بيروت - لبنان

اخر الأخبار

7 نيسان 2023 12:51ص المقاصد الأبيّة ستبقى القوة الدافعة للأمة (6/١٠)

حجم الخط
«المقاصد معجزة الصمود»
في الوقت الذي كانت فيه المدافع تقصف بيروت إبان الحرب الأهلية البغيضة كان الوضع في ذلك الوقت أشدّ هولاً وخطراً من الحالة الحاضرة، وكانت معظم المؤسسات تقفل أبوابها اتقاء خطر القذائف العشوائية التي دمّرت أمكنة حبيبة من المدينة، وبقيت المقاصد وحدها صامدة عاملة في كل مؤسساتها التربوية والإعلامية والصحية والاجتماعية، وبقيت قياداتها صامدة في كل مواقعها ومنتجة في أعلى المستويات، ونذكر منها قطاع التربية والمديرية العامة واتحاد مجالس الأهل ومدراء المدارس عشاق المقاصد وبناة مجدها العظيم. ولن ينسى المنصفون الدكتور رفيق عيدو ورفاقه الكبار من كل الطوائف والمذاهب يدعمها رئيس المقاصد الرئيس صائب سلام وبعده الرئيس تمام سلام ثم المهندس أمين الداعوق.
وكانت المقاصد سبّاقة في إنشاء المجالس الأهلية، وفي المساهمة الكبرى في وضع قانون هذه المجالس.
ومن منابر المقاصد مجلة «ثمرات المقاصد» بعهدة المحامي الشاعر صالح الدسوقي، ومعها الملتقى الثقافي المقاصدي، ثم رابطة قدامى المقاصديين. ومن عجب كيف ألغيت هذه المنابر دون الالتفات الى أهميتها.
وهناك المستوصفات والدواء الى درجة أن المقاصد كانت في مؤسساتها هذه في بيروت وفي المناطق الصورة الحقيقية للنهضة الوطنية ولدعم المجتمع.
وبكل أسف فإن مدارس القرى التي أنشأها الرئيس عمر الداعوق منذ ١٩٢٠ قضي على أكثريتها في كل المحافظات.
ويبقى أن أهل بيروت المسلمين والوطنيين معنيون جداً بإستعادة مجد المقاصد ودعم مؤسساتها وتوفير أعلى القيادات لها من أصحاب الكفاءة والنزاهة والخبرة لإنقاذ أم التراث وصانعة مجد لبنان.
وصناعة المجد لا تكون بإطلاق كلمة «ليسيه» على ثانوية حيث أن هذه الكلمة تعني مباشرة عنواناً من عناوين النظام التعليمي الفرنسي الذي اعتمد مبدأ العلمانية في الأمور الدينية الذي هو أساس النظام المذكور وذلك منذ نهاية القرن التاسع عشر، وفي فرنسا فإن التعليم العام هو علمانياً منذ قوانين 28 آذار/مارس 1882 و30 تشرين الأول/ اكتوبر 1886 التي تنص على واجب التعليم وعلمانية الموظفين والبرامج.
وقد تم التأكيد على أهمية قيم المدرسة الجمهورية من خلال قانون 9 ديسمبر 1905 الذي أنشأ علمانية الدولة، يعني احترام معتقدات الطلاب والأهل ويتضمن غياب التربية الدينية في المناهج أي علمانية الموظفين وتحريم التبشير.
وفي المدارس الحكومية، قواعد الحياة في الأماكن المختلفة المحددة في النظام الداخلي تحترم العلمانية، ويحظر ظهور اللافتات الدينية علانية أو الملابس التي يظهر الطلاب بها ظاهرياً انتمائهم الديني.
فلماذا الإصرار على تصحيح الخطأ أو الخطيئة بمثلها ووضع كلمة «ليسيه» قبل كلمة المقاصد وانهما كلمتين متناقضتين لا يمكن الجمع بينهما، بالله عليكم الى الآن لم يشرح أحد لنا لماذا حصل ما حصل وما الفائدة العلمية والتربوية في ذلك، ومن فرض عليكم هذا الأمر البعيد كل البُعد عن روح المقاصد منذ تأسيسها وأسباب تأسيسها وحتى قبل هذه الولاية الأخيرة للمعنيين بشؤونها، الرأي العام المقاصدي يطلب بكل حزم إعادة الحال الى ما كان عليه لجهة التسميات حيث انها الإشارة الثابتة للأهداف، المبررات مهما كانت مرفوضة، لا تحاولوا استغباء جمهور المقاصد وشطب تاريخها.
إن مكانة بيروت وإرثها الحضاري واعتبار أهلها من ورثة الحضارة العربية والإسلامية وتبؤوها في التاريخ مركزاً مميّزاً للإشعاع الفكري والعلمي لم يستطع الغزو الثقافي والسياسي المنظم الذي كان يزحف وما يزال تحت قناع التربية والتعليم أن يتغلغل في جسد الناس وحياتهم، بوجود المقاصد التي هي الضمانة والأمانة.
ولئن حاصرتها اليوم بعض الأزمات، فلقد واجهت المقاصد من قبل أزمات أشدّ وأعنف، واستطاعت أن تنتصر وتستمر، إلا أنها اليوم تخشى ونخشى معها أن يكون استهداف المؤسسات الإسلامية ومن بينها المقاصد قد بدأ مجدداً بعد أن صَمَدَ بوجهه القيادات السابقة.
ان مجلس أمناء المقاصد الذي نقدّر كل فرد من أفراده لا بد أن يعلن كما أسلفنا حالة الطوارئ مستنداً في ذلك إلى الفجر الصادق للجمعية ومسيرتها الطويلة المشهودة ليكون ذلك زاداً فكرياً وعملياً له في الوقوف بوجه الغزو الثقافي والسياسي الوافد إلينا مجدداً تحت قناع التربية والتعليم الذي بيّنا قواعده العلمانية ورأس الحربة فيه إضافة كلمة «الليسيه» وهذه هي البداية التي من الواجب إلغائها فورا قبل فوات الأوان.
إن المقاصد ضمانة وأمانة ولن تتوقف.

* الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب