بيروت - لبنان

اخر الأخبار

18 كانون الثاني 2024 12:01ص حركة الوعي باتتْ حاجة ماسّة

حجم الخط
من المؤسف أنْ يَصْعَبْ علينا في هذه المرحلة الحرجة سَماع صوت العقل عند زعماء حكموا لبنان خلافاً للنظام الديمقراطي حيث عمدوا إلى تزوير إرادة الشعب عبر إقرار قانون إنتخابي فُصِّلَ على قياس مصالحهم وكانتْ النتيجة أن تقاسموا أجهزة الدولة بأكملها. يستحيل علينا وسط غُبار الإنهيار المتدحرج أنْ نقرأ أي بادرة أمل في وطن أنهكته الصراعات الشخصانية، وطن جمهوره واسع مثقّف ولكنه مُشتّت مرهـون لإرادة زعامات لا تُدرك معنى الوطنيّة ولا تُعير أي إهتمام لأي مصلحة لبنانية.
لم أكن كباحث وعضو ملتزم في مركز أبحاث PEAC مضطراً إلى متابعة معطيات السياسة الحالية إنْ لم تكُنْ أساساً من صلب إختصاصي، إلى حين وجدتُ نفسي وشعبنا ندفع الثمن من خلال هذه الممارسة السياسية الفاشلة التي بسببها إنهارت كل ركائز الجمهورية اللبنانية ووقعنا والشعب اللبناني ضحية إنهيار الأخلاقية السياسية وضحية سقوط العدالة الإجتماعية، والملفت أننا نُمنع من التعبير عن رأينا، كما نُمنَع وجبراً من اتخاذ خيارات محددّة توقف هذا الإنهيار والمانع هي هذه السلطة الجائرة.
حالياً وللأسف لا يزال الفشل السياسي مُهيمِن على كافة المستويات وهـو على ما يبدو سيِّد الموقف، وإستناداً إلى أبواب العلوم السياسية يُصنّف هذا الوضع بأنه «فشل سياسي بإمتياز في إدارة الملف اللبناني»، والمسؤولية وبعد إستشارة أكثر من مرجع بحثي عربي ودولي تقع حُكماً على الطبقة السياسية الحاكمة. للحقيقة وبعد خبرتي المتواضعة وبعد إنخراط مركزنا البحثي PEAC مع كتّاب ومراجع عربية ودولية كلها أجمعتْ على أنّ أسباب ومسببات هذا الفشل الذريع وكلها موضوعية تتلخّص في العامل السياسي الداخلي والإرتهان للخارج وما جرى من تبعيّة للذين يتعاطون الشأن العام في لبنان.
المال السياسي، الإرتهان للخارج، سياسة المحاور، الأجندات المحلية - الإقليمية، عوامل الأنانية، الجماعات الإيديولوجية الطارئة على الفكر السياسي اللبناني، كلها تكوّنتْ على حساب المصلحة الوطنية للشعب اللبناني والجمهورية المنهارة، الشعارات السياسية التي تُرفع من قبل زعامات الأمر الواقع والتي يتُّم تبريرها وإرجاع أسبابها إلى ما يُعرف بـ«التصحُّر السياسي»... جميعها جعلت من الجمهورية اللبنانية مزرعة لأصحاب المصالح وللسلاح غير الشرعي، كما جعلتْ من الشعب اللبناني مجموعات طائفية - مذهبية متناحـرة.
في هذه المرحلة السيئة وأمام الركود الاقتصادي تُعّـد قضية الدين العام المتوّجب على الخزينة اللبنانية القضية الأساس في مسار هذا الإنهيار المالي والاقتصادي وحتى الإجتماعي، حيث لا خطط إنقاذية، وإنّ إحتساب الدين العام على عدد الشعب اللبناني المقيم والبالغ وفقَ أرقام غير موّثقة حوالي أربع ملايين لبناني لنسأل أهل القرار في لبنان علمانيين وروحيين لماذا تخطّى الدين العام المئة مليار دولار وما هي الأسباب الموجبة لهذا التخطي السافل؟ أليست الموازنات وهدر المال العام والسرقات الموصوفة التي قام بها زعماء الأمر الواقع المنتمية لتلك الطوائف التي تديرها بطريركيات ودور فتوى ومراكز دينية مختلفة؟! ألا تخجل تلك المراجع الدينية من سطوة هؤلاء على المال العام؟ ألا تخجل تلك المرجعيات عندما تُمارس مهامها الدينية أثناء الصلاة في الكتب السماوية؟ لم يُعد تكفي العظات من على المذابح والمنابر... من يتحمّل الجزء الأكبر من هذا الهدر المالي أليس القيادات السياسية والعلمانية؟!
كلنا نتذكر حركة الوعي في أواخــر ستينات القرن الماضي حيث كانتْ تستقطب فئات واسعة من الجامعيين، وكانت طريق الخلاص لو وتمّ الإعتماد عليها في حينه. نحن بحاجة فعلياً لحركة وعي فكرية عملاقة تُضاهي هذه الأحزاب المهترئة والأسباب الموجبة لهذه الحركة كثيرة منها الفكر الإلغائي، إنتشار السلاح غير الشرعي، تزوير الديمقراطية، شرذمة الشعب اللبناني، لذا نحن أمام خيار حاسم، ومُطالبين بإتخاذ الخيار الحاسم ألا وهــو الوقوف في وجه هذه الطبقة السياسية الفاسدة ويجب أن يكون لدينا رؤية وطنيّة موّحدة في المواقف والخطوات.
إنني بإسمي وبإسم مركز الأبحاث PEAC نتطّلع لحركة وعي وطنيّة تضم شُبّاناً لبنانيين وطنيين إلى إحداث تغيير واسع في الخريطة السياسية اللبنانية وكسر هذه السياسة الفاشلة منذ زمن. إنّ الجيل الشبابي مُطالب بوقفة عز تؤثّر ولا تتأثر بهذه السياسة الفاشلة.

* كاتب وباحث سياسي