بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 آذار 2023 12:19ص انتخابات اتحاد العائلات البيروتية جعجعة بلا طحين

حجم الخط
يثار ضجيج وصخب اعلامي فضفاض, مع قرب حلول موعد انتخابات الهيئة الجديدة لاتحاد جمعيات العائلات البيروتية بعد ايام معدودة, وكأن الهيئة المرتقب انتخابها, أياً يكن الفائزون بعضويتها, ستكون نقطة تحول حاسمة, وتحدث فرقا شاسعا بوجودها, وعاملا ايجابيا مؤثرا في انطلاقة واعدة للاتحاد, قياسا على نهجه السابق الرتيب, في مقاربة مشاكل وازمات العاصمة التي تعاني الأمرين, من الإهمال وعدم الاكتراث الرسمي والاهلي, منذ نشوب الاحداث والازمات المتتالية .
قد يكون من المبكر اعطاء انطباع عما ستكون عليه الهيئة الجديدة قبل انتخابها ومباشرة عملها. ولكن على هامش التحضيرات لاجراء الانتخابات, يمكن تسجيل اكثر من ملاحظة اولها, محاولة عدد من رؤساء الاتحاد السابقين, وبعض الأعضاء المخضرمين, البقاء في واجهة المسؤولية, إما ترشحا أو نفوذا من خلال دعم مرشح محسوب عليهم من هنا, او هناك, وسعيهم الدؤوب لقطع الطريق امام بعض المرشحين الشباب الكفوئين, الذين أثبتوا اهلية بتولي المسؤولية خلال وجودهم بالاتحاد بالولاية المنقضية, وقاموا ما بوسعهم لتحديث عمل الاتحاد وتطويره, وحققوا انجازا بارزا بتحويل الاتحاد الى جمعية ذات منفعة عامة, بموجب مرسوم حكومي, لكي يتمكن من لعب الدور المؤثر والفاعل, في كل المسائل والقضايا المتعلقة بالعاصمة وشؤون اهلها, وأن لا يكون غائبا عن تحديد موقفه من مسائل مهمة ومصيرية, إن كان بالانتخابات النيابية, او الانتخابات البلدية التي تشهد محاولات لتقسيم 
العاصمة إلى شطرين تحت عناوين توازن التمثيل, وما يعنيه مثل هذا الطرح من مخاطر غير محمودة على وحدة العاصمة ووحدة لبنان ككل.
 والملاحظة الثانية, تهافت اكثر من نائب مغمور وجهة سياسية, وشخصيات وصولية,  تهوى بمعظمها حب الظهور, للتموضع داخل الاتحاد من خلال الانتخابات المرتقبة, في محاولة لاحتلال مساحة معقولة للتأثير والتحكم بمواقف وتوجهات الاتحاد, بما يخدم ويحقق مصالح هؤلاء السياسية والخاصة, على حساب المصلحة العامة لأهالي العاصمة في المرحلة المقبلة.
 الملاحظة الثالثة, غياب اي رؤية او خطة مستقبلية جديّة, يطرحها المرشحون على اختلافهم, للنهوض بالاتحاد الى مستوى متميز, تنقل الاداء الرتيب, من الاسلوب التقليدي, المرتكز على وجود الاتحاد كحالة اجتماعية معنوية, بلا اي مفاعيل مؤثرة على الشأن العام, الى هيئة فاعلة,  يُحسب لها كل الحساب على الساحة البيروتية.
الملاحظة الرابعة, تجري انتخابات الاتحاد لاول مرة منذ قيامه, في ظل تشتت المرشحين, من كل وادٍ عصا, بغياب اي مرجعية سياسية فاعلة وداعمة ورافعة للاتحاد, كما كانت ايام الرئيس الشهيد رفيق الحريري وبعده الرئيس سعد الحريري, ما يؤشر إلى امكانية وصول شخصيات متعددة التوجهات والانتماءات السياسية,  غير منسجمة في ما بينها, وكل عضو يعمل باتجاه معاكس للآخر, ما يؤدي حكما الى اضعاف مقومات وفاعلية الاتحاد وتأثيره في الحياة العامة.
الملاحظة الخامسة, لم يُظهر معظم المتنافسين, والطامحين, القدامى والجدد, خلال توليهم المسؤولية بالرئاسة او العضوية, او بالشأن العام, الاهلية المطلوبة التي تخولهم تحمل مسؤولية داخل الاتحاد مجددا, بعدما فشلوا باكثر من محطة اختبار, مر بها الاتحاد بالمرحلة الماضية, وكان غيابهم تاما عن مسرح الاحداث التي مرت بها العاصمة, من أزمات سياسية ومعيشية واجتماعية متتالية, والملاحظ بوضوح انهم لم يحركوا ساكنا,  لما تعرضت له بيروت واهلها من ظلم واجحاف على كل المستويات, من الاقربين والابعدين, طوال الأعوام الماضية, وماتزال ترزح تحته حتى اليوم, بتحولها الى ساحة مستباحة, بكل ممارسات الفوضى, وحرمانها من ادنى مقومات الخدمات الحكومية والبلدية, او معاقبتها بالقطع المتعمد للتيار الكهربائي بالكامل عنها استنسابيا واغراقها بالظلمة الدامسة وكانها مدينة من مجاهل التاريخ. 
لم يقم اعضاء الاتحاد بأي جهد او مبادرة متواضعة مع الشخصيات النافذة والميسورة من بين اعضائه وغيرهم من المقتدرين البيارتة البارزين, للتخفيف من مضاعفات هذه الازمات الضاغطة عن اهلها, ولو بأي لفتة متواضعة على الصعيد الاجتماعي, حتى ولو بإنارة احد شوارع العاصمة بالحد الادنى مثلا, للدلالة على مدى اهتمام الاتحاد وتاثير دوره في بلسمة جراح العاصمة, المثخن بطعنات الحاسدين والحاقدين معا.
ازاء هذه الوقائع الملموسة, يستبعد ان تؤدي محطة الانتخابات المرتقبة, الى اي تغيير مأمول, بما يوازي حمى همروجة التنافس الحاصل بالانتخابات, بوضعية اتحاد جمعيات العائلات البيروتية بالمرحلة المقبلة, في ظل استبعاد العناصر الشابة الكفوءة والقادرة على احداث نهضة تغيرية تواكب تحديات المرحلة, مع استمرار  شلة المسؤولين السابقين, للتشبث في واجهة مسؤولية الاتحاد مرة جديدة, مع مجموعة المنتفعين, لانها لن تتجاوز كونها همروجة تنافس أو حب الظهور, بين مجموعة من المتقاعدين المجربين, والأشخاص الوصوليين, دون طائل.