24 تموز 2021 12:00ص المحامي عزت حرب: بيروتي عربي غادرنا إلى دنيا البقاء

حجم الخط
غيّب الموت رجلاً من الرجال الكبار الكبار إبن منطقة الأشرفية في بيروت الذي نشأ فيها، وعاش حياته فكراً وعملاً مؤمناً بالعيش المشترك والأخوة الصافية المبنية على الوطنية اللبنانية التي هي جزء لا يتجزأ من العروبة.

درس في مدارس جمعية المقاصد في بيروت حتى نهاية المرحلة الثانوية وهو أحد خرّيجيها، ونال الإجازة في الحقوق من الجامعة اللبنانية، وتدرّج في مكتب الزميل الأستاذ جان غاوي الشهابي الهوى فأتيحت له فرصة التعمّق بالعلم القانوني وخاصة الإداري، وحمل رسالة المحاماة بعمق واستقامة يُشهد لها، وتابع لاحقاً عمله في مكتب المرحوم الزميل جان دمر.

عمل الراحل العزيز كرفيق لنا في صفوف حركة القوميين العرب، وخاض نضالاتها ضد مشروع ايزنهاور وضد كل أنواع الاستبداد والاستعمار، مناضلاً للوحدة والتحرر والثأر شعارات الحركة، ملتزماً بقراراتها، حاملاً للمسؤولية بكل شجاعة، الاصالة والأمانة قانون حياته، ومن هنا كانت المبادئ الناصرية عنده إيماناً راسخاً بزعامة جمال عبد الناصر، ومن أجل ذلك كانت قناعته الحاسمة بأن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية في النضال لتحرير أرض فلسطين من البحر الى النهر، وبقي حتى الرمق الأخير مناضلاً ورافعاً لللاءات الثلاث: «لا صلح، لا تفاوض، لا اعتراف».

ترأس المغفور له جمعية متخرجي المقاصد في بيروت لدورة واحدة رفض بعدها التجديد لإيمانه بتبادل المسؤولية والمناصب، فكانت الجمعية خلال ترأسّه لها محور العمل الوطني في السبعينات حيث كانت الحركة الوطنية اللبنانية تعقد اجتماعاتها في مركز الجمعية في منطقة البسطة الفوقا برئاسة المعلم كمال جنبلاط.

كان الراحل الكبير المحرك الأساسي للانتفاضة الإسلامية على الأوضاع التي كانت سائدة في دار الفتوى في الستينات الى جانب كوكبة نذكر منها عميد جريدة «اللواء» المغفور له الأستاذ عبد الغني سلام، والشهيد الشيخ صبحي الصالح، والقاضي المرحوم مصطفى منصور، ومدير عام مرفأ بيروت المهندس المرحوم سعد الدين مدلل، والمناضل المرحوم الحاج رشيد شهاب الدين، وهذه الكوكبة عملت بالتخطيط والتنفيذ والإدارة الجريئة والتصميم الناجح والمثابرة الى إنجاز انتخاب الشيخ حسن خالد مفتياً للجمهورية اللبنانية، فكان القائد الوطني الشجاع الذي استشهد من أجل تحقيق رفعة الوطن واستقلاله وسيادته وحريته، وكان لتبؤ المغفور له عزت حرب منصب المدير العام للأوقاف الإسلامية والأمين العام للمجلس الإسلامي الشرعي الأعلى الأثر الواضح والفاعل فيما قدّمه من أعمال واقتراحات شجاعة والتي شهد على نتائجها القاصي والداني في تلك المرحلة.

من هنا لا بد أن تكون السيرة الطاهرة لهذا الرجل منارة للبيروتيين بل للبنانيين في النضال ضد الفساد والفاسدين، وضد ناهبي أموال الشعب اللبناني، والذين عملوا لإنهيار الدولة وضياع مستقبل الوطن والمواطنين، وفي تمسّكنا بالعروبة والحرية والديمقراطية، والعمل على تعميم ثقافة المقاومة لتحرير فلسطين من البحر الى النهر.

نمْ قرير العين أيها الراحل فأنت المثل والمثال، تغمّدك الله بواسع رحمته وأنزلك منزلة الصدّيقين والأبرار، وللعائلة والرفاق جميل الصبر والعزاء. 



 * الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب