بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 حزيران 2023 12:00ص المسلمون السنَّة في لبنان وإشكالية القيادة الراشدة

حجم الخط
لم يشهد المسلمون السنة في لبنان؛ تجربة اشد قسوة وأكثر ايلاما مما هم عليه الان وفي هذه الايام الصعبة التي يرسم فيها مستقبل لبنان، ودور نظامه السياسي محليا واقليميا وحتى دوليا من خلال اللجنة الخماسية او من بوابة لللقاءات السعودية الفرنسية واستطرادا بتحرك الموفد الرئاسي الفرنسي لودريان على امراء تعطيل الانتخابات الرئاسية؛ في ظل الغياب الواضح للمرجعية السياسية الاسلامية السنية عن المشاركة الفاعلة في صناعة القرار لاخراج لبنان مما هو فيه من ويلات وازمات وادران مستعصية،ولاول مرة في تاريخ لبنان الحديث؛ لا يجتمع المسلمون السنة او نوابهم خلف قيادة واحدة؛ او قيادة ثنائية جامعة حتى ولا ثلاثية متنوعة،ولا تجمع اكثريتهم كتلة نيابية وازنة، فهم اشبه بالارض المشاع تتقاسم اكثريتهم القوى السياسية المتناحرة الموالية منها والمعارضة، وهم في هذه الايام كالورقة المعلقة في الهواء تحركها الرياح كيف شاءت،خاصة وأن الساحة اللبنانية اضحت مرتعا لقوى اقليمية تحتضن هذه الفئة من اللبنانيين او تلك، وأخرى دولية متنازعة المصالح والاهداف والغايات؛ واللبنانيون بأكثريتهم موزعون في ولاءاتهم بين هذه القوى الاقليمية او تلك؛ بحجة الحفاظ على الذات، ومصالح الطائفة او المذهب ، وغدا الولاء الوطني اكثر من ضعيف، والمجلس النيابي المفترض ان يكون ضمانة وطنية جامعة، منقسم على ذاته عاموديا; بين موالاة يقودها الثنائي الشيعي بدعم ايراني وبيده عصا غليظة وجزرة وهمية؛ ومعارضة متنوعة بقيادة مارونية مسيحية تتقاطع مصالحها الظرفية على مرشح رئاسي؛ وتئن من الواقع اللبناني المأزوم; وتشكو من هيمنة الدويلة على هيبة الدولة; وترفض الرضوخ للواقع المأزوم، وتدعو الى الحياد الايجابي في اطار جامعة الدول العربية، كما هو حال النمسا في الاتحاد الاوروبي; والسؤال المطروح لدى الاوساط المتابعة محليا وعربيا؛ اين هو دور المسلمين السنة؟ وأين هي قيادتهم؟ وهم اهل الدولة ومؤسساتها، وركنها الاساسي؛ وهل يمكن بناء دولة لبنانية وطنية جامعة في ظل غياب او تغييب الدور الاساسي والفاعل للمسلمين السنة في لبنان؛ وأين هي المرجعية السياسية الوطنية؛ التي تجمع ولا تفرق؛ وتبني الوطن بثقافة المواطنة؛ وبالانماء والاعمار المتوازن، وتعمل على احتواء تطلعات وهوس الرؤوس الحامية مذهبيا وطائفيا، ولِمَ لم يستطع هؤلاء النواب ان يفعلوا ويطوروا لقاءهم الوطني بامتياز، الذي عقد بتاريخ 24 أيلول/ 2022م في دار الفتوى برعاية ومتابعة سماحة مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان؛ والمتضمن الاسراع الى انتخاب رئيس جمهورية لكل اللبنانيين، وتشكيل حكومة جامعة؛ والتمسك بوثيقة الطائف وبالثوابت الاسلامية العشرة الصادرة عن دار الفتوى عام 1986.
دار الفتوى وسيدها لا يمارسون العمل السياسي اليومي المتعارف عليه في لبنان، وانما يتابعون ويدعمون وينهضون بالعمل الوطني الهادف؟؟ لبناء الدولة الوطنية الجامعة لابنائها والمحصنة لمجتمعها.
في ظل هذا الانقسام الحاد؛ بين نواب لبنان العاجزين عن انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة؛ وقبل ان يَرحلوا او يُرحلوا، هل يمكن لنواب المسلمين السنة الموزعين والمتباعدين ومن معهم من الحلفاء ان يعيدوا للوطن توازن ويكرروا دور الرئيس الشهيد الرمز رياض الصلح، أوالرئيس الشجاع صائب سلام؛ او الرئيس الشهيد الصالح رشيد كرامي؛ او الرئيس الشهيد الاسطورة رفيق الحريري؛ ام اننا سنبقى في هذا التيه الاسلامي والوطني بانتظار إنتاج واظهار قيادة اسلامية راشدة لتعيد لبنان المختطف من حديثي النعمة والسلطة الى دوره الوطني الريادي؛ وبالتالي الى الحضن العربي ليبقى سيدا حرا عربيا بدوره التاريخي ورسالته الحضارية الهادفة لوحدة المسلمين والمسيحيين في وطن الارز لبنان.

 رئيس المركز الاسلامي للدراسات والاعلام