بيروت - لبنان

اخر الأخبار

30 أيلول 2020 08:30ص الشيخ صُباح...رحيل آخر الحكماء العرب

حجم الخط
بوفاة أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الاحمد الصباح، يفقد العرب آخر الزعماء الحكماء، الذين طالما سعوا الى الوحدة ومنع الحروب والتناحر والخلافات بين الدول العربية، والذي طالما زان الامور بميزان العقل والمنطق والحق والمصلحة العليا للعرب، ولعل لبنان هو الدولة التي تشهد اكثر من غيرها على دعم الكويت لكل قضايا العرب ولا سيما القضية المركزية فلسطين، منذ أن كان وزيراً للاعلام ثم وزيراً للخارجية ومن ثم رئيساً للحكومة وولياً للعهد واميرا للبلاد، فهو وقف الى جانب لبنان في الحرب والسلم، في الاقتصاد والتنمية والشؤون الاجتماعية، وكوّن منذ الخمسينيات صداقات واسعة بين القيادات اللبنانية الرسمية والسياسية، وبخاصة بين رجال الصحافة والثقافة والمجتمع الاهلي، نظراً لسعة ثقافته وخبرته في الحقول الاعلامية والاجتماعية.

عرفت امير الكويت الراحل وزيراً للخارجية بين عامي 1981 و1983، وكنت في جريدة الانباء الكويتية محرراً للشؤون العربية والدولية، وكانت الازمة اللبنانية في عزها، وكان الراحل لا يوفر جهدا ولا طاقة ولا رحلة ولا دولة من اجل إنهاء الازمة اللبنانية. وحيث  استضاف  القيادات اللبنانية عام 1983 في دارته في تونس. الى ان اصبح عضواً فعالاً في اللجنة العربية الرباعية التي اسست لإنهاء الحرب ولإتفاق الطائف،...وقبل الحرب الاهلية، بذل كل الجهد لإصلاح ذات البين بين لبنان من جهة وبين سوريا والمقاومة الفلسطينية من جهة ثانية، حيث قاد جهود المصالحة بينهم في تموز من العام 1973. وطالما أكد على وقوف بلاده إلى جانب سيادة لبنان واستقلاله وحريته، وساند لبنان في كل القمم العربية والاقتصادية وفي المحافل الدولية، وليس غريباً ان يرد له لبنان بعض الجميل يوم الغزو العراقي للكويت، فكان اول دولة ادانت الغزو والاحتلال.

ومن آخر مآثر الكويت في عهد الامير الراحل، الدعم الاقتصادي الذي قدمته إثر الازمات الاخيرة المالية والاقتصادية، ولا سيما في ازمة استيراد المحروقات. وسيرة الراحل البيضاء مع لبنان لا تتسع لها الصفحات.

من هو الشيخ صباح الأحمد الجابر المبارك الصباح (مواليد 16 تموز- يونيو 1929)؛ أمير دولة الكويت الخامس عشر، والخامس بعد الاستقلال من المملكة المتحدة. هو الابن الرابع لأحمد الجابر الصباح من منيرة العثمان السعيد العيّار.

تلقى تعليمه في المدرسة المباركية. هو أوّل وزير إعلام، وثاني وزير خارجية في تاريخ الكويت. ترأس وزارة الشؤون الخارجية للكويت طيلة أربعة عقود من الزمن، ويعود له الفضل خلالها في توجيه السياسة الخارجية للدولة والتعامل مع الغزو العراقي للكويت في عام 1990. تولى مسند إمارة دولة الكويت في 29كانون الثاني 2006 خلفًا للشيخ سعد العبد الله السالم الصباح، الذي تنازل عن الحكم بسبب أحواله الصحية، وبعد أن انتقلت السلطات الأميرية إليهِ بصفته رئيس مجلس الوزراء، قام مجلس الوزراء في 24 كانون الثاني 2006، بتزكيته أميرًا للبلاد، وقد بايعه أعضاء مجلس الأمة بالإجماع في جلسة خاصة انعقدت في 29 كانون الثاني 2006. وهو الأمير الثالث الذي يؤدّي اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة في تاريخ الكويت.

إبان رئاسته لمجلس الوزراء حصلت المرأة الكويتية على حقوقها السياسية تنفيذًا لتوجيهات الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، ثم وزّرت أوّل امرأة في حكومة برئاسته عام 2005، تلا ذلك مشاركة المرأة في العملية الانتخابية في أوّل انتخابات نيابية بعد توليه مسند الإمارة، ومن ثمَّ تُوجّت سياسته الإصلاحية تلك بدخول المرأة لأوّل مرة عضواً في مجلس الأمة، في ثالث انتخابات نيابية تجري في عهده، وقد سمح للمرأة بدخول السلك العسكري، كذلك أعاد التجنيد العسكري الإلزامي في الكويت.

كرَّمته الأمم المتحدة في 9 ايلول 2014 بلقب «قائد للعمل الإنساني»، وسُمِّيَت الكويتُ «مركزاً للعمل الإنساني» تقديرًا من المنظمة الدولية للجهود الذي بذلها الأمير وبذلتها الكويت خدمة للإنسانية. 

لُقِّب بـ«شيخ الدبلوماسيين العرب والعالم» و«عميد الدبلوماسية العربية والكويتية». ومارس دور الاطفائي للأزمات بدءاً من البيت الخليجي الى خلافات جامعة الدول العربية.وصاحب الابتسامة الجميلة التي يفتح بها قلوب المختلفين. 

واتّبَعَ في عهده سياسة إصلاحية فترسَّخت الحياة الديموقراطية وزادت الحريّات الإعلامية، وانتشرت الصحف والمنابر الإعلامية وتوسّعت مساحات النقد في الكويت.