بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 آذار 2023 01:14ص المقاصد الأبيّة ستبقى القوة الدافعة للأمة (2/10)

حجم الخط
إن ما بيّناه في المقال الأول أكّد على هوية الجمعية وأهدافها التي ترمي الى رفع المستوى العلمي والتربوي للمجتمع البيروتي أولا والوطني ثانيا ودوراً مهما على المستوى العربي ثالثاً.
كل ذلك في سبيل ازدهار وتقدّم وتحصين الوطن من الغزو الفكري والثقافي الأجنبي، لكن مع الانفتاح على كل الثقافات دون الانغلاق على فكر يتعارض مع رسالة المقاصد التي أطلقها الأولون وحملتها الأجيال جيلا بعد جيل.
إن الرسالة التي كانت المعين للأجداد والآباء والأمهات جعلت منهم قياديات وقياديين في العمل الإسلامي والوطني بل والعربي فساهموا مساهمة فعلية ضد احتلال الأرض العربية وفي الحركة الاستقلالية اللبنانية، وضد العدو الصهيوني في فلسطين وفي تأكيد الميثاقية الوطنية والتمسّك بها وفي إرساء القواعد الأخلاقية، وفي العمل السياسي النظيف البعيد عن المذهبية والطائفية، وكذلك في الإدارة اللبنانية أيضاً حيث عملوا بها وما زالوا يمثلون أعلى درجات الالتزام والمسؤولية والإنتاجية والشفافية، فكانوا وما زالوا المثل والمثال، وإذا أردنا أن نسمّي ونعدّد هذه القامات فإن اللوائح تطول وتطول وسوف نأتي على ذكر بعضها على سبيل المثال لا الحصر لاحقا.
وكي تبقى المقاصد الشعلة التي لا تنطفئ، وأَخْذَاً بعين الاعتبار التطورات الحديثة في التربية والتعليم والإدارة عالمياً، فإنه لا بد من إعادة النظر بأنظمتها وأسلوب إدارتها وبرامجها التعليمية والتطبيقية لتعود الى ريادتها ليس على نطاق بيروت بل في كل الوطن، مع الإشارة ان مدارس القرى التي كانت تابعة للجنة تعليم أبناء المسلمين في القرى كان لها دور مهم في التنشئة الإسلامية وقد حرموا منها حيث تم إقفالها، إلا ان التعاضد والتكافل الاجتماعي والتنشئة على الأخلاق الإسلامية يستدعي الرجوع عن هذا القرار لتبقى المقاصد متواجدة في كل مكان لا أن تتقوقع في بيروت فقط، ولا أن تكون التصرفات الإدارية سواء أكانت مقصودة أو غير مقصودة هدفها إلغاء الدور الريادي لهذه المؤسسة التي هي من الركائز الأساسية للمجتمع في لبنان.
بناءً لما كل ما تقدّم، ان المقاصد بحاجة دائمةٌ لقيادةٍ نشأت وترعرعت في مدارسها، ومستقبلاً في جامعاتها وكلياتها، وتشرّبت وتتشرّب أخلاقها ومبادئها، وعلى كل قيادة مقاصدية مستقبلية دعم كادراتها التعليمية والتربوية، والاهتمام بكل مدماك من مداميكها والحفاظ عليها والعمل وفق رؤية توسعيّة مكانياً وعلمياً وتربوياً ووطنياً لتعيد للمقاصد مكانتها وثقة اللبنانيين بها.
في الإيمان والإرادة والتصميم سيتحقق ذلك عاجلاً أم آجلاً، شاءَ مَن شاءْ وأبى مَنْ أبى.

* الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب