأخبار

1 أيلول 2021 12:00ص السياسات المكيافيلية لا تبني وطناً

حجم الخط
من أرضية وطنية صادقة، ومن صرخات رأي عام شعبي عارم، ومن وقائع يتخبط فيها الوطن ماثلة للقريب والبعيد ترى بأم العين موت وطن وذبح مواطنين وتداعي مؤسسات وإدارات وآلام وأحزان عميقة لم يرَ اللبنانيون مثيلا لها منذ نشوء لبنان الكبير. هذا الزمن الأخير الأخطر كثير السوءات يجعلنا وغيرنا نصرخ كل يوم (كفاكم نفاقا واحتيالا) بحق الوطن والمواطنين فالاثنان معا هما قدس الأقداس، هما الوجود المشرّف، وهما الحياة الأبدية للوطن والمواطنين الى أن يرث الله الأرض وما عليها.

الاثنان معا وهما واحد بانصهار وتماسك لا وجود لأحدهما دون الآخر لم ولن يسمحا أن يكونا لعبة قمار فوق طاولة مصالح المتحكمين يتكالبون على مواقع الوزارات التي وجدت أصلا لتكون بخدمة الوطن والمواطنين، وتتناتش المواقع والإدارات كما تتناتش الذئاب على فريستها للظفر بقطعة أكبر.. ما هو ماثل أمام اللبنانبين والعالم بهذا الوطن القتيل وبالمواطنين المذبوحين خارج عن أي قواعد لحكم الأوطان ومنافٍ لكل الدساتير والقوانين السائدة في العالم ولكل إرادات الشعوب في الأمن والآمان لدولها ، والازدهار والتقدم والرقيّ ولتساهم بقدر ما تتحمّل وتستطيع بدعم الحضارة الإنسانية التي يعمل لها القادة الكبار من دول العالم السابقين واللاحقين والحاليين. يدرك اللبنانيون ان الله اختصهم بقادة كانوا المثل والقدوة في الحفاظ على الوطن وحماية وسعادة مواطنيه والنازحين إليه بدوافع وطنية وقومية وإنسانية وبناء دولة قوية تحمل الكثير من العدل والمساواة وتكافؤ الفرص والالتزام بكتاب الوطن ونصوصه والذي هو دستور البلاد وسيادة القانون والكثير من الحرية والحريات العامة، وان قليل من الديمقراطية حسب قول رئيس الحكومة الأسبق الدكتور سليم الحص. هؤلاء وأمثالهم لم يأخذوا الوطن لخدمة عائلاتهم أو أقربائهم ولا لزوجات أولادهم وأزواج بناتهم ولا لأبناء الأخ والأخت ولا للمحازبين ولا للسكرتيرات الحسناوات وحملهن الى مواقع رسمية في الدولة التي نكبت بهم وبمعاييرهم الشخصانية والمصلحية والانتهازية وصارت الغالبية تجري على الوطن جري الوحوش الكاسرة.

ان ما هو جارٍ الآن في لبنان الوطن على الوطن والمواطنين يتخطى كل معقول ويصيب قواعد بناء الأوطان بالصميم ويشرع الأبواب كلها أمام الفوضى الهدّامة ويدخل البلاد في صراعات أهلية وربما بحروب طاحنة وعندها لا يفيد الندم ولا الأسف ويصدق بنا قول الأم العربية الاندلسية لابنها الأمير الحاكم لا تبكي كالنساء ملكا لم تحافظ عليه كالرجال. لا ترى أحدا من هذه الطبقة التي وصفها الشعب بالفساد والافساد ونهب خزينة الدولة وأموال المودعين من الفقراء يعترف ولو بخطيئة من مئات خطاياه كلهم مع زبانيتهم من صنف الملائكة وغيرهم الشياطين. يمارسون النفاق بأعلى درجاته والاحتيال بأدق مندرجاته، وبكل حيادية عن أطراف السلطة أقول لقد هالني ما سمعته وقرأته عن ما صدر من المكتب الإعلامي للرئاسة حرفيا: (بان رئيس الجمهورية يبذل جهدا لتأليف الحكومة للتصدي للمعاناة القاسية التي ينوء لبنان تحت أثقالها) هي ليست معاناة قاسية انها حرب تجويع وإفقار وإذلال وإهانات وقطع سبل الحياة عن الأطفال الرضع والرجال والنساء وإقفال كثير من المستشفيات والمصانع وبائعي المياه بكل أنواعه وإفلات الاحتكار وتجار الحروب بتخزين كل سبل الحياة ليصل الى أعلى أعلى درجات الغلاء الذى لم يعرفه اللبنانيون الذين عاشوا الحربين العالميتين والذين عشنا وإياهم حروب المليشيات في لبنان التي اسموها زورا وبهتانا بالحرب الأهلية وآخرون اطلقوا عليها حرب الآخرين، أما بعض الذين ابتدعوها وصفوها بالحرب القذرة ومهما اختلفوا حول التسمية والوصف فالشعب اللبناني دفع مائتي ألف ضحية.

وبكل الحيادية أثمن حديث الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الذي أدلى به مباشرة الى محطة «الحدث» معلنا (ان هنالك عراقيل كبيرة تواجه تشكيل الحكومة) (والاعتذار ليس على مفكرتي وغير وارد في ذهني لان البلد يحتاج الى حكومة إنقاذ) حديث وطني ومسؤول بامتياز لكن إعلانه بأن لا أسمح لنفسي بإمساك التكليف في جيبي، أملي وغيري كثُر أن يبقى في الجيب لانه خيار المجلس النيابي فقط ولأنك الرئيس الثالث المكلف وان الرئيس يريد بقاء الدولة بلا حكومة لآخر عهده كما تقول ذلك أوساط سياسية عدة فالقضاء على الطائف هو المطلوب وإخراج لبنان من الحضن العربي هو الغاية وأخذ الوطن الى أمكنة أخرى هو أبرز الغايات والاستهدافات وكفى لبنان شر النفاق والاحتيال فالسياسات المكيافيلية لم ولن تبني وطنا.