بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 تموز 2022 12:00ص جماعة السلطة في لبنان مُصابين بحالة الهذيان والإرهاق الفكري

حجم الخط
من المتعارف عليه أنّ كل دولة سيّدة تخضع للقانون ومبدأ من المبادئ الدستورية التي تجتهد كل دولة في تطبيقها وإحترامها ويعني هذا المبدأ بصفة عامة خضوع الحكام وكافة الأجهزة ومؤسسات الدولة المُمَارِسة السلطة للقانون ومثلها مثل الأفراد إلى أنْ يُعدَّلْ أو يُلغى هذا القانون طبقاً لإجراءات وطرق معروفة ومحدّدة مسبقاً.
أنّ الدولة ليست مطلقة الحرية في وضع القانون وتعديله حسب أهوائها. إنّ ما يحصل من تمادٍ في تطبيق القوانين في لبنان إنطلاقاً من المُمارسات الشّاذة التي تُنتهج على أكثر من صعيد تُلزم بإتخاذ إجراءات كفيلة بضبط القوانين وعدم تسييسها وفقاً لأهواء من يُمارسون النظام في لبنان. التعّدي على كرامات اللبنانيين وتجويعهم وممارسة البطش السياسي وإستغلال السلطة والتعاطي بالشؤون اللبنانية خلافاً لنظام العلاقات الدبلوماسية بين الدول يفترض بمن هم معنيين بالأمور السيادية وخصوصاً من يدّعون أنهم «نوّاب سياديين» التوّجه نحو المؤسسات الدبلوماسية العاملة على الأراضي اللبنانية وتوجيه كتاب مفصّل يوّثق الخروقات الدبلوماسية المُمارسة من دولة معينة تجاه الجمهورية اللبنانية حيث ثَبُتْ بالأدلّة أنّ هذه الدولة تحتضن جماعة مُسلّحة وتتكفّل بتمويلها وتسليحها خلافاً للأصول وخلافاً للدستور اللبناني تحت ستار مُحاربة العدو الإسرائيلي بينما عملياً هناك إتفاقية تعرف بـ«إتفاقية الهدنة» تحكم العلاقة على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية بما فيها دولة فلسطين. إنّ «النوّاب التغييريين» على ما أسموا أنفسهم مُطالبين بوضع حد لأمرين، الأمر الأول: وضع حد دبلوماسي لتدخّل إيران في الشؤون اللبنانية والطلب من مجلس الأمن التدخّل بموجب قرار دولي يمنع تدخّلها في الشؤون اللبنانية نهائياً ووضعه حيِّزْ التنفيذ. الأمر الثاني: تكليف ضباط من الجيش وضع استراتيجية دفاعية تصدر رسمياً عنهم للحفاظ على السيادة الوطنية. إنّ هذان الأمران مطلوبين من «النوّاب التغييريين» اليوم قبل الغد.
من الملاحظ أنّ جماعة السلطة في لبنان مُصابين بحالة الهذيان والإرهاق الفكري، وعلى ما يبدو يظهر أنهم ليسوا أصحاب الحل والربط في الأمور المصيرية، هناك من لزّموه الأمور الوطنية مقابل جلوسهم على كراسي باتت لا قيمة معنوية ومادية لها بل هي مُجرّد «خيال». الظاهر أنّ هناك فراغاً تاماً في كل مؤسسات الدولة وهناك من يُقرِّرْ عن السياسيين في لبنان وتأتي التوجيهات من العاصمة «طهران» إلى مركز القرار في «الضاحية» وتُملى المواقف بواسطة «فتاوى» يُطلقها بعض المسؤولين الحزبيين ويُلزمون الدُمى تنفيذها. هناك العديد من المعايير وضعتها هذه السياسة الوافدة إلى لبنان والتي تنسجم مع طموحاتها التوسعية فتعطّلت مهمة تشكيل الحكومة وهذا ما يعكس تخلياً صريحاً ومتعمداً عن هذا الوطن المنكوب من قبل طبقة سياسية فاسدة ومُفسدة. إنّ لبنان وشعبه يواجهان مستقبلاً قاتماً وسط وضع إقليمي ودولي يغلي بتطورات واحتمالات وسيناريوهات مجهولة ليس بإستطاعة أحد التكهُّنْ بنتائجها وفي ظل بعض الموتورين الطامحين إلى توّلي مناصب في الدولة على حساب تجيير السيادة وضرب المؤسسات الرسمية وتبلغ وقاحتهم اللامعهودة أنهم أشبه بـ«العاهرة» عندما تُحاضر في العفة. إنّ الشعب اللبناني يعيش أزمة حادّة تداخلت فيها الأزمات السياسية - الأمنية - الإقتصادية - الإجتماعية - المالية - المعيشية... وباتت تهدِّدْ في انهيارات مفجعة وعلى كل المستويات.

* سفير الجمعية العالمية لحقوق الإنسان، المودّة