بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 تشرين الأول 2023 12:02ص جانب الملوك والرؤساء العـرب المحترمين

حجم الخط
أيّها السّادة المحترمين، إننا نخاطبكم من عمق الأزمة وهذا قرار اتخذناه كباحثين وناشطين في الشأن العام وفي ظل الظروف السائدة، وهذا القرار على ما خبرناه من ممارستنا للأكاديمية الفردية والممارسة السياسية الشريفة يحتاج إلى الشجاعة والإرادة والصبر لكي يتحقق ما فيه خير لبنان ومحيطه العربي. إنّ قوة لبنان أيّها الإخوة وهيبته تقوم على التفاهم وتعميق روح الأخوّة العربية وضمان حرية التعبير لكل أفراد المجتمع اللبناني والعمل على إحياء روح التعاون اللبناني - العربي والخلق اللبناني الذي يبني ولا يهدُم ولا ينحاز وينظر إلى المستقبل بتفاؤل.
أيُّها السّادة المحترمين، إنّ رسالتنا الأولى لحضراتكم تحمل في طيّاتها الأمل ليعود لبنان بقدرته ومساعدتكم على تخطّي ما نواجهه عن طريق الحــوار فنُصبح نموذجاً للخروج من الأوضاع التي تعصف بلبنان، لأنّ هذا الوطن وشعبه الأبيّ بما يمتلكانه من تراث وحدوي وشعب مناضل حكيم تجسِّده مجموعة أكاديمية فكرية صاحبة قيادة فكرية حكيمة قادرة على أنْ تتخطى الصعوبات الجمّة.
أيُّها السّادة المحترمين، أولاً - نحن في وطن مأزوم ودولة فاقدة للصفة الشرعية الديمقراطية، وإستناداً لبعض مراكز الأبحاث في لبنان والعالم استطلعنا كأكاديميين آراء اللبنانيين في الإجابة على هذا السؤال: هل أنّ مقاطعة الإنتخابات النيابية ستخدم المقاطعين؟ فكانتْ مبررات المقاطعين الذي فاقوا الـ 59% من إجمالي عدد المقترعين وفقاً لإحصاءات رسمية صدرت عن الجهات الرسمية اللبنانية بأنهم يرون في المقاطعة ثورة على الإقطاع السياسي وثورة هدفها قهر الأحزاب الفاسدة، وإنّ المقاطعة لا تغيِّر النتيجة ولكن لا نريد أن نكون شهود زور على واقع أليم. والجدير ذكره الإنتهاكات التي تمّ تسجيلها وعجز هيئة الإشراف على الانتخابات في القيام بالواجب المنوط بها والأهم قانون الإنتخاب وإدارته. إضافةً إلى تراجع نسب الأحزاب وحلفائهم في مقاعدهم، وممّا أود ذكره أيضاً ودائماً أستند إلى خبراء في القانون حيث أوضحوا: «هذا القانون يفرز لبنان لوحدات طائفية صُغرى وهندسته تصُّب لمصلحة النافذين والأثرياء». علماً أنّ القانون المشكو منه في حالة تقسيم دوائره غير مبني على قاعدة علمية مفهومة وإنما على أساس طائفي يلحظ فقط التوّزع الديمغرافي المذهبي للبنانيين على المناطق، إضافةً إلى أنّ هذا القانون لم يضبط حركة المال السياسي ممّا عزّز الإنفاق المالي الهائل وأثّرَ على حرية الناخبين، إضافة للتناقض الوارد في المادة 62 منه في الفقرة الأولى التي تتناقض ومضمون الفقرة الثانية. وفي المحصلة إنّ المستفيد الأول من هذا القانون جميع المرشحين المتموّلين والمستفيدين من تشوهات الاقتصاد اللبناني، وهذا يعني عملياً أننا بتنا أمام مجلس نيابي غير منتج قاصر منقسم على نفسه والأدلة كثيرة وأهمها عجز النوّاب عن إنتخاب رئيس جديد للجمهورية بسبب الخلافات المستحكمة بينهم.
أيّها السّادة المحترمين، ثانياً - إستناداً للمكتب الإقليمي للدول العربية في منظمة العمـل الدولية تُظهر تلك الدراسة أنها قيّمت ظروف العمل غير المنظّم والأوضاع الهشّة لأكثر اللبنانيين حرماناً. إنّ الأوضاع المعيشية في لبنان متدهورة جرّاء إنهيار قيمة العملة الوطنية وقد أفرزتْ أكبر أزمة تشهدها البلاد منذ فترة الإستقلال، إضافةً إلى الإحتقان السياسي والمذهبي الممارس من قبل تلك السلطة، إلى ظواهر لم تشهدها البلاد بعد إقرار وثيقة الوفاق الوطني كالاشتباكات بالأسلحة وإنتشار السلاح غير الشرعي مهما كانتْ وجهته، إلى إخفاء الأدوية وبيعها في السوق السوداء. أيُّها الإخوة هناك هجرة جماعية في عدد كبير من المحافظات أبرزها قطاعي الطب والتمريض كما قطاع التعليم، والطب والتعليم هما ركيزتان أساسيتان في مدماك الوطن... إنّ الأزمة الحالية ومع تفاقم الشغور في المؤسسات الرسمية عمداً هما الأخطر على مدى تاريخ لبنان المعاصر، وتبرز مرحلياً صعوبة إيجاد الحلول الكفيلة بوقف التدهور في مرحلة أولى كما إستعادة التوازن في مرحلة ثانية. وبالإستناد إلى تقرير صدر عن البنك الدولي حيث صنّف ما يعيشه لبنان بأسوأ ثلاث أزمات مرّت في العالم. والواضح أنّ أكثرية الخبراء ربطوا الأزمة في لبنان بالهدر والفساد الممارسة في من قبل السلطة الحاكمة.
أيُّها السّادة المحترمين، إستناداً لمقدمة الدستور والتي تورد في أحد فقراتها أنّ لبنان عضو في جامعة الدول العربية، وإستناداً لميثاق جامعة الدول العربية ونظراً لحراجة الأوضاع السياسية - الأمنية - الاقتصادية - المالية القائمة، بناءً على ما تقدّم وبصيغة أخويّة على الدول العربية إلتزامات «عربية - دولية» لضمان إتساق جميع أشكال حرمان الفرد من حريته مع القانون الدولي لحقوق الإنسان وتشمل معظم نصوص أحكام القانون الدولي وميثاق جامعة الدول العربية التي تتناول حرمان الأفراد من حريتهم ومعيشتهم اللائقة. إنّ الشعب اللبناني يُعاني من هيمنة الخطابات الغوغائية وغياب مفاهيم السيادة من العوامل المهمة، علماً أنّ ميثاق جامعة الدول العربية وشرعة حقوق الإنسان يؤكدان على أحقية الدول في السيطرة على الدخول إلى أراضيها... أيام صعبة للغاية يعيشها لبنان، شعبنا يئنّ تحت وطأة أزمات هي الأسوأ في تاريخه وتتزامن مع إنسداد سياسي تسبب في عدم إنتخاب رئيس جديد للجمهورية وبالتالي إنتظام المؤسسات.
أيّها السّادة المحترمين، إننا نُطالبكم بصيغة أخويّة عبر سفاراتكم في لبنان للمُساهمة معنا في إيجاد الحلول للأزمات القائمة والتي هي أصلاً نِتاج هذه الطبقة السياسية القائمة وذلك من خلال سماع صوتنا ومساعدتنا في طرح مشروع يقوم على مفهوم «الإنتقال الديمقراطي Democratic Transition» وهو مبحث رئيسي في «العلوم السياسية» حيث يُشير إلى ما يلي «يمكن إعتبار عملية الإنتقال الديمقراطي تكتمل متى توافرت عدة مؤشرات منها على سبيل المثال لا الحصر: وضع ترتيبات دستورية ومؤسسية بالتوافق بين الفاعلين السياسيين المستقلين وغير المرتهنين بشأن النظام السياسي وتشكيل حكومة من خلال إنتخابات عامة تكون حرّة نزيهة، على أن تمتلك هذه الحكومة القدرة والصلاحية على ممارسة السلطة وإقرار سياسات جديدة تعكس حال الإنتقال إلى الديمقراطية، فضلا عن عدم وجود قوى أخرى تنازع السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية صلاحياتها وإختصاصاتها».

* كاتب وباحث سياسي