بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 آب 2020 12:02ص جهود استثنائية لتشكيل الحكومة قبل الأول من أيلول.. و«حزب الله» يرفض استبعاده

كارثة المرفأ فضحت عجز السلطة وفساد المؤسسات وغياب المحاسبة والمساءلة

حجم الخط
لم يحجب الاهتمام العربي والدولي المتزايد بلبنان بعد كارثة انفجار المرفأ، فداحة الخسائر البشرية والمادية جراء هول ما حدث، وما ألحقه الزلزال المدمر الذي ضرب بيروت ومحيطها من تداعيات على مختلف الأصعدة، في واحدة من أسوأ النكبات التي أصابت البلد منذ عقود طويلة. فهذه الكارثة ما كانت لتصيب اللبنانيين لو كانت هناك دولة تحترم نفسها وتقوم بأدنى واجباتها تجاه شعبها. وما كان لهذا الزلزال أن يضرب العاصمة ويفتك بأهلها قتلاً وتدميراً، لولا التسيب والإهمال من جانب المسؤولين السياسيين عن شؤون المرفأ والأمنيين المولجين بحمايته. وقد فضحت هذه الكارثة عجز السلطة وفساد المؤسسات وغياب المحاسبة والمساءلة. إذ كيف يعقل أن يبقى ما يقارب من ألفين وسبعمائة طن من نترات الأمونيوم موضوعة في الهواء الطلق، من دون أن يحرك المعنيون ساكناً من أجل إزالتها من مكانها، بالرغم من أن كبار المسؤولين السياسيين والأمنيين كانوا على دراية بمدى خطورتها، واحتمال انفجارها في أي وقت؟.

ولأن الأشقاء والأصدقاء يعلمون أن لا دولة في لبنان ولا حكومة ولا مؤسسات، تضطلع بدورها كما يجب من منطلق الحرص على شعبها وتأمين مقومات صموده، فقد هب العالم لمساعدة الشعب اللبناني بعد هذه الفاجعة، حيث قدمت الدول العربية والصديقة مثالاً يحتذى في مد يد العون لضحايا كارثة المرفأ المروعة، من خلال ما قدمته من مساعدات طبية وغذائية منذ الساعات الأولى لوقوع الفاجعة، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على أن لبنان وشعبه ليسا متروكين، انطلاقاً من الحرص العربي والدولي على الوقوف أمام ضحايا الكارثة الرهيبة التي حلت بلبنان وشعبه، وأن يبقى لبنان قادراً على الوقوف في مواجهة الأزمات التي تعصف به على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والمالية.

وتحت هذا العنوان تتكثف المشاورات والاتصالات الداخلية، بعد استقالة حكومة حسان دياب، من أجل تعبيد الطريق أمام تشكيل حكومة جديدة، تحت مظلة هذا الدعم العربي والدولي القائم الذي بدا واضحاً من خلال الجهد الاستثنائي الذي يقوم به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي أبقى خطوطه اللبنانية والإقليمية والدولية مفتوحة، في إطار سعيه للدفع باتجاه ولادة الحكومة الموعودة قبل الأول من أيلول المقبل، موعد زيارته الثانية إلى لبنان. وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على الحرص الفرنسي على عدم غرق لبنان، بالنظر إلى الظروف البالغة الصعوبة التي يواجهها. ولذلك فإنه واستناداً إلى المعلومات المتوافرة لـ«اللواء»، فإن الأيام المقبلة ستشهد حركة سياسية مكثفة، بين المقار الرسمية والحزبية، في إطار تقريب وجهات النظر بين القيادات السياسية، من أجل التوافق على الحكومة الجديدة التي تحتاج إلى جهود غير عادية للتوافق عليها قبل الأول من أيلول، سيما وأن البحث سيتركز على شكل هذه الحكومة، في ظل استمرار التباين حول ما إذا كان المطلوب أن تكون حكومة وحدة وطنية، أو حكومة مستقلين لا تضم القوى السياسية. وهو ما يطالب به رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري، مدعوماً من رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، في حين أن «حزب الله» وحركة أمل وحلفاءهما يدفعون باتجاه تشكيلة وحدة وطنية، انطلاقاً مما قاله الرئيس ماكرون خلال زيارته الأخيرة لبيروت.

الاتجاه الفرنسي يميل إلى حكومة وحدة وطنية لتأمين الغطاء السياسي المطلوب

وبانتظار أن تحدد دوائر رئاسة الجمهورية مواعيد الاستشارات النيابية الملزمة التي سيجريها رئيس الجمهورية ميشال عون، لتسمية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، فإن المسؤولين الرسميين يريدون معرفة ما يحمل الموفد الأميركي دايفيد هيل في جعبته، بالنسبة للملف السياسي وما يتصل بالوضع الحكومي تحديداً، وما إذا كانت واشنطن تتبنى وجهة النظر الفرنسية لجهة الحرص على تشكيل حكومة وحدة وطنية، تضع برنامجاً للإنقاذ الاقتصادي والمالي، يحظى بثقة المجتمع الدولي، في وقت تشير المعلومات إلى أن الولايات المتحدة ما زالت على موقفها الرافض بضم «حزب الله» إلى أي حكومة قد تشكل. وهذا الأمر لن يساعد بالتأكيد على الإسراع في ولادة الحكومة، باعتبار أن «حزب الله» يرفض استبعاده عن الحكومة الجديدة، لأنه يعتبر ذلك استهدافاً أميركياً مباشراً له، لا يمكن القبول به على الإطلاق.

وكشفت المعلومات المتوافرة لـ«اللواء»، أن الاتجاه الفرنسي يميل في الغالب إلى حكومة وحدة وطنية، لتأمين الغطاء السياسي المطلوب للخطوات الإصلاحية الصعبة التي لا بد منها لإخراج لبنان من مأزقه، حيث كان لافتاً اتصال الرئيس ماكرون بالنائب السابق جنبلاط ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، في إطار جهوده لتذليل العقبات التي قد تعترض تشكيل هذه الحكومة، لاعتبار أن أطرافاً داخلية ليست متحمسة كثيراً لهذا النوع من الحكومات، بعدما دلت التجربة على فشل هذه التركيبة الحكومية، على ما حصل خلال العقود الماضية، في وقت يثير الحديث عن عقوبات أميركية جديدة على «حزب الله» خشية من تعقيد عملية تشكيل الحكومة، وبالتالي إطالة أمدها، بعدما بعث الحزب بإشارات إلى رفضه تسمية القاضي نواف سلام لرئاسة الحكومة، ما يرفع من أسهم الرئيس الحريري الذي لا يزال حتى الآن، رافضاً لتشكيل حكومة وحدة، كونه كما تقول مصادره لـ«اللواء»، ليس مقتنعاً لهذا النوع من الحكومات، وما زال على مواقفه التي أعلنها غداة تقديم استقالة حكومته في تشرين الأول الماضي.