بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 أيار 2020 12:01ص حوار مع صديق

حجم الخط
قال لي الصديق: أنا مع جمع الصفّ رغم كل ما حصل ويحصل، لأن وضع الطائفة السُنّية اهتزّ كثيراً وتأزّم.

قلت له: وأنا أيضاً مع جمع الصفّ، والاختلاف بيني وبينك قائم على أن نظرتك إلى جمع الصف هي الاصطفاف وراء «زعيم» بعينه.

قال لي: وهل هناك حالياً بديلاً له؟

قلت له: هناك كثُر يصلحون للعمل العام، ولكن نحن لا ننظر من حولنا، ولا نتيح لهم الفرصة. علينا أن نتوقف عن البحث عن زعامات نخدمها، لأننا نحتاج إلى عاملين في الشأن العام يعملون لخدمتنا.

قال لي: وهل يعني هذا ان نتخلى عن سياسيينا الحاليين؟!

قلت له: نعم، وشعار «كلن يعني كلن» يشمل الفاسدين الذين عاثوا فساداً، ويشمل اللامبالين الذين كانوا يتفرجون فحسب، ويشمل أيضاً الجيّدين الذين حاولوا وفشلوا ... «كلن يعني كلن» يجب أن يحيدوا عن الدرب وأن يُتيحوا فرصة لسياسيين جُدد ورؤية جديدة.

قال لي: ومن أين ستأتي هذه القيادات الجديدة؟!

قلت له: من رحم المصاعب والأخطار تولد القيادات الجديدة، وإلا فكيف ظهرت القيادات في التاريخ؟ كيف ظهر صلاح الدين ولينين وستالين وتشرشل وديغول وتيتو وفؤاد شهاب وعبد الناصر وشي غيفارا وماوتسي تونغ وأبو عمار واحمد بن بلا وعمر المختار وغيرهم؟ نحن لا نأتي بهم ... هم يظهرون وينبتون من رحم الأحزان واليأس والحصار، واستجابة لمطالب الناس وآمالهم، وفي اللحظات المصيرية من حياة الأمم.

قال لي: هذا يعني البداية من الصفر.

قلت له: في الزراعة يتم بين الحين والآخر حرق البيدر وترميده وقلب التربة وتعريضها للشمس والهواء ... ثم زراعة صنف جديد.

قال لي: هذا في الزراعة، لكن إن فعلت هذا في السياسة فقد يؤدي الى أن يتبخّر مكانك وتستولي عليه الأطراف الأخرى، وفقاً لنظرية ملء الفراغ.

قلت له: علينا أيها الصديق أن نعتاد على تغيير القيادات، فإن بقاء الحال من المحال، فالموت أو المرض، أو تغير أحوال المنطقة، قد يذهب بالقيادات الحالية، وربما لا يتركون خلفهم وريثاً أو بديلاً ينتهج نهجهم.

قال لي: أنظرُ بغصّة إلى استمرارية قيادات الآخرين ورسوخها فلم لا ينطبق هذا علينا؟ وبالرغم من ضعف قياداتنا، أخشى أن لا تظهر قيادات بديلة!

قلت له بحزن: إذا كان في طائفتنا عقم في انتاج القيادات، ساعتئذ يجب أن تزول الطائفة، فنحن لسنا أهم وأرسخ من الفراعنة والروم والرومان والإنكا وغيرهم من الأمم والحضارات التي بادت!

قال الصديق: لكننا نحن موعودون بالنصر إن شاء الله.

أجبت: إن شاء الله دائماً وابداً ... والله عند وعده، لكنه ينصر «المؤمنين» ولا ينصر المسلمين أو التيارات السياسية أو التجمعات المناطقية أو غيرها...

وأضفت وأنا اودّعه إلى لقاء: سامح الله «زعماءنا»، وهداهم، وشفاهم من أمراض الأوباش الذين حولهم. أسعدهم الله وأبعدهم عنّا رحمة بما تبقى من كيان لهذه الطائفة، لأن وجودهم يُطيل في معاناتها وتتوقف عن البحث عن حلول وبدائل ومخارج أخرى، ويبقى الناس عاجزون منتظرون أن يتفتق عن «الزعماء» فيضٌ ما يُخرج الناس من النفق المسدود!!